صحيفة الخليج- إبراهيم باهو
قريباً سنشاهد جميع أنواع السيارات تسير في الطرقات بنفسها من دون سائق، لتنقلنا بأمان إلى أي مكان نريد الوصول إليه وفي أي وقت. فتكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة، التي قد تغير مستقبل المواصلات في العالم جذرياً، ستصبح واقعاً في غضون عدة سنوات، بحسب الخبراء والمطورين والشركات المنتجة، رغم أنه لا يزال هناك قلق بشأن عدة جوانب تتعلق بهذه التكنولوجيا، التي تحتاج إلى الكثير من الجهد والمال والوقت، لتصل إلى صورتها النهائية المطلوبة. لأن القيادة عملية معقدة، تتطلب المهارة والتحكم والقدرة على القيام بأفعال وردود أفعال، بطريقة بديهية وسريعة، وهو ما قد يصعب على السيارات الذاتية القيادة، رغم تزويدها بأنظمة ذكاء صناعي ومستشعرات متطورة تمكنها من القيام بذلك، فإنه من الصواب الاعتقاد أن هذه التكنولوجيا تحتاج إلى الكثير من الجهد والمال والوقت، حتى نرى نتيجتها النهائية وتصبح حقيقة واقعة. لكن في المقابل يعتقد الكثيرون أن السيارات ذاتية القيادة قادمة لا محال، وستعتمد عليها شوارع مدنهم المستقبلية، فهي حسب الخبراء قد تحفظ حياة الملايين، وتقلل استهلاك الوقود، وبالتالي تخفيض نسب التلوث وانبعاثات الغازات من المركبات، خاصة إذا ما تم تأمين البنى التحتية اللازمة لها، مثل تزويد الطرقات بأحدث التقنيات التي من شأنها تسهيل سيرها بشكل سلس ودون حوادث.
حلول الاستشعار
بسبب التطور التكنولوجي الهائل، أصبحت السيارات الذاتية القيادة قادرة على التحكم بسرعتها، وترك مسافة الأمان، والمحافظة على السير في المسار دون تغييره، ذلك أنه بفضل أنظمة الذكاء الصناعي، صارت هذه المركبات أذكى من قبل، إذ لم تكن في بداية تجربتها تستطيع المحافظة على مسافة الأمان أو المسار. وللوصول إلى أهدافها، فإن الشركات العالمية المصنعة لهذه السيارات مجبرة على استخدام أحدث حلول الاستشعار، لذا نراها تتسابق فيما بينها لاستخدام أحدث التقنيات، مثل تقنية الاستشعار «ليدار» أو «LiDAR»، التي تعمل ضمن برنامج السائق الافتراضي للسيارة، على توجيه المركبة بسلاسة على الطرق المتعرجة، دون الحاجة إلى استخدام كاميرات، كونها تحدد المدى وحساب المسافات أو خصائص الأهداف المرصودة عن طريق الليزر. وتستخدم في هذه التقنية أنظمة استشعار ذكية، مثل نظام الاستشعار «SH Ultra PUCK» الهجين المتطور، وهو من إنتاج شركة أمريكية تدعى «Velodyne» في ولاية كاليفورنيا. ويزيد مجال التغطية في نظام الاستشعار «SH Ultra PUCK» الأوتوماتيكي، عن 200 متر، لذلك تكون السيارة قادرة على التعامل مع سيناريوهات متعددة للقيادة؛ إذ يتيح هذا النوع من المستشعرات تسريع وتيرة تطوير برنامج «السائق الافتراضي»، والتحقق من كفاءته، وبذلك فهو يعد العقل المحرك الذي يُوجه أنظمة العمل في السيارة. كما تُسهم مزايا نظام الاستشعار هذا، مثل مجال الرؤية الواسع وخفّة الوزن، بجعله مثالياً للسيارات ذاتية القيادة. وكانت شركة «فورد» الأمريكية نجحت في اختبار سياراتها «فيوجن» الهجينة ذاتية القيادة، التي تستخدم هذه التقنية، بالسير بها في الظلام من دون استخدام مصابيح أمامية، على طرق صحراوية خالية قد تكون محفوفة بالمخاطر بالنسبة إلى السائقين، وبفضل تقنية «ليدار» هذه، لم تعد سيارات الاختبار بحاجة إلى ضوء الشمس أو الكاميرات لكشف الخطوط البيضاء على الطرقات.
المستوى الخامس
يرى الخبراء أن بإضافة الجيل الأحدث من الكمبيوترات، وأنظمة الاستشعار المتطورة، فإنه بالإمكان إنتاج سيارات ذاتية القيادة بالكامل. ويشترط تعريف جمعية مهندسي السيارات الدولية SEA International، عدم تدخّل السائق بالتحكم في قيادة السيارة، وهو تصنيف جعلته في المستوى الرابع، لذا يبدو أن اختبار تجهيزات الاستشعار والكمبيوترات أصبح أمراً إلزامياً لتحقيق القدرة الكاملة على القيادة الذاتية، إذ تعمل الشركات على تجربة مستشعرات وأنظمة عدة، منها ما هو مخصص للكاميرات، والرادارات فوق الصوتية، سعياً لتقديم مزايا تحكّم شبه ذاتي. إضافة إلى تركيب مستشعرات خاصة بمثبت السرعة التفاعلي، ومساعد الركن النشط، وتنبيه الخروج عن المسار، ونظام البقاء في خط السير، ونظام الكشف عن المشاة، ونظام التحكم بالمقطورة، وتقنية التواصل بين سيارة وأخرى، وحالياً تتوفر هذه التكنولوجيا والتقنيات في العديد من سيارات العالم التي يتحكم بها الإنسان. وترى الجمعية أنه لتحقيق المستوى الخامس لتصنيفها، بخصوص السيارات ذاتية القيادة، والتي يجب أن تكون ذاتية القيادة بجميع تفاصيلها، لن يتحقق قبل عام 2075، رغم أن الشركات ووسائل الإعلام تقول إن ذلك ممكن أن يصبح واقعاً بحلول عام 2040.
طاقة لاسلكية
تعمل شركة «غوغل» على إنشاء نظام يمكنه توصيل الطاقة إلى السيارات الكهربائية ذاتية القيادة لاسلكياً، ففي العام الماضي، حصلت شركة في نيويورك تدعى «هيفو باور»، وشركة «مومنتم داينميكس» لخدمات السيارات الكهربائية بمدينة فيلادلفيا، على إذن من لجنة الاتصالات الفيدرالية لتثبيت شواحن تجريبية لسيارات «غوغل»، في مقرها. وتعتمد شواحن الشركتين على عملية نقل الطاقة، من جهاز إرسال مدمج بالأرض إلى جهاز تسلم موجود أسفل المركبة؛ وفقاً لمبدأ الحث الكهرومغناطيسي الرنيني. وحسب كريس أورسون، مدير برنامج «غوغل» للسيارات ذاتية القيادة، فإن الشحن اللاسلكي قد يكون ضرورياً إذا حققت مركبات «غوغل» رؤيته، فالكثير من الناس يحتاجون اليوم إلى سيارات ذاتية القيادة كلياً.