الخجل هو شعور إنساني يتمثَّل في نوع من القلق الإجتماعي عند الشخص، وهو ليس بحالة بسيطة، بل هو حالة معقَّدة ويمكن تعريفه على أنه إحساس سلبي بالذات والنقص، فيكون هذا الشخص يشعر بأنه أقل من أبناء جيله أو أقرانه، وليس النقص في أمرٍ معيَّن؛ ولذلك كان هذا الأمر معقَّداً، ويكون مصحوباً بإهانة حقيقية أو خزيٍ حقيقي، وهو يختلف تماماً عن الحياء المحمود والذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (الحياء شعبةٌ من شُعبِ الإيمان)، فالحياء في اللغة هو الحشمة أي عكس الوقاحة، واصطلاحاً انقباض النفس من شيءٍ وتركه حذراً من اللوم فيه. فالحياء خُلُقٌ حميد ومطلوب،أما الخجل فيتجاوز هذه المرحلة ليصل إلى مرحلة المرض؛ والذي إن زاد عن حده وطال أمده؛ وجب علاجه على الفور. يكثر الحديث عن الحياء والخجل عند النساء خاصة؛ مع الخلط بين معنى المصطلحين، فالفتاة التي تستحي هي فتاة سوية، أما الخجولة فإن عندها مشكلة يجب عليها الإسراع في حلِّها، ويمكن للفتاة أن تعرف إن كانت خجولة أم لا عن طريق ملاحظة نفسها وتقييم المواقف التي مرَّت بها وطريقة معالجتها لها، ولا تكون هذه الملاحظة ليومٍ واحدٍ أو موقفٍ واحد، بل هي عبارة عن مجموعة مواقف تكون قد حدثت على فترات زمنية طويلة؛ تبدأ الفتاة بمراجعتها لتعرف نفسها. فيمكن أن تُلاحظ كيف تتعامل أثناء وجود غرباء حولها أو حديثها مع شخص غريب أو اكبر منها سِناً، فغن كانت تشعر بعدم الإرتياح لوجود أشخاص كثيرين حولها مع عدم قدرتها على التعامل مع المجتمع المُحيط بها ؛ فهي دليل على وجود الخجل لديها، وكذلك إذا كانت تتلافى الأكل أمام الآخرين أو تشعر بقلق مستمر او لا تكون مبتهجة في الحفلات والمناسبات الإجتماعية وتحاول ألا تبرُزَ أمام الحاضرين، هذه كلها أدلة على أن هذه الفتاة خجولة، وهذا الخجل غير مطلوب نهائياً، فيجب عليها الإسراع بتغيير عاداتها ومواجهة مخوفها للتغلب على هذه الحالة. إن من أسباب الخجل ما يكون عادة بسبب التربية، فتنشأ الفتاة وخصوصاً في مجتمعاتنا العربية على مبدأ النقص، حيث أن إخوانها الذُّكور لهم مكانة أفضل منها في البيت والمجتمع، فتنشأ عندها عقدة النقص. فرط الحماية من الأهل تؤثر سلباً على تصرفات الفتاة، حيث انها تنزع منها الثقة بالنفس؛ كما أنه قد يعطيها شعوراً بعدم الأمان في حال ابتعدت عنهم، وهذا أيضاً من الأسباب المُباشرة لهذه الحالة. إن كثرة انتقاد الفتاة امام قريناتها أو زميلاتها أو بنات العائلة من شانه زعزعة استقرارها ويتولد لديها شعور سيء بأنها أقل منهن. إن تربية الطفل تعتمد على التوازن، فعدم الإستقرار في التربية تولد لدى الفتاة انطواءاً على نفسها، حيث أنها لا تعرف ردة فِعل والديها على تصرُّفاتها، فتارة يكونان حازمين وتارة متساهلين معها، فتنشأ عندها حالة من عدم الإستقرار تؤدي إلى الخجل. إن من سلبيات الخجل هو الإنطواء على النفس وعدم التفاعل مع المجتمع المُحيط به، فتكون الفتاة إنهزاميةً في حياتها نظراً لقناعتها بأنها أقل الموجودين وأحطُّهم شأناً. تكون محرجة في أي مناسبة تكون حاضِرة فيها وهي محط الأنظار، فمثلاً الفتاة الخجولة ستشعر بالكثير من الإحراج والضيق في حفل زفاف أخيها، حيث أن أخت العريس لها مكانة واضحة في هكذا مناسبات. وهناك حالات يكون التعويض فيها عن هذا الشعور بالعنف الزائد والعدوانية اللا مبررة، فتكون ردة العفل عنيفة في مواقف لا تحتمل هذا التصرف؛ وذلك حتى لا يُقال عنها انها أقل أو ادنى من غيرها، يمكنهم أن يقولوا عنها أنها عنيفة أو مغرورة أو متكبرة، ولكن ليس أنها أقل من سِواها.