يقصد بوظائف الدولة الوظائف السياسية وليس الوظائف القانونية التي تنصرف على الوظائف التشريعية والتنفيذية والقضائية، بيد أن لكل دولة حد أدنى يجب ان تقوم به يتمثل في مهمة الدفاع عن نفسها، بث الطمأنينة والسلام في ربوع الدولة، و أيضا فظ النزاعات التي تثور بين الأفراد. مما سبق نجد هناك خلاف بين النظريات في فيما يخص وظائف الدولة: المذهب الفردي، المذهب الاشتراكي، المذهب الاجتماعي.
المذهب الفردي: يقوم على أساس الفرد وتقديسه، إذ يحصر وظيفة الدولة في أضيق حد ممكن أي أن تمارس غلا أوجه النشاط المتصلة مباشرة بوظائف الأمن والدفاع والقضاء، فيما عدا هذه الوظائف تترك الدولة للأفراد ممارسة مختلف أوجه النشاط الأخرى في حدود القانون.
تعرض هذا المذهب على عدة انتقادات من أهمها:
1- يضيق هذا المذهب دائرة نشاط الدولة مما يعيقها من تحقيق المصلحة العامة.
2- ترك المسائل الحيوية كالصحة والتعليم في أيدي الأفراد قد ينتج عنها أزمات اجتماعية إذ لابد من تدخل الدولة لتسيير هذه النشاطات.
3- يفتقد هذا المذهب إلى الأساس العلمي عندما يقول بوجود حقوق للفرد سابقة على وجود المجتمع وهذا أمر غير منطقي.
المذهب الاشتراكي: ظهر هذا المذهب كرد فعل لتناقضات المذهب الفردي و ليجعل من الجماعة الهدف والغاية بإزالة بعض مخلفات الرأسمالية من طبقية بين أفراد المجتمع ليؤمن بذلك للدولة التدخل في كافة الأنشطة وإدارتها وذلك لتحقيق العدالة الاجتماعية بين الأفراد.
وكغيره من المذاهب وجهت له انتقادات من أهمها:
1- إذا كان المذهب الفردي يجعل الإنسان يستغل أخيه الإنسان فإن المذهب الاشتراكي يقضي على نشاط الفرد ويضعف لديه روح الابتكار والمبادرة بحيث يصبح يتكل على الدولة في كل شيء.
2- يؤدي هذا المذهب إلى استغلال الطبقة العامة من طرف أصحاب القرار أي استبدال الاستغلال من الطبقة الرأسمالية إلى طبقة كبار الموظفين.
المذهب الاجتماعي: هو من أكثر المذاهب انتشارا في الوقت الحاضر ، وقد وسط بين المذهبين المتطرفين الفردي والاشتراكي، فموقفه يتجلى في وجوب العمل على إصلاح المجتمع عن طريق تدخل الدولة مع الاحتفاظ بالقيم المعروفة كالدين والأسرة والملكية الفردية وحرية التعاقد، من الناحية الاقتصادية يأخذ بفكرة الاقتصاد الموجه بمعنى أن الدولة تتدخل لتوجيه بعض نواحي الحياة الاقتصادية دون أن تقضي على المبادرة الفردية مثل السيطرة والسيادة على ثرواتها الطبيعية وإقرار العدالة الاجتماعية أو مكافحة البطالة...
وظائف الدولة الإسلامية: للدولة الإسلامية وظائف ومهام عديدة، إذ أنه يبيح للدولة وللسلطة الحاكمة أن تتوسع في وظائفها وتحد من حقوق الأفراد لصالح الجماعة كلما دعت الضرورة لذلك، يكفيها فقط الشهادة وتبليغ الدعوى للإنسانية جمعاء وفق الضوابط الشرعية.
إلى جانب كل هذا تضطلع بوظائف أساسية هي:
1- فريضة الجهاد،
2- توفير الأمن والطمأنينة لجميع سكانها،
3- إقامة العدل بين الناس ورد المظالم،
4- الأمر بالمعروف والنهي على المنكر،
5- توجيه الاهتمام بالعلوم ووسائل التقدم الحضاري،
6- إقامة التكافل الاجتماعي داخل المجتمع.
إن المذهب الاجتماعي يجد أساسه في الشريعة الإسلامية تشريعا وتطبيقا تلك الشريعة التي التزمت الوسطية في جميع المجالات، فهي تعتني بالفرد قدر اعتنائها بالجماعة، بل تفضل مصلحة هذه الأخيرة كلما الضرورة ذلك (جباية الزكاة ومحاربة مانعيها، تامين المرافق العامة والصناعات الثقيلة بضرورات الحياة للجميع).
منقول