طائفية العقل الباطن
مقدمة وتوضيح :
___________•
فالنعرف أولاً .. ما هو العقل الباطن ؟
هو اللاشعور أو اللاوعي ، وهو عبارة عن عدة عناصر التي تكون الشخصية الإنسانية ، بعض هذه العناصر يدركها الإنسان ، والبعض الآخر تبقى بعيداً عن الوعي والإدراك ، اختلفت المدارس الفكريه في تحديد معنى دقيق لتعريف مفهوم العقل الباطن ، إلا أن التعريف العام له هو ما يدل عن ترسبات القمع النفسي داخل الإنسان ، بحيث لا تصل للذاكرة ، وهذه الترسبات داخل العقل الباطن هي المحفزة للسلوك ، بالإضافة الى كونه مقراً للغريزة الجنسية والخبرات المكبوتة .
العقل الباطن طائفي أيضاً ! ربما هي جملة غريبة بعض الشيء ، ولكن لن يدوم هذا الاستغراب طويلاً وخاصة بعد ربطه بأستدلال معين ، لعل له من الحقيقة نصيب واضح ، وخاصة للعقلاء .
رغم توحد الكلمة - أو محاولة ذلك - على مستوى الصف الأسلامي بصورة عامة والصف الشيعي بصورة خاصة ، و وصول العقل الظاهر الى توافق بهدف المصلحة العامة ، وهو واضح حالياً وخاصة بالتوحد ضد العدو المشترك على المستوى العام الذي ذكرناه وكذلك التآزر الواضح تحت لواء واحد على المستوى الخاص منـه .
إلا أننا بمستوى معين أكثر عمقاً تسيطر علينا ملكه معينة هي بحد ذاتها شيء طبيعي بل يصح العكس هنا أيضاً فعدم وجودها هو أمر ليس بطبيعي .. نعم هي ملكة العقل الباطن .
سأختصر الشرح بمثال ، كي لا أبدو ممن يسردون الحديث الطويل لأجل أيصال فكرة لنفسه وللآخرين بانه مثقف ! وصاحب هدف ! وهو لا أصاب الأول ولا الثاني ! وما أكثرهم .
مثـــــال :
______•
كل منا له أعتقاده وله ميوله أو ولاءه لمذهبه كذلك بشكل أكثر تفصيلاً له ميوله لحزب أو تيار أو كتلة حتى يصل ذلك الميول لـ ولاء مطلق ، فتحصل نقاشات تبدأ بالعقل الظاهر - والذي يحاول شد الحوار للدعوه للوحدة وعدم الاختلاف - بعدها يأتي دور العقل الباطن - وهو أقرب ما يكون لدور الشيطان ! - فيأخذ بسياق الحديث أو النقاش الى نقاط الأختلاف ! لاحظ ! يضع نقاط الاختلاف تحت المجهر ليزيد من الطين بله ، ولا يأتي بذكر نقاط التوافق ، رغم أنها الأكثر هنـــا !
مع الالتفاف طبعاً أن العقل الباطن ليس دائماً بهذا الدور ، أنما يقتصر الايضاح هنا على حالة معينة .
أين نلاحظ ذلك ؟
____________•
كما ذكرنا .. نلاحظ ذلك في النقاشات ، وكذلك خدمات التواصل الاجتماعي . كيف ؟ صَديقي مثلاً لا يحب إيران لأسباب خاصة به ، يجرني العقل الباطن بأن أمجد لأيران وأبوق لها ، كذاك لو صَديقي من الحزب الفلاني أو التيار الكذائي فأني سأكون ضحية عقلي الطائفي الباطن فأقوم بتسقيط ذلك الحزب أو التيار ، أو بمستوى أبسط ( في الفيس بوك مثلاً ) .. فَـ أقوم بأعطاء إعجابات أو مشاركة لأشياء هي نقيض ما يهوى أو يتبع أو مايدن بالولاء من جهة معينة كمذهب أو حزب أو حركة ، هذا ليس بكره ، لا بل هو ( شغل العقل الباطن حبيبي ) .
طيب .. والحل ؟
___________•
الحل يتدرج في صعوبته الى ما وصل اليه الشخص من ارتباط بسلبيات عقله الباطن والتي بدأ بترسيخها هو نفسه عبر معتقداته وافكاره الخاطئة ، أضف الى ذلك الأمر يتعلق أيضاً بالمستوى النفسي للفرد من حيث الخلق .. فكلما كان الشخص متسامحاً ومحباً .. كان الوصول للحل أسرع وأفضل .
رجوعاً لتعريف العقل الباطن في بدء الحديث نعرف إن ما تم الاحتفاