محاصرة الثائرين لمنزل عثمان بن عفان رضي الله عنه

لم يكن هدف جماعات الثائرين على الخليفة عثمان بن عفان المبدئي قتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه ولا حتى خلعه، بل الضغط عليه من خلال وسائل استعراضية مختلفة لحمل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه على تعديل نهجه في الحكم، ومحاسبة المسئولين عن الأخطاء والتجاوزات، والدفاع عن مصالحهم المتمثلة بسيادة أعرافهم وقيمها في إدارة الشئون العامة، في مقابل ما يُمثِّله من نهجٍ جديدٍ يسعى للتقييد من ملكيتهم لفيء الفتوح وإخضاعهم لإدارةٍ سياسيةٍ مركزيةٍ مستقلَّةٍ عنهم، ولعل هذا ما توحي به -على الأقل- ضآلة قوة جماعات الثائرين العسكرية، ومن أجل ذلك قدَّمت جماعات الثائرين مطالبهم التالية إلى الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه:

- العمل بكتاب الله وسنة نبيه.

- لا يأخذ أهل المدينة عطاء.

- تخصيص مال الفيء لمن قاتل عليه بالإضافة إلى الصحابة رضي الله عنهم، كما يُعطى المحروم منه.

- تأمين الخائف وردِّ المنفي.

- لا تجمر البعوث.

- رفع الظالم.

- خلع كلَّ والٍ لا ترضى عنه الأمصار[1].

تكشف هذه المطالب أنَّ هناك إجراءات اتُّخذَت في السابق وتسبَّبت في الانفجار، لا سيَّما تخفيض أو إلغاء العطاء، وإطالة مدَّة البعوث خارج الأمصار؛ وهو ما يعرف بالتجمير[2]. وهكذا تتعلق المطالب بإلغاء تدابير متخذة بحقِّ محرِّضي الأمصار.

استجاب عثمان بن عفان رضي الله عنه لهذه المطالب؛ لأنَّه أراد أن يُعالج الموقف باللين والسياسة لا بالعنف والشدَّة، خوفًا من إراقة دماء المسلمين، واشترط على الثائرين ألَّا يشقُّوا عصا الطاعة، وألَّا يُفارقوا الجماعة، وبالتالي حصل الثائرون على الحدِّ الأدنى المقبول لمطالبهم، وانتهت المناقشات بوعدٍ علنيٍّ قطعه عثمان بن عفان بالتخلي عن كافَّة التجاوزات، وهو اعترافٌ بالأخطاء السابقة، وكتب إلى المسلمين بعامَّة وأهل الأمصار بخاصَّة كتابًا تضمَّن موافقته، وغادرت وفود الأمصار المدينة عائدةً إلى أمصارها، وبدا وكأنَّ الأزمة قد انتهت، وحافظت الأمَّة الإسلاميَّة على وحدتها، ويُعدُّ هذا -إذا ما تحقق- نجاحًا بالغ الأهمية بالمقارنة مع حلِّ أزمةٍ بالغة الخطورة.

