السلام عليكم ..
لي زميلة في العمل حكمتها التي تؤمن بها ، ان كل ما في شخصياتنا من سوء او تطرف ، مرده الى حدث او موقف او شخص في مقتبل حياتنا ...ترك اثره مثل كٙيّ قبيح ..
و اعترف انني شيئا ً فشيئاً صرت اؤمن بنظريتها .
...........
حكايتي اليوم عن صديقة ، صديقة العمر كما يقال ...و اليكم حكايتها :
بدأت حكايتنا معاً منذ دخلت المدرسة المتوسطة ...
صديقة تعمقت علاقتنا ببطء ، بتؤدة ، بتفهم و تفاهم و تشابه في المنبت الاجتماعي ...
كانت لطيفة و صادقة ...كل ما فينا متلائم ...
صفة واحدة فقط نغصت علينا هذا التناغم ...وهي
غيرتها المنفلتة ...
كانت متفوقة جداً مثلي ...كانت تدرس بجد و تنافسني ...لكن المشكلة انني كنت دائماً اتفوق عليها ...لا رغبة في منافستها ..انما تحقيقاً لذاتي ..و استمراراً في مسيرتي ..كنت دائماً في المرتبة الاولى ..و كانت هي الثانية ..
كنت اخذ الامور ببساطة ...و كانت تأخذها جرحاً في اعماقها ، كانت الدرجات القليلة التي تفصلنا تتضخم يوماً بعد يوم في شعورها ...حتى صارت المسألة عقدة ...و بدأت بمرور السنين تتجلى في تصرفاتها المغتاظة ...
كانت مشاعرها تتقلب بصدق بين صداقتنا الصادقة و محبتنا لبعض ..و بين ادراكها انها لن تستطيع تحقيق ما تريده في ان تحقق المرتبة الاولى...بسببي انا .
لا تتصوروا الامر سخيفا ...كنا صغيرتين ، و كانت الدراسة كل حياتنا ...كنا نكبر و كانت شخصياتنا تبنى و كان مضمار تحقيق الشخصية هو هذا المجتمع الصغير ..و محبة مدرساتنا ..
انهينا دراستنا الثانوية و لأنها متفوقة مثلي ...فقد دخلنا الكلية ذاتها ..لنكمل المسيرة ..
الجامعة مجال رحب ..علاقات جديدة ...اناس كثر ..
انا كنت ارغب في ان استمر بصداقة فتاة احببتها ..رغم انني لم اكن اجهل غيرتها التي تتفجر بجنون احيانا ..لكنني كنت احبها و اغفر لها .
اما هي ...فيبدو انها اتخذت قرارها بشأني ...لم تعد تريد ان تستمر ...
ادركت الامر من تصرفاتها ..كانت تتعمد احيانا ً ايذاء مشاعري ، ادخال الغرباء بيننا ، تكوين صداقات اخرى ...تخبطت بشتى الطرق .
عني ..ابتعدتُ بهدوء دون تكوين علاقة اخرى ..عشت الوحدة المتقطعة لشهور ..و راقبتها تكون صداقاتها المتسرعة الجديدة ...كانت صورتها تتشوه امام عيني قلبي شيئاً فشيئاً ...و كنت حزينة فعلاً ...لأجلها ..و لأجلي .
استمرت علاقتنا المريضة عامين ..كانت فيهما تتقلب بين مد و جزر ...كنت اعي ما يجري تماما ً ...لكنني لم اكن قد وصلت الى قرار بعد .
ثم حدث ان عصف بها مشكل عائلي ..و تأزمت اوضاعها ...و كانت النتيجة نهاية العام انها كانت مكملة بأحدى المواد ..
و حين وجدت نفسها في ازمتها وحيدة ..التفتت الى الماضي ..و لجأت الى صديقتها القديمة بعد ان انفضت الفوضى من حولها ...
كنا جيراناً كذلك ...و رغم انني انهيت العام ناجحة ..لكنني قضيت العطلة كلها ادرس معها المادة التي كانت مكملة بها ..لكي لا تشعر بالوحدة ...
كانت كل يوم بعد ان نكمل الدراسة تبكي ..و كنت اصبرها ، و اواسيها ...
و حين ادت امتحانها في الدور الثاني ..وقفنا ننتظر النتيجة سوية ...وقتها جاءت الي ...صارخة من الفرحة ...و احتضنتني ...شكرتني ، قالت لي ( لولاك ما اجتزت ازمتي ..).
عندها ...قلت لها ...( هل قصرت ُ في شيء )؟..
نظرت الي طويلا باستغراب ..و قالت : لا .
قلت : هل تحتاجين مني شيئاً ...قالت : لماذا تقولين هذا ...
قلت لها بهدوء : بما انني اديت ماعلي ..و دون تقصير ..و انت الان على مايرام ..فسأطلب منك طلباً ..
قالت بهدوء : بالتأكيد ، ماهو ؟
اجبتها بالحرف الواحد : اخرجي من حياتي ..انسيني تماماً ...من اليوم انا لا اعرفك .
حين تركتها لم اكن اكرهها بقدر ما كنت احب نفسي .
..........
الخلاصة ...على قدر الحب يكون ثمن الخطأ الذي يرتكبه الاخرون في حياتنا .
لا يعني هذا الا نمنحهم فرصاً ...لكنهم وحدهم ...وحدهم يقررون كيف و متى يستهلكون فرصهم .
و دمتم .
......