يتباهي بعض اللاجئين بنشر صورهم أو صور أبنائهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ربما تكون الصورة كوسيلة للتواصل مع أقاربهم، لكن هذه الصورة قد توقعهم في متاهات قانونية لا تحمد عقباها!
صورة لأبنائي في فصلهم المدرسي" أو "عيد ميلاد أبنائي بين أصدقائهم من المدرسة"، أو صورة سيلفي وأصدقائي خلفي" كثيرا ما نرى عبارات كهذه مرفقة بصور ينشرها مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي على حساباتهم الشخصية. لين هي واحدة من بين التلميذات التي لجأت إلى ألمانيا مع عائلتها هربا من الحرب الدائرة في سوريا. وتعد لين (14 عاما) من بين المحظوظات، إذ حصل والداها على حق اللجوء الكامل بعد فترة قصيرة من وصول العائلة إلى ألمانيا، ما يعني أنها لم تضطر إلى الانتظار طويلا في نزل اللاجئين، كحال الكثير من اللاجئين الأخرين، وبذلك تم تسجيلها مباشرة في إحدى المدارس الألمانية في مدينة بون.
صحيح أن لين بدأت حياة جديدة في ألمانيا وأصبح لديها أصدقاء جدد، لكن ذلك لم يهون عليها فراق أصدقائها حسبما تؤكد الشابة السورية في حوارها لموقع مهاجر نيوز "أجبرت على ترك مدرستي وصديقاتي اللواتي عرفتهم منذ الطفولة، للسفر مع أهلي، وهو ما يؤلمني كثيرا، فأنا أحب صديقاتي ولا يمكنني أن أنساهم".
عبر مواقع التواصل الاجتماعي تسعى لين للتواصل مع صديقاتها "بعضهم غادر سوريا وبعضهم لازال يعاني من ويلات الحرب" تقول لين. ولأن الصور هي أفضل وسيلة لتعريف صديقاتها القدامى على حياتها الجديدة، تنشر لين جميع الصور التي تلتقطها سواء صورها وسط المناظر الطبيعية أو حتى صورها مع صديقاتها الجدد.
نشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي قد تؤدي إلى الملاحقة القانونية وغرامة مالية
هل نشر الصور ممنوع؟
ليست لين وحدها تهوى نشر صورها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بل حتى عائشة وهي مهاجرة تركية تعيش في ألمانيا منذ 20 عاما. عائشة نشرت صورة على فيسبوك لجلسة نسائية في حديقة منزلها، وعلى الصورة ظهرت جميع الحاضرات، دون أن تعرف أن هذه الصورة كانت ستكلفها "عقوبة شديدة"، إن لم تتدارك الأمر في الوقت المناسب، حسبما أكدت عائشة في حوارها لموقع مهاجر نيوز: "لم أكن أعلم أن إحدى الحاضرات لا ترغب بأن تظهر صورتها على الفيسبوك، وعندما رأت صورتها اتصلت بي وأعلمتني بأنها ستتخذ إجراءات قانونية إن لم أمح الصورة مباشرة".
فهل نشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي ممنوع في ألمانيا؟ على هذا السؤال أجابت تاتيانا هالم من مركز حماية المستهلك، أن أي شخص يظهر في الصورة وهو مبتسم ومستعد لالتقاطها، فإن ذلك يعتبر"موافقة افتراضية" على التقاط صورة له من الناحية القانوينة. لكن نشر هذه الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي أمر أخر، إذ يحتاج المصور إلى موافقة الشخص مرة أخرى قبل أن يقوم بنشرها، حسبما يؤكد الخبير القانوني في مجال الإعلام برنارد كنيس، ما يعني أنه من غير المسموح نشر صور بدون الحصول على موافقة شخصية من قبل الأفراد الظاهرين على الصورة، أو أولياء أمرهم في حال كانوا قاصرين. وتشير هالم من مركز حماية المستهلك، إلى أن عشاق نشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، عليهم مراعاة حقوق الملكية الفكرية لدى نشرهم صور، لم يلتقطوها بأنفسهم وحصلوا عليها من مصورين آخرين.
عقوبات باهظة الثمن!
استفسر مهاجر نيوز عن عواقب نشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي لدى "غي غي إر" وهو مكتب استشارات قانونية متخصص بحقوق النشر والإعلام في مدينة ماينز. وبحسب المكتب، فإن "من يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب وانستغرام وغيرها ويرغب بنشر الصور والفيديوهات ومقاطع موسيقية ، فعليه أن يقوم بذلك بشكل قانوني. أي أنه على الأشخاص والشركات أيضا مراعاة حقوق النشر والحقوق الشخصية وحقوق العلامات التجارية قبل نشر أي صورة، لتفادي عقوبات باهظة الثمن".
وبحسب مكتب الاستشارات القانوينة، فإن نشر الصور بدون مراعاة حقوق النشر الشخصية، يتسبب في عقوبة مالية باهظة الثمن، إلى جانب عقوبات أخرى مثل القيام بأعمال خدمة مدنية، كأن يقوم ناشر الصور في العمل في دار المسنين مثلا لمدة شهر كامل.
دالين صلاحية/ المصدر: مهاجر نيوز ، DW