يبدو أنَّ العامل السياسي سرعان ما استرجع دوافعه من واقع التجاوزات التي ذُكِرت من جهة والجوِّ المشحون من جهةٍ أخرى، وتبيَّن أنَّ التفاهم -وتوبة عثمان بن عفان رضي الله عنه- كان مرحليًّا وآنيًّا؛ لأنَّ واقع القضايا المطروحة كان يُدفع باتجاه الصدام المسلَّح، وسرعان ما حدثت الانتكاسة؛ فمن الممكن أنَّ عثمان بن عفان أبدى تصلُّبًا، أو أنَّه تأثَّر بتأليب حاشيته التي تسودها شخصية مروان بن الحكم، وشعر الثائرون من جانبهم بالتنكُّر لهم، ومن المحتمل أن تكون الفئات الحاقدة بين القادة المصريين قد أرادت التخلص من الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وأنَّها وجدت لذلك الأمر ذريعةٌ من واقع رسالة عثمان رضي الله عنه المرسلة إلى والي مصر بعد الاتفاق مباشرة، وقد تضمَّنت أمرًا خطيًّا منه بمعاقبة قادة المجموعة المصرية إمَّا بالجلد والتعذيب وإمَّا بالصلب والإعدام، وقد وقعت الرسالة في أيدي المصريين[3]، ويدلُّ ذلك إمَّا على تبدُّل موقف عثمان رضي الله عنه، أو على تغييرٍ في موقف حاشيته الأموية القوية والفاعلة التي رأت في موقف الخليفة عثمان تنازلًا منه عن حقوقٍ مكتسبةٍ لها -وهو الأرجح- بدليل أنَّ عثمان بن عفان رضي الله عنه أقسم بأنَّه لم يكن يعلم شيئًا لا عن الرسالة ولا عن مضمونها[4]. وتُظهر رواياتٍ أخرى تردُّد عثمان بن عفان رضي الله عنه في تنفيذ وعوده، وتمسُّكه بقرار الدولة المستقل، وعزمه على عدم إفراغ السلطة من مضمونها[5] وإن تطوَّر الأمر حتى الصدام المسلح، ويبدو من ذلك أنَّه كان المسيطر الفعلي على قراراته، وأنَّه لم يكن ألعوبةً في يد مروان بن الحكم[6]، لذلك فإنَّ الروايات التي تتحدَّث عن الرسالة التي تأمر بتعذيب وصلب قادة المعارضة في مصر -التي يُقال: إنَّ عثمان أرسلها إلى واليه على مصر- تستوجب الرد.

الواقع أنَّ الأمور كانت تسير بسرعةٍ نحو الصدام المسلح، نُلاحظ ذلك من عودة الثائرين وتلاحمهم وائتلافهم ضدَّ عثمان بن عفان على الرغم من نفيه وإنكاره وإبداء رغبته في التهدئة.

سيطر الثائرون على المدينة؛ إذ لم تكن المدينة في وضعٍ عسكريٍّ يحول دون ذلك بفعل توزيع القوى المسلَّحة في القواعد والأجناد والثغور، ومن هنا كانت مهمة الثائرين يسيرة؛ بحيث أنَّ الثائرين تنقَّلوا في عاصمة الخلافة دون أن يعترضهم أحد، ومنع الثائرون الناسَ من الاجتماع، وابتزوهم، ووضعوا السيف في من تعرَّض لهم فتفرَّق أهل المدينة في حيطانهم، ولزموا بيوتهم، لا يخرج أحدٌ منهم ولا يجلس إلا وعليه سيفٌ يمتنع به من حصار القوم[7].



اختلاف مواقف الصحابة رضي الله عنهم من أحداث الفتنة

تجاه هذا التغير في المواقف والتطور السلبي للقضية، انقسم الصحابة الموجودون في المدينة إلى ثلاث فئات:

الفئة الأولى: هي التي بدَّل أصحابها موقفهم كليًّا فانفضُّوا من حول الخليفة بعد أن كانوا قد أمدُّوه بنصائحهم وتوسَّطوا بينه وبين الثائرين، وترك هؤلاء الصحابة الخليفة يُواجه مصيره؛ ذلك أنَّهم اعتقدوا أنَّ الخليفة عثمان رضي الله عنه نكث بالوعد الذي قطعه لإصلاح نفسه[8]، وقبع هؤلاء الصحابة في بيوتهم بعيدين عن المأساة التي تدور تحت سمعهم وأبصارهم، وإنَّه موقفٌ حياديٌ لكن متخاذل سوف يُساعد الثائرين المحاصرين لدار عثمان بن عفان رضي الله عنه بصورةٍ غير مباشرة[9].

الفئة الثانية: هي التي ساعد أصحابها الثائرين وشاركوا في الحصار؛ فقد دفع طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه بعشيرته تيِّم إلى المشاركة، وهو الطامع علنًا في الخلافة[10]، كما أظهر البدو وخزاعة من أسلم وغفار عداءً شديدًا تجاه عثمان بن عفان رضي الله عنه، وانضمُّوا إلى صفوف الثائرين وشجعوهم، حتى إنهم شاركوا في القتل[11]، هذا بلا شك بدافع الحقد الطبقي؛ ولأنهم مبعدون عن السلطة.

