عزيزتي زينب:
أعلم أنّكِ وحدكِ ولستِ وحيدة، عندما علمت إن السّماء مختنقة بدخان الخيام، وضعت كفّي أمام عين الشّمس لذا صار الكون عجاجاً، الفرات كان بين يدي، لكن الأقدار تضمأ هي الأخرى، والمسافات فلسفة الفراق لا الوصال. ألا تعتقدين أن الأشياء لا تموت هي فقط ترحل، وأنا هذه الليلة لي حديث معك يطول، يطول مثل جرحكِ، تعلّمت منك أن طريق الخلود لا يكون إلّا لمن يجيد فلسفة العناق؛ فكنت أشد عناقاً للمنايا حتّى سقطت يديّ، تركت لك عينيّ وقربة ماء، وتركتُ لك نهر لأنّني لا أحتمل رؤية الخيام تحترق، تعرفين إنّي لا تثقلني الجراح بل أنا مثقل بك يا زينب..
هذه الرّمال لوحة من مشهد الطُّفوف، لا تخشي حين تريني على الرّمضاء، لقد طلبتُ من الرِّياح أن تكون رسول بيني وبينك، لا تبكي حين ترين السّهم في عيني، أعلم إنها أداة جارحة لناظريك لكنّ عيني ثكلى بدونك، لا تخشي على الأيتام لأن رأسي سيكون معك طلية الأسر. زينب.. آه يا زينب.. كم وددت أن أندبك لكنّي خشيتُ أن يعرف اسمك الشِّمر، أجلسي الآن بقربي، أجلسي وصلّي صــلاة الوحشة من أهل الدَّنيا قبل أن ترحلي..
#هدى_الغراوي