انحراف الامة عن قيادتها الحقيقية المتجسدة بآل البيت أولي الأمر كان فاجعة عظمى ومصيبة كبرى أصابت الأمة بإثم عظيم ، فأصبحت الأمة جسداً بلا رأس ، والرأس لا غنى للجسد عنه.
لقد استمر هذا الانحراف الخطير يشتد ويوغل في الظلمات حتى بلغ مبلغه التي ما بعده شيء عندما أقدموا على استئصال ذرية محمد (ص) وثلة من الأصحاب الابرار.
وعندما أقدمت الزمرة الفاسدة المتمثلة بآل أمية على قتل الحسين وفصل رأسه عن جسده إنما هي فصلت رأس الأمة الإسلامية عن جسدها؛وبذلك أصبحت الأمة عمياء يستحيل صلاحها حتى يعود رأسها إليها .
ولرُب سائل يسأل: ما هي أهداف الحسين بن علي بن ابي طالب من ثورته الدامية؟
ولمعرفة ذلك.
كان هدف الإمام الحسين عليه السلام في واقعة كربلاء هي الغاية التي كان ينبغي بلوغها وتحقيقها وان طال الزمن.
وهذه الأهداف قد أجملها الإمام الحسين (ع) قبل الواقعة في خطبته (ع) وقد تجلت في فكر سيد الشهداء وفي عمله وصارت واضحة لدى أنصاره وأتباعه ، قال (ع):( لم اخرج اشراً ولا بطراً ولا مفسداً ، ولاظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي (ص) أريد أن أمر بالمعروف وانهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدي وابي علي بن ابي طالب ).
وقد كتب كذلك الى البصرة قائلاً:( أنا ادعوكم الى كتاب الله وسنة نبيه، فان السنة قد أميتت والبدعة قد أحييت فان تسمعوا قولي أهدكم سبيل الرشاد)
كذلك كتابه الذي أرسله مع مسلم بن عقيل الى اهل الكوفة حدد فيه رسالة الإمامة بما يلي:( فلعمري ما الامام إلا العامل بالكتاب ، والآخذ بالقسط والدائن بالحق، الحابس نفسه عن ذات الله والسلام).
وخطابه بأنصاره في كربلاء إذ قال: ( ألا ترون الى الحق لا يعمل به والى الباطل لا يُتناهى عنه ،ليرغب المؤمن في لقاء الله ، فاني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلا برما).
ومن هذه الكلمات الشريفة يمكن فهم أهداف ثورة الحسين (ع) والتي يمكن أجمالها بما يلي:
1- إحياء الإسلام .
2- توعية المسلمين وكشف حقيقة الحكومة الفاسدة .
3- إحياء السنة النبويةالشريفة.
4- إصلاح المجتمع واستنهاض الأمة .
5- إنهاء استبداد بني أمية على المسلمين .
6- تحرير إرادة الأمة من الجور والتسلط .
7- توفير العدالة الاجتماعية وتطبيق حكم الشريعة .
8- إزالة البدع والانحراف .
هذه بعض الخطوط العريضة لاهداف صاحب الثورة (ع) ولكن يمكن استجلاء خطوط أخرى من هذه الكلمات ؛ وذلك بأن ندرس هذه الواقعة العظيمة من جميع جوانبها ؛لنقف عليها بالتفصيل؛ كان دوره عليه السلام كإمام كان يحتم عليه ذلك ان يقف بوجه أمام جور الجائرين المستحلين لحرم الله فقال (ع): ( أيها الناس ان رسول الله (ص) قال :( من رأى سلطاناً جائرا مستحلاً لحرم الله ناكثاً لعهد الله ، مخالفاً لسنة رسول الله (ص) ،يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ، فلم يُغير عليه بقول ولا فعل كان حقاً على الله ان يدخله مدخله).
ان يزيد بن معاوية كان عازماً على محو الإسلام وقلع جذوره ، فقد أعلن الكفر حال تربعه على الحكم حين قال :
لعبِتْ هاشمُ بالملكِ فلا خبرٌ جـــَـاءَ ولا وحــــيٌ نـــــزلْ (7)
من هنا وجد الحسين (ع) أمام مسؤولية كبرى لابد من تطهير الواقع الإسلامي من ارجاس هؤلاء ، ولقد صرح (ع) قائلاً:( فلعمري ما الإمام إلا العامل بالكتاب والآخذ بالقسط والدائن بالحق والحابس نفسه عن ذات الله، أما يزيد فقد كان يشرب الخمر ولا يتناهى عن المنكرات ).
هذه الحقائق التي بينها (ع) ايقظ من خلالها ضمير الأمة فبعث فيها العزة والكرامة في نفوس المسلمين ، وحرر الإرادة ، فكان لاستشهاده اثراً عظيماً في إحياء روح الجهاد في الأمة الإسلامية ، مما أدى ان تنتج عن ثورته ثورات عدة تنادي (يا لثارات الحسين) وهذه الصرخات هي التي دكت عروش الأمويين والطغاة في كل عصر ومصر.
وهذا بطبعه كان نابعاً من هدفه الرئيسي في هذه الثورة ، إلا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
كذلك هناك هدفا ساميا آخر ألا وهو إماتة البدعة، حيث قال (ع) في كتابه لأهل البصرة :( فان السنة قد أميتت والبدعة قد أحييت).
كان للحسين (ع) أهدافاً أخرى تمس سياسة الحكم المالية ، حيث أسرفوا وبذروا ، بأموال المسلمين، فأراد تحرير اقتصاد الأمة ، وتخفيف المظالم عن الأمة الإسلامية .
وبعد ان استعراضنا تلك الأهداف ، نجد ان الحقيقة اصبحت واضحة، وتجلت اهم تلك الاهداف التي من اجلها لم يبايع الإمام الحسين (ع) يزيد الكافر ، إلا وهو تنبيه الأمة وايقاظها، وتحميلها المسؤولية في مقاومة الظلم والجور.