الفئة الثالثة: وهي التي استمر أصحابها على دعمهم للخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ فقد أرسل عليُّ بن أبي طالب ابنه الحسن رضي الله عنهما للدفاع عن دار عثمان رضي الله عنه في وجه المهاجمين، كما أنَّ عليُّ سيرسل قرب الماء إلى الخليفة عثمان، وأرسل الزبير بن العوام ابنه عبد الله رضي الله عنهما -أيضًا- ليقف إلى جانب الخليفة في مواجهة المحاصرين[12].



مقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه

في هذا الموقف الخطير والحَرِج استنجد عثمان بن عفان بمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما في دمشق، وطلب عثمان بن عفان من معاوية رضي الله عنهما أن يُرسل إليه النجدات على وجه السرعة لمواجهة الثائرين المحاصرين لداره، لكنَّ التعزيزات تأخرت؛ فقد تربَّص معاوية رضي الله عنه الذي كان يُراقب الموقف عن كثب -ربما لحسابات سياسية- في الوقت الذي أدرك فيه أنَّ سقوط الخليفة بات وشيكًا، ممَّا يفتح الباب على مصراعيه أمام معاوية رضي الله عنه لإعلان خلافته في دمشق باسم حقِّ الوراثة في الأسرة الأموية، ومع ذلك لا يُمكن تجريد معاوية رضي الله عنه من التفكير العاطفي الطبيعي آنذاك ومما يُملي من روابط وشعور ومساندة، فمن المستحيل أن تُعزى إليه حساباتٌ تذهب إلى حدِّ تمني موت ابن عمِّه عثمان، وربَّما كانت العاقبة الأكثر احتمالًا هي فقدان معاوية رضي الله عنه لمنصبه، أمَّا التأخُّر في إرسال التعزيزات فمردُّه إمَّا إلى التأخُّر في طلب النجدة ذاتها من جانب عثمان بن عفان رضي الله عنه، وإمَّا إلى طابع الأمر غير المألوف؛ إذ عندما وصلت القوة الشامية إلى وادي القرى بلغ أفرادها قتل عثمان فرجعوا[13].

سيدوم حصار عثمان بن عفان رضي الله عنه أربعين يومًا[14]، ويدل ذلك على أنَّ الثائرين لم يكونوا حتى هذه المرحلة راغبيين في قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ بل الضغط عليه من أجل تسليمهم مروان بن الحكم زعيم بطانة عثمان رضي الله عنه الذي حمَّلوه مسئولية تصعيد الأمة ووصولها إلى حدِّ الانفجار، ولكنَّ الثائرين منعوا عثمان بن عفان رضي الله عنه من ممارسة سلطاته مثل إمامة الصلاة، وطُرِد من المسجد بالحجارة[15]، لذلك جرى الحفاظ على حياته طيلة تلك المدَّة التي حفلت بالجدل حول مسألة هدر دم عثمان بن عفان رضي الله عنه واستباحته، والبحث عن مبرِّراتٍ شرعية تسمح بقتل الشخص الذي يُسبِّب الفساد في الأرض[16]، ثُمَّ صعَّد الثائرون إجراءاتهم ضدَّ عثمان بن عفان رضي الله عنه فمنعوا الماء والطعام عنه[17] ورجموه بالحجارة، وأخذ الثائرون يُعدُّون العدَّة للتخلُّص من عثمان، ولم يقع مقتل عثمان رضي الله عنه إلا بعد أن يئس الثائرون من قضيَّتهم مستبقين حملات الدعم التي كانت أخبارها تصل تباعًا إلى المدينة، بالإضافة إلى أنَّ عثمان رضي الله عنه رفض رفضًا مطلقًا أن يخلع نفسه: "فلا أنزع قميصًا قمَّصنيه الله عزَّ وجلَّ وأكرمني به، وخصَّني به على غيري ...". وفي روايةٍ: "أمَّا الخلع، فما كنت لأخلع سربالًا سربلنيه الله ..."[18]. ومعنى ذلك أنَّ الخلافة هبةٌ من الله، ومسئوليةٌ صادرةٌ عنه، وأنَّ الإنسان لا يملك حقَّ التهرب من ذلك، وبالتالي لا يُمكنه أن يستقيل، ولا يجوز إسقاطه[19].

