المسلمون وقعوا فى فخ الإساءة
محاولات الاساءة للرسول والاسلام لا تتوقف، وتطل علينا كل فترة في صورة كتاب أو رسوم أو فيلم أو فعل مشين كحرق المصحف الكريم الذي يعد من المقدسات الاسلامية المحظور المساس بها، وقد اختلف كثيرون حول ردود أفعال المسلمين الغاضبين وشرعيتها فبعضهم يرى أنها عنيفة وتصب في مصلحة أعداء الاسلام وتؤدي لتشويه الدين الاسلامي ومن يؤمن به.
بينما يرى آخرون أن ردة الفعل طبيعية نتيجة غيرة المسلمين على معتقداتهم ووسط هذا الزخم تخرج علينا عنوة قضية الخطاب الديني والرسالة الاعلامية وعدم وجود خطة علمية لنشر الاسلام وتحسين صورته التي نجحت المخططات العدائية في تشويهها حتى ارتبط اسم الاسلام بالارهاب، فكيف يرى أساتذة التاريخ والفقه الاسلامي هذه القضية؟ وما رؤيتهم للخطاب الديني الذي تقدمه وسائل الاعلام المصرية والعربية؟
يقول الدكتور حامد طاهر استاذ الفلسفة الاسلامية إن الرسول «صلى الله عليه وسلم» تعرض للعديد من عمليات الاساءة منذ أن بدأ دعوته الاسلامية في مكة، حيث اتجهت سهام المشركين الى شخصه الكريم وقد جاء ذلك في بعض آيات القرآن الكريم، من هذه الاساءات أنه أتى بهذا القرآن من أفواه بعض الحكماء العرب أو الاجانب ووصفوه بالساحر بل واتهموه بالجنون، ولكن كل ذلك لم يؤثر في إصراره على مواصلة دعوته وتبليغها للكافة حتى انتصر في النهاية، وأضاف: إن دعوات تشويه الرسول والاساءة له وللدين الاسلامي ولكتاب الله لم تتوقف بل استمرت عبر العصور ولكن تصدى له علماء المسلمين الواعين وردوا على هذه الاساءات بصورة عقلانية، وموضوعية وهذا ما نحتاجه الآن، فأين علماء المسلمين؟
ولماذا لا يعرضون المفهوم الصحيح للاسلام باللغات الأجنبية المختلفة التي يتحدثها كافة الشعوب؟ وأين مضمون رسالة العرض التاريخي الموثق لسيرة الرسول «صلى الله عليه وسلم» الموجهة لكافة الأمم الأجنبية؟ بل أين الرسالة الموجهة للناطقين بالعربية؟ وعن مدى إيجابية البرامج الدينية التي يقدمها الاعلام المصري والعربي قال الدكتور طاهر كلها برامج فاشلة ذات لهجة تقليدية تفيد المسلم من حيث المعلومات العقائدية ولا تفيد الانسان الذي يريد أن يعرف ما الاسلام، أي أنها ليست برامج تبشيرية ولا تهدف لنشر الاسلام، هذا بالاضافة الى فوضى الفتاوى الدينية التي لا أصل لها في القرآن أو السنة، كما أن من يتحدثون الآن هم انفسهم الذين كانوا يتحدثون منذ 50 عاما بنفس اللغة والاسلوب والمفاهيم.
ويقول الدكتور عبد اللطيف عبد الحليم «أبو همام» الاستاذ بكلية دار العلوم إن كل صاحب رسالة معرض للاساءة وقديما قالوا «من ألف استهدف» فما بالنا والنبي «صلى الله عليه وسلم» صاحب أعظم رسالة على وجه الأرض، وأشار الى أن الرسول «صلى الله عليه وسلم» تعرض لاساءات وبذاءات لا نظير لها لايقاف دعوته بدأت بالتشويه وإطلاق الشائعات ووصلت الى حد محاولة قتله، وعن محاولات الاساءة التي وقعت مؤخراً قال أبو همام إن هناك جماعات منظمة تقود عمليات الاساءة للنبي الكريم ليس بهدف الاساءة لشخصه فقط بل لتشتيت المسلمين وإثبات أنهم ارهابيون بسبب ردود أفعالهم العنيفة للدفاع عن رسولهم ودينهم وللزج بهم في متاهات، وقال «أبو همام» إننا أحيانا نضخم الأمور بردود أفعال غير محسوبة ولو تركناها لماتت بالسكتة القلبية لأن تضخيم الموقف فيه سذاجة من المسلمين لأنهم ينساقون وراء ما أراده اعداء الاسلام، فيمكننا أن نتظاهر ولكن بشكل حضاري وليس كما رأينا من اعتداء على رجال الشرطة وحرق سياراتهم التي هي ملك للجميع، وأضاف: إن المحاولة الأخيرة وراءها دسيسة صهيونية تورط فيها بعض أقباط المهجر وهذه كارثة، وأكد أن الاسلام دين قوى جذوره ثابتة في الأرض ولن تؤثر فيه هذه المهاترات ويمكن للمسلمين الرد على هذه الاساءة بنفس الأسلوب وبصورة حضارية مثل انتاج فيلم مناهض لدعوات الاساءة وترجمته بجميع اللغات والترويج له ليصل الى كل انسان على وجه الأرض بدلاً من قتل السفراء أو حرق السفارات، ووجه أبو همام الشكر للأقباط الذين رفضوا الاساءة لرسول الاسلام وأدانوا هذه الحماقات.