قصة حقيقية ...وعبرة
يروي أن المرحوم نوري السعيد الذي تولى رئاسة الوزراء في العراق 14 مرة بين الأعوام (1930 – 1958 ) أمر باخراج البطل جعفر أبو العيس المحكوم لمدة ثلاث سنوات من سجن (نكرة السلمان ) لكي يشارك في دورة الالعاب العربية الثانية التي اقيمت في بيروت عاصمة لبنان سنة 1957 ..
والحكاية تبدا حينما كان الصراع السياسي في تلك الفترة بين حكومة مصر وحكومة العراق.. تصل مرحله للسب والشتم بين جمال عبد الناصر والباشا نوري سعيد و على الملأ و بما أن أحد المشاركين في تلك الدورة عن مصر كان الرباع (خضر الثوني )الذي كان في حينها بطل العالم في الوزن المتوسط وهنا تدخل الباشا مطالبآ المسؤولين عن الرياضة في حينها بأيجاد الند القوي لبطل مصر خضر الثوني..فرد عليه رئيس الوفدالعراقي :-
باشا ..هناك شخص شيوعي محكوم عليه 3 سنوات سجن في نكرة السلمان أسمه .....(جعفر ابو العيس) اعتقد سيكون نداً لبطل مصر...!!
وحالآ أمر الباشا بأحضاره فورآ وفي اليوم الثاني قابل جعفر ابو العيس الباشا وقابله في مكتبه برحابة صدر وقال له :
( شوف جعفر انت شيوعي وأريد منك أن تذهب لمدينتك المسيب وأمامك شهرين !! تتدرب خلال هذين الشهرين وسنأمر بتوفير كافة المستلزمات الضرورية لك وأذا غلبت هذا المصري خضر فلك مطلق الحرية بمزاولة كفاحك الشيوعي !!)
وبالفعل سافر جعفر مع الوفد وفي يوم السباق حضر الوفد العراقي برمته الصراع المرتقب والكل يشجع أبو العيس وكان سباق رفع الاثقال في حينه من ثلاث فعاليات (الخطف والضغط والنتر ) و رقم ابو العيس هو رفع 165 كيلو في النتر وحينما رفع الثقل كان ينتخي بجده (ابو العيس )وبعد ان تساويا في رفعتي الخطف والضغط لم تبقى سوى فعالية النتر.
وقد طلب اللاعب المصري الثوني 160 كيلو ورفعها وكذلك العيس تمكن من رفعها.. وبعدها أضاف خضر 5 كيلوغرامات وتمكن من رفعها وهنا جاء دور أبو العيس ليطلب نفس الثقل وهو 165 كيلو وتم له ذلك وأذا بالثوني يرفع الحديد بثقل 170 كيلو هذه المرة وجاء دور أبو العيس ليطلب 175 كيلو وهو ثقل أكثر من قابليته وكان الحاضرون يخشون على أبو العيس من صعوبة الرفع ولكن اصر أبو العيس رفعها أمام انظار وعيون الحاضرين.وأمسك بالحديد ينتخي بكلمة جده فأوصله عند كتفه ولم يبقى سوى أن يرفعه للاعلى فوق راسه فاستحضر قمة الغيرة الراقية و صاح بصوت دوى في القاعة ليهتف
(يا صبر الكرارررر ...)
وأذا بالحديد ثابت فوق رأسه مدة أطول من دقة الجرس بنجاح الرفعة لتدوي القاعة بالهتاف والتصفيق ودموع الرياضيين تنساب على خدودهم ورفعوا جعفر على اكتافهم يطاف به في قاعة الملعب وهو يبكي من شدة الفرح ...
فأوفى وعده لنوري السعيد ليستلم وسامه الذهبي الوحيد في الدورة ..!!
لدى وصول الوفد الى بغداد الحبيبة بعد عودته من لبنان و مشاركته في الدورة وفي مطار المثنى أستقبل نوري باشا الوفد وقام باحتضان جعفر أبو العيس وهو يبكي على كتفه ناسياً انه رئيس وزراء مملكة العراق ..وحقق له وعده .....وهكذا هم العراقيون.. يبقى العراقي غيوراً على سمعة بلده .. يبقى عاشقاً ولهاناً لأرضه.. و سماءه و نهريه و نخله .. الى كل الشعب بجميع اطيافه..منقولة عن الشيخ نواف الحردان