يفتتح متحف اللوفر في باريس جناحا جديدا لعرض الفن الإسلامي. وقد استغرق تجهيز هذا الجناح عقدا من الزمن وبلغت تكلفته 100 مليون يورو (80 مليون جنيه استرليني).
ويتزامن إنشاؤه مع حالة التوتر التي تسيطر على العلاقات بين العالم الإسلامي والغرب.
ويعد هذا الجناح أهم الإضافات التي يشهدها المتحف وأكثرها ابتكارا، منذ أن خطف المعماري ايو مينغ بي الأنظار بهرمه الزجاجي الذي أنشأه عام 1989.وفي ذلك الوقت، خرج الكثيرون ممن كانوا يقولون إن هذا البناء سيدمر الجمال الكلاسيكي لهذا القصر الفني.
إلا أن هذا الهرم يعد الآن أحد أشهر الأماكن في باريس.ويعلو الجناح الإضافي، الذي سيتم افتتاحه نهاية هذا الأسبوع، سقف معدني وزجاج مموج أشبه ما يكون بسجادة طائرة،
وتعرض تحته إحدى أهم وأكبر المجموعات للفن الإسلامي في أوروبا.وقد لقي ذلك القطاع الجديد من المتحف ترحيبا، بشكل عام، إلا أن افتتاحه يتزامن مع ارتفاع حدة التوتر بين الغرب والعالم الإسلامي.ويعتبر هذا المعرض، الذي تشارك في تمويله الحكومة الفرنسية،
بمثابة إعلان منها يؤكد رغبتها في الأخذ بزمام المبادرة للتفاعل مع العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط على كل الأصعدة، ثقافية كانت أو سياسية.ويعد الأمير السعودي الوليد بن طلال أكبر متبرع لهذا المعرض، حيث كان لتبرعه الذي بلغ 17 مليون يورو (13.5 مليون جنيه استرليني)،
إسهام كبير في إقامة المعرض.وفي معرض الحديث عن السبب وراء مساهمة مؤسسته في هذا المشروع، قال بن طلال: "من واجب المسلمين جميعا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أن يوضحوا للغرب حقيقة الدين الإسلام ومدى سماحته."
ويجري رفع الستار عن هذا المعرض في الوقت الذي تشهد العلاقات فيه بين الغرب والإسلام توترات إذ ألقي القبض في الأسبوع الماضي على 80 شخصا في باريس،
أثناء مظاهرة قام بها الفرنسيون المسلمون أمام السفارة الأمريكية منددين بالفيلم المسيء للإسلام الذي أنتج في الولايات المتحدة ويحمل اسم "براءة المسلمين".وبعد ذلك، قامت المجلة الفرنسية الساخرة تشارلي ابدو بنشر بعض صور الكاريكاتير التي تسخر من النبي محمد.ثم أخبرت الشرطة الفرنسية المسلمين ممن كانوا قد نظموا مظاهرة يوم السبت أنهم ممنوعون من التظاهر،
ليأتي بعد ذلك قرار من قبل المجلة بطباعة 70 ألف نسخة أخرى، تبرز جميعها الصور الكرتونية.لذلك، وأثناء لقائه بشخصيات هامة لتحديد أسبوع افتتاح المعرض، قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند:
"إن شرف الحضارات الإسلامية أكثر عراقة وقوة وتسامحا مما يقوم به البعض ممن ينصبون أنفسهم متحدثين باسم تلك الحضارات.
"وأضاف: "إن الإسلام يتناقض تماما مع الظلامية التي تمحق المبادئ وتدمر القيم الإسلامية من خلال نشر العنف والكراهية."
إلا أن هناك تساؤلا يدور حول الجمهور الذي يستهدفه المعرض إذ يرى مروان محمد، وهو كاتب ومتحدث باسم التجمع ضد الإسلاموفوبيا،
أن الكثيرين لا يعلمون شيئا عن افتتاح هذا المعرض.وقال:
"يقدم المعرض رؤية شرقية عامة لا تختص بتحديد هوية المجتمع الإسلامي."وأضاف أن الرئيس هولاند لا يرى في الإسلام إلا عاملا ثقافيا وتاريخيا.من ناحيتها، تقول سوفي ماكاريو، مديرة المعرض ورئيسة القسم الجديد للفن الإسلامي:
"شارك في بناء هذا العالم الضخم أناس كثيرون، ذوو لغات مختلفة. وكانت العربية، بالطبع، هي اللغة الأولى المهيمنة على العالم الإسلامي.
ويمكننا القول إن هذه اللغة أصبحت فيما بعد لغة رسمية للعالم الإسلامي، لتتلوها فيما بعد اللغات التركية."ويضم المعرض 2500 قطعة معروضة.
ويذكر أن أول شخص طرح تلك الفكرة كان الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك،
حيث إنه كان يريد أن يبرز إسهامات الحضارة الإسلامية في الثقافة الغربية.