وفي النهاية، كان على المحاصرين أن يتناقشوا في فكرة القتل، وقد حذَّرهم عثمان بن عفان رضي الله عنه من ذلك لمخالفتها التعاليم الإسلامية من جهة، ولأنه سوف يترتَّب عليها نتائج بالغة الخطورة على الصعيدين الداخلي والخارجي من جهةٍ أخرى[20]. لقد حدث ذلك خلال يوم الدار -دار عثمان بن عفان رضي الله عنه- عندما قرَّر الثائرون فجأة الانتقال إلى التنفيذ العملي، وقد استغلَّ الثائرون مقتل أحد عناصرهم نتيجة إصابته بحجرٍ أو بسهم من قِبَل أحد المدافعين عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، فأشعل الثائرون النَّار بأبواب منزل عثمان رضي الله عنه، وجرت بعض المناوشات بين الثائرين وبين المدافعين عن عثمان رضي الله عنه.

ثُمَّ حدث أن أحجم عثمان بن عفان رضي الله عنه عن الدفاع عن نفسه، وسرَّح المدافعين عنه، وقدَّم عثمان نفسه كضحيةٍ مستعدةٍ للموت وهو يتلو آياتٍ من القرآن، وفجأة تراجع المهاجمون عن الدار، لكن بعضهم ممَّن عزم على قتل عثمان رضي الله عنه، وقد تورَّع الثائرون عن الدخول من الباب فتسلقوا دارًا مجاورة؛ فقد فتح عمرو بن حزم الأنصاري -جار الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه- باب داره فدخل منه القتلة، واستقروا في جوف الدار، ودخلوا غرفته وتجاسروا على طعن الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه عدَّة طعنات، ثُمَّ انكبُّوا عليه بضراوة، كانوا ثلاثة أو أربعة من القادة المصريين وكوفيٌّ واحدٌ عدَّه بعضهم في عداد المصريين هو عمرو بن الحمق الخزاعي[21]. حدث ذلك في "18 ذي الحجة 35هـ= 17 يونيو 656م"[22]، وجرى دفن عثمان بن عفان رضي الله عنه ليلًا وسرًّا بعد ثلاثة أيام في أسوأ الظروف[23].



تعقيب على مقتل الخليفة عثمان بن عفان

هكذا وقع حادثٌ كبيرٌ وخطيرٌ في تاريخ الإسلام، قاتمٌ ومأساويٌّ لفصلٍ مثيرٍ في تاريخ الخلافة الراشدية التي أضحت أمام منعطفٍ خطيرٍ سيترتَّب عليه عواقب وخيمة على الأمة الإسلامية بعامَّة، من واقع الانشقاقات والانقسامات النهائية؛ لأنَّ الهدوء سوف لن يدوم طويلًا بعد عثمان بن عفان رضي الله عنه، فانطلق داخل الأمة عنفٌ واسعٌ دمَّر الطاقة الإسلامية الذاتية، وشلَّ نهوض الأمة بما يتماثل والمراحل السابقة في عهدي الخليفتين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فانقسم المسلمون إلى جماعاتٍ وأحزابٍ متناحرة تفجَّرت في الحرب الأهلية، إنها إحدى أخطر المراحل في التاريخ الإسلامي، وقد تفوَّقت بنتائجها السلبية على حركة الرِدَّة التي أمكن حصرها والقضاء عليها، وبرزت قوَّة الأمصار على حساب قوة المدينة بخاصة والحجاز بعامَّة، التي سوف تتراجع وتتوارى في الظل.

كان مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه العنيف تاريخيًّا ومأساويًّا. تاريخيًّا؛ لأنَّه كان ضاغطًا على التاريخ السياسي طيلة قرنين أو ثلاثة، وتسبَّب بانشقاقاتٍ مذهبيَّةٍ عميقة من واقع انقسام المسلمين إلى سُنَّةٍ وشيعة، وأطلق نزاعاتٍ بالغةَ الخطورة من حروبٍ أهلية وعنفٍ فتاكٍ داخل الأمة الإسلامية، ولم تلتئم الجراح حتى يومنا هذا.

