نفذ الأكراد وعدهم بإجراء الاستفتاء في موعده، ما أثار غضب بغداد التي صوت برلمانها على إجراءات ضد إقليم كردستان، فيما هددت دول الجوار باتخاذ خطوات عقابية.
أجواء التوتر تسود العراق الذي لم ينته بعد من حرب شاملة وطويلة ضد تنظيم داعش الذي سيطر عام 2014 على مساحات واسعة من البلاد، فإلى أين تتجه الأحداث؟
نفق مظلم
المحلل السياسي العراقي واثق الهاشمي اعتبر في حديث لـ"موقع الحرة" أن خطوة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني بالمضي في الاستفتاء "أدخلت الإقليم في نفق مظلم من الصعب الخروج منه، إذ أن بارزاني لم يحسب حساباته مع الداخل والخارج.. الموقف خطير والإقليم دخل في مأزق يبدو أنه صعب للغاية".
وأضاف "اليوم مع غلق الحدود والأجواء ومنع تصدير النفط سيتورط بارزاني .. ويواجه ملفات كبيرة، وربما عقوبات دولية أو دبلوماسية ستتخذ بحق بارزاني".
وكانت أنقرة قد أعلنت إغلاق الحدود مع كردستان ومنع تصدير النفط من الإقليم عبر تركيا. وأعلنت إيران اتخاذ إجراءات لإغلاق المنافذ مع أربيل، فيما يتوقع مراقبون أن تتخذ الحكومة المركزية في بغداد خطوات أخرى لمعاقبة الإقليم.
الخبير في الشؤون الاقتصادية الدكتور حسين علاوي نجم قال لـ"موقع الحرة" إن "الإجراءات التي اتخذتها إيران وتركيا هي إجراءات طبيعية لمؤازرة الحكومة العراقية، وللحد من الاتجاه نحو الانفصال في ظل الامتداد الديموغرافي للأكراد في البلدين"، منوها إلى التأثير السلبي لتلك الإجراءات على الإقليم.
عقوبات لنا جميعا
وكانت حكومة بغداد قد طلبت الأحد من كل الدول أن يكون التعامل معها في كل العمليات المرتبطة بالنفط، علما أن متوسط إنتاج الإقليم من النفط يبلغ 600 ألف برميل يوميا، يتم تصدير 550 ألفا منها إلى تركيا عبر ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط.
وفي تعليق على تصريحات العبادي، قال رئيس وزراء إقليم كردستان نيجرفان بارزاني الاثنين إن "ما أعلنه العبادي من إغلاق البوابات والمطارات، وأن حكومة بغداد ستسيطر على أنابيب النفط هو بمثابة عقوبات لنا جميعا"، حسب ما نقلته وسائل إعلام عراقية.
الخبير نجم أكد لـ"موقع الحرة" أن "الإجراءات ستؤثر بشكل كبير على اقتصاد الإقليم، وعلى العائدات المالية من النفط، وعلى التبادل التجاري مع إغلاق المنافذ البرية، وسترفع تكاليف المعيشة بشكل كبير لارتفاع كلفة النقل".
وأضاف نجم قوله: "لا يمكن للإقليم أن يحقق الآن مصادر مالية من الاقتصاد المحلي، بسبب عدم قدرته على تصدير النفط أولا، وعدم قدرة المستثمرين بسبب ارتباط قرارات الاستثمارات بإجراءات الحكومة المركزية وإجراءات القنصليات الموجودة في الإقليم التي ستدعو إلى سحب أو إغلاق أو تجميد تمثيلها الدبلوماسي".
وتلك الإجراءات كما يتابع الخبير نجم "ستنعكس على قرارات الاستثمار والمحلي والأجنبي في الإقليم، وستسبب إرباكا كبيرا خاصة وأن والاقليم يعاني أصلا من أزمة مالية".
خيارات الإقليم
وفي خطاب له الأحد، أكد مسعود بارزاني أن الإقليم يسعى لعلاقات جيدة مع دول الجوار، وقال "سنعمل على طمأنتها ولن نكون سببا في أي توتر"، لافتا إلى أن الإقليم بعد الاستفتاء سيجري محادثات مع بغداد "والاستقلال لن يحصل قبل سنة أو سنتين".
المحلل السياسي واثق الهاشمي يقول في حديثه لـ"موقع الحرة" "يبدو أن الإقليم يعول فقط على إسرائيل ورئيس الوزراء الإسرائيلي، فحتى الولايات المتحدة التي يتمتع بعلاقات جيدة معها كان موقفها الرافض واضحا إلى جانب رفض المجتمع الدولي".
اقتصاديا، يرى الخبير نجم أن خيارات الإقليم صعبة، "فهو سيعتمد على المصادر المالية والاحتياطية العائلية من النقد الموجود لديها سواء بالدولار أو بالعملة المحلية، وكذلك من العائدات المالية التي تأتي من بيع المشتقات النفطية في الأسواق المحلية".
ويعتقد نجم أن "تلك الإجراءات ستقلل من قدرة اقتصاد الإقليم على مواجهة الأزمة الاقتصادية التي سيعاني منها خلال الأشهر الستة المقبلة على وجه الخصوص، مع اتجاه الحكومة المركزية والدول الإقليمية إلى تنفيذ إجراءاتها" العقابية.
كركوك
ومن جملة الإجراءات التي صوت البرلمان العراقي عليها الاثنين، إعادة السيطرة على الحقول النفطية في كركوك التي تنتج كما يقول نجم "ما بين 300 إلى 350 ألف برميل نفط يعتمد الإقليم على عائداتها".
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن "إنتاج كركوك النفطي تراجع منذ فترة سيطرة الأكراد بعد سقوط الموصل ولغاية الآن، فالحقول النفطية هناك تحتاج لإعادة تأهيل، ولا يمكن لاقتصاد وإمكانيات الإقليم القيام به، على عكس الحكومة في حال استعادة سيطرتها على كركوك وتسليم حقولها للمختصين في وزارة النفط".