قضاء السلمان مركز البادية الجنوبية التي دأبت السلطات العراقية في انظمتها السابقة على جعله منفى ومعتقل يٌبعد اليه كل من يقف بوجه السلطة في العهود السابقة ، يبعد عن مركز مدينة السماوة اكثر من 140 كيلو متر وعن الحدود السعودية 100كيلو متر بعض السجناء اكدوا ان الفرار من هذا السجن شبه مستحيل حتى بعد تمكن السجين من الفرار سيكون فريسة سهلة لذئاب الصحراء
تأسيس قضاء السلمان
"للبيان " قال السيد علي مخلف قائمقام قضاء السلمان : تأسس قضاء السلمان رسميا في سنة 1918 عند البدء في تأسيس مركز الاستخبارات البريطاني في العراق ، ومركزا للادارة الذي تحول فيما بعد الى سجن كبير عام 1928 ليكون خاصا بالسجناء السياسيين في حكومة الاحتلال البريطاني إبان العهد الملكي ، يتكون مركز الاستخبارات البريطاني من ثلاثة بيوت كانت تدار عملياتهم الاستخبارية منها , في عام 1969 الغي سجن السلمان ولحاجة النظام البائد إلى سجون تكون بعيدة عن المناطق الأهلة بالسكان فقد أعيد افتتاح سجن ( نقرة السلمان ) في الوقت نفسة افتتحت عدة سجون في العهد الحديث لتستوعب اكبر عددا من المظلومين والمجاهدين الذين رفضوا الظلم والاستبداد ، هذه السجون اشد قسوة من سجن السلمان هذا السجن الذي اخذ صدى عالميا .
السيد مخلف اشار الى ان هذا السجن سيصار الى متحف يكون ذاكرة لمدينة السماوة وليكون شاهدا على قسوة النظام السابق ووحشيته .
قصة فرار
السجين السابق محمد حسين (81 سنة) تحدث عن قصته التي كتبت سطورها في سجن نقرة السلمان وعن محاولة الهروب الفاشلة التي قام بها من سجن بعقوبة في العهد الملكي سنة 1954م , قائلا : كنا مجموعة من السياسيين المحتجزين في سجن بعقوبة ، نقلنا إليه بعد المجزرة التي حدثت في سجن بغداد عام 1953م ، ففي ذلك الزمان كانت هناك عدة سجون منها سجون الكوت وبغداد ونقرة السلمان هيأت لاحتجاز السجناء السياسيين. وفي سجن بعقوبة كنت مسؤولا عن غرفة المخزن اتفقنا على الهرب بواسطة حفر نفق في هذه الغرفة، كادت الخطة تنجح لولا أنها افشلت بوشاية من أحدهم ، وبعد إلقاء القبض علينا ، قررت السلطة نقلنا إلى سجن نقرة السلمان ترافقنا سيارتان مسلحتان للشرطة ، كنا ثلاثين سجينا كبلوا أرجلنا بالسلاسل ، وحشرونا في سيارتي باص من الخشب ، وعند وصولنا إلى النجف ، سلكنا الطريق الصحراوي إلى السلمان عن طريق الرحية إلى ناحية الشبجة ، وحين وصلنا إليها ، توقفت السيارات أمام القلعة التي أسسها الكابتن (كلوب باشا) ,وفيها مقر مأمور السجن ، والإدارة ، وقاوش الشرطة ، ثم تحركت السيارات إلى البوابة الخلفية لسجن النقرة ، كانت حناجرنا تنطلق حينها بالنشيد ، فيتعالى ألإنشاد من داخل السجن . وحين فتحت البوابة ، هجم علينا أصدقاؤنا الذين سبقونا إلى سجن النقرة ، كسّروا السلاسل التي كانت تقيد أرجلنا ، زج بنا في القسم الأيسر من السجن ، المخصص للسجناء السياسيين ، حيث وزعنا على قواويشه الخمسة " مستدركا ": في أول أيامي بسجن النقرة كانت فكرة الهرب من السجن تلوح لي في كل دقيقة الا ان صيف الصحراء كان حائلا امامي ولكن الموت في الصحراء أفضل من الشنق على يد الجلاد .. في اليوم التالي ، اسر لي اصدقائي من السجناء عن نيته للهرب كان ضابطا في الجيش العراقي انذاك فاعددنا له خطة للهروب من خلال الاستسقاء أي الذهاب الى بئر الماء ، فنزل إلى البئر واختبأ فيه ، حتى إذا أتى الليل ، سرى تحت جنحه ، آملا بالخلاص . مرت ثلاثة أيام كنا نحاول التغطية عليه اثناء التعداد وبعد ثلاثة ايام علمنا بخبر وفاته في الصحراء عطشانا بعد ان ضل طريقه .
معتقلات اسست حديثا
استحدثت عدة معتقلات في بادية السماوة في عهد الطاغية المقبور، منها معتقل كبير يقع في جنوب شرق قصبة قضاء الســلمان، وعلى بعد 10 كلم منها وفوق هضبة عالية بنيت قلعة كبيرة تتكون من طابقين و بعشرات الغرف والقاعات استوطنتها الى جانب السجناء عدة اوبئة وامراض اخذت ماخذها من هؤلاء السجناء ، حيث كانت الرعاية الصحية شبه معدومة، وبجوار هذا السجن مقبرة يُدفن فيها من يموت من المعتقلين من الامراض او سياط السجانين ، كما أقيمت معتقلات أخرى في تلك الصحراء القاحلة مثل (الشيحيه) و(الليَّه) و(أبو الجد)،وهذه المعتقلات تبعد (400) كلم عن اقرب مركز حضري من مدينة السماوة، وهذه المعتقلات لا يصلحان أن يسكن فيهما إنسان إلا إذا أردت أن تحكم عليه بالموت البطيء.
هذه المعتقلات شيدت بعد ان استولى صدام المقبور على نظام الحكم من سلفه احمد حسن البكر بعد الاطاحة به في 17/7/1979اضخم هذه المعتقلات هو معتقل القلعة الذي ضم الاف السجناء من ابناء العراق بكل اطيافهم على عكس السجون الاخرى في الصحراء التي ضم كل سجن منها فئة او قومية معينة من ابناء الشعب العراقي ، ابرز ما يميز هذه السجون هو وجودها في منتصف صحراء البادية الجنوبية التي عرفت بارضها الوعرة .
اسكن في هذه السجون بعض الاسر العراقية التي هجرت ابان الحرب العراقية الايرانية التي بدات عام 1/4/1980 هذه السجون تمت تصفية نزلاءها على مجموعات في بادية الجنوب سواء بمقابر جماعية او من فتكت بهم الامراض على اعتبار انها محطات للتصفية الجسدية لذا لا نجد شاهدا الا ما ندر .
اهالي قضاء السلمان او ناحية بصية يروون عدة روايات منها الحفر العميقة التي تحفر بواسطة الشفلات ليساق بعدها الرجال وهم معصوبوا الاعين ليدفنوا احياءا ، مؤكدين على ان هذه العملية كانت تنفذ ايام الصيف لعدم وجود رعاة الاغنام بسبب الحر الشديد .
سجن الشيحية الذي اعد لاهالي قضاء الدجيل يقع بين قضاء السلمان وناحية بصية باتجاه الحدود السعودية ففي هذا المكان وضع العشرات من الاسر بنسائها واطفالها دون رافة ورحمة ، احد الشهود قال ان السجناء في هذا السجن يضعون حجرا كبيرا على الابواب اثناء الليل خوفا من فتك الحيوانات المفترسة .