ارتبطت بالمقتل مباشرة تلك المرحلة من سنوات الفتنة الخمس المتطابقة مع خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ثُمَّ كان التطور البطيء للحدث ويستند إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وليس إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ أي سوف يدخل على الخطِّ السياسي لاعبون جدد وراءهم خلفية تاريخية مثقلة بالاحتدام؛ بحيث أنَّ مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه لم يكن إلا ذريعة، ومع ذلك تدين الأسرة الأموية بقيامها إلى عثمان رضي الله عنه، ويسترعي الانتباه كلٌّ من علي، وطلحة، والزبير، وعائشة زوجة النبيِّ ومعاوية رضي الله عنهم. وفوق ذلك شعرت الأمة الإسلامية كلها بأنها معنية بالصراعات، وكان الرهان هو السلطة، والمطامع، والمطامح، والمحاسد، ورغبة الانتقام، بغضِّ النظر عن الوعي أو عدمه[24].

مأساويًّا؛ حيث كانت المأساة حاضرة بدءًا من اللحظة التي قُتل فيها خليفة المسلمين عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي واجه الموت وحيدًا، مرورًا بظروف دفنه عندما رفض الثائرون أن يُدفن كأحد المسلمين، ولن يتمَّ ذلك إلا عندما اعترضت إحدى بنات عمِّه -أمِّ حبيبة رضي الله عنها زوجة النبيِّ صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين- وأصرَّت على دفنه بشكل يليق به، فجرى دفنه ليلًا وفي الخفاء[25].

أثبتت الفتنة التي عصفت بالمسلمين -ومقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه- تضاربًا في المصالح بين بعض كبار الصحابة رضي الله عنهم والقائمين على الشئون العامة، وقد وصلت إلى مرحلةٍ نزاعيةٍ تصادمية، وسبَّبت انقسامًا حادًّا بين المسلمين بعامَّة، وشكَّل دم عثمان بن عفان رضي الله عنه الانطلاقة المباشرة، لذلك كانت خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه مثقلة بظلال هذا الحدث الخطير، وبخاصَّةٍ أنَّ الذين قتلوا عثمان رضي الله عنه كانوا من أوائل المبايعين لعليِّ رضي الله عنه، وعلى هذا الأساس أضحى الموقف من خلافة عليٍّ رضي الله عنه مرتبطًا بشكلٍ مباشرٍ بتحديد الموقف من السؤال: هل قُتل عثمان رضي الله عنه مظلومًا أم لا؟ واتخذت الإجابة على هذا السؤال أحد الأشكال التاريخية الملموسة والمباشرة التي تمَّ من خلالها التعبير عن قضايا الاختلاف والصراع السياسي المرتبطة بطبيعة التطور التاريخي[26].

كتاب تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية.
__________

[1] الطبري: 4/331، 369، 370.
[2] المصدر نفسه: ص333.
[3] البلاذري: 6/217، والطبري: 4/373-375.
[4] الطبري: المصدر نفسه: ص371، وجعيط: ص114.
[5] جعيط: المرجع نفسه.
[6] المرجع نفسه.
[7] الطبري: 4/350، 351، 354، 386، 387.
[8] المصدر نفسه، ص364.
[9] جعيط: ص115، 116.
[10] البلاذري: 6/211، وابن أعثم: 1/229.
[11] البلاذري: 6/221، 222.
[12] الطبري: 4/350، 351، 390.
[13] الطبري: 4/368، وجعيط: ص118.
[14] المصدر نفسه: ص385.
[15] المصدر نفسه: ص364.
[16] المصدر نفسه: ص396، وجعيط: ص116، 117.
[17] المصدر نفسه: ص376.
[18] المصدر نفسه، والبلاذري: 6/213.
[19] جعيط: ص117.
[20] الطبري: 4/376، 377.
[21] المصدر نفسه: ص394، والبلاذري: 6/220.
[22] المصدران أنفسهما: ص416، 417. 6/212.
[23] الطبري: المصدر نفسه: ص412.
[24] جعيط: ص125.
[25] البلاذري: أنساب الأشراف: ـ6/205.
[26] إبراهيم: ص278، 279.