مولد عثمان بن عفان رضي الله عنه ونسبه

هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، الأموي القرشي، أمير المؤمنين، وُلد بعد مولد النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنين، أمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وأمها البيضاء بنت عبد المطلب، عمة النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت توأمة لوالده عبد الله[1].



صفات عثمان بن عفان رضي الله عنه

اشتهر عثمان بالعفة والحياء والكرم[2]، ليِّن العريكة، كثير الإحسان والحلم، لا يُوقظ نائمًا من أهل بيته إلا أن يجده يقظان فيدعوه، فيناوله وضوءه، وكان يصوم الدهر عدا الأيام المكروهة، وهي أيام العيدين والشكِّ في أوَّل رمضان[3].



سيرة عثمان بن عفان رضي الله عنه

زوجَّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم ابنته رقية، فأنجب عثمان من رقية ابنة النبيِّ صلى الله عليه وسلم ابنه عبد الله وبه كان يُكنَّى، والمعروف أنَّ عبد الله مات صغيرًا له من العمر ست سنوات[4]، ولمـَّا تعرَّض المسلمون الأوائل للاضطهاد والعذاب من جانب قريش، وأذن النبيُّ صلى الله عليه وسلم للمسلمين الأوائل بالهجرة إلى الحبشة هاجر عثمان مع زوجته إليها[5]، ولمـَّا علم برضاء قريش عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم عاد إلى مكَّة[6]، ثُمَّ هاجر إلى المدينة ونزل على أوس بن ثابت أخي حسان بن ثابت في دار بني النجار[7].



جهاد عثمان بن عفان رضي الله عنه

اشترك عثمان في الغزوات باستثناء غزوة بدر، لاشتغال عثمان بتمريض زوجته التي ماتت ودُفنت في اليوم الذي انتصر فيه المسلمون، فعدَّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم من البدريين، وزوَّجه ابنته الثانية أم كلثوم[8]، ولهذا لُقِّب بذي النورين؛ لزواجه بابنتي النبيِّ صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم التى تُوفِّيت في السنة التاسعة للهجرة[9].



استعان النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعثمان في كثيرٍ من المناسبات، فكان عثمان سفير النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى قريش في السنة السادسة للهجرة حين منعت دخول المسلمين إلى مكَّة لأداء العمرة، فاحتبست قريش عثمان عندها، فبلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم والمسلمين أنَّ عثمان قد قُتل، فبايع المسلمون النبيَّ صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان في المكان المعروف بالحديبية على مقربةٍ من مكَّة[10].



مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه

بذل عثمان كثيرًا من ماله في سبيل الإسلام، كان لعثمان نصيبٌ وافرٌ في تجهيز جيش العسرة الذي أعدَّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم لغزوة تبوك في "شهر رجب عام 9هـ= شهر أكتوبر 630م"؛ إنَّ عثمان أمدَّ المسلمين بتسعمائة وخمسين فرسًا وألف دينار، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ العُسْرَةِ فَلَهُ الجَنَّةُ، فَجَهَّزَهُ عُثْمَانُ"[11]. كما اشترى بئر معونة من يهوديٍّ بعشرين ألف درهم، وتصدَّق بها على المسلمين، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَحْفُرْ بِئْرَ رُومَةَ فَلَهُ الجَنَّةُ، فَحَفَرَهَا عُثْمَانُ" [12]. وبشَّره النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالجنة وعده من أهلها، فقال صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ نَبِيٍّ رَفِيْقٌ فِي الجَنَّةِ، وَرَفِيقي فِي الجَنَّةِ عُثْمَانُ" [13].

كان عثمان من رواة الحديث؛ فقد روى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، كما روى عنه أولاده، عمر وأبان وسعيد، وابن عمه مروان بن الحكم، ومن الصحابة عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن العباس، وعبد الله بن الزبير، وزيد بن ثابت، وأبو هريرة، وغيرهم رضي الله عنهم، ومن التابعين: الأحنف بن قيس، ومحمد بن الحنفية بن علي، وسعيد بن المسيب[14]، واتخذه أبو بكر أمينًا وكاتبًا له يستشيره في أمور الدولة.

كتاب تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية.
__________
[1] البلاذري: 6/99، والطبري: 4/420.
[2] البلاذري: المصدر نفسه: ص104، 112.
[3] العسقلاني: الإصابة في تمييز الصحابة: 4/223.
[4] الطبري: 4/419، 420، والعسقلاني، ابن حجر: فتح الباري: 8/54.
[5] ابن هشام: 2/70.
[6] المصدر نفسه: ص119.
[7] المصدر نفسه: ص221، والبلاذري: 6/100، 101.
[8] الطبري: 4/420.
[9] ابن هشام: 3/85، والسهيلي: 3/127.
[10] ابن هشام: 4/27-29.
[11] الطبري: 4/174، والعسقلاني، ابن حجر: فتح الباري: 8/54.
[12] العسقلاني: المصدر نفسه، والبلاذري: 6/105.
[13] البلاذري: 6/102، والعسقلاني: 8/54.
[14] العسقلاني: الإصابة في تمييز الصحابة: 4/223.