اطالت النظر ...كان المشهد معتاداً ، لكنها لم تمل التمعن فيه يوماً ، ربما كان مؤلماً في بادىء الامر ...يوم اكتشفت ان نزيف مشاعرها الصامت لم يـُجد نفعاً في إفهامه ...و ان تفتّـُحها وردةً في الاصيص المجاور له لم يلفت انتباهه ...كان مشغولاً بعبير زهرة على الطرف الاخر منها ...
كاد يغمى على صبرها يوم قدم حلقة الخطبة لآمرأة الضفة الاخرى وسط كل الزملاء ..لكنها تحاملت على نفسها في لحظة الانهيار تلك ...و حين يتغلب البشر على لحظات السقوط الأشد مفاجأة ، فهم غالبا ً ينجحون في النجاة ...
النجاة هنا لم تكن سوى لملمة نثار روحها و رسم بسمة مشاركة الاخرين تقديم التهنئة ، اما ما تلاها من ايام الحسرة التي تبدأ بمرآهما معاً كل صباح ، فتلك حكاية ٌ اخرى...بطولة اخرى ...يعرف تفاصيلها قلبها و ربها ...فقط.
اطالت التحديق فيهما ...بالقدر الاقل من المشاعر ، في المرحلة التي هي فيها الآن ...هي عبرت الكثير من الخطى في درب الشوك و الغيرة و التساؤل و العذاب ...بم ٙ فاقتها تلك المرأة ...لم اهداها قلبه ..لمٙ استقبل اليمين دون اليسار ...؟!
هي اليوم لم تعد في ازمة التساؤلات تلك ...فالايام كانت كفيلة بذر الرماد فوق جمر جرحها ...حتى صار غير ملحوظ ..
مرت بقلبها في كل مراحل رحلتهما ، دون ان يعلما ، بكت يوم عقدا قرانهما ...
فكرت في علبة حبوب مليئة مغرية ، يوم زفافهما ...
و تغيبت يوم عادا من شهر العسل ...
مرت الاحداث بلا رحمة فوق قلبها ...فوق حبها ..فوق ايامها و احلامها ...حتى مات كل شيء .
لم يبق من الامر بعد ما يقرب من العام ..الا رغبة التحديق في امرأة تجلس على المكتب المقابل ...يفصلهما رجل ..تقاسم يوما قلبيهما ..قلبان مات احدهما يوم احتفل الاخر بميلاد الحب ، امام العالم .
حدقت فيهما ، يمين المشهد ....دون ان تبصر القلب الذي يحدق بها ....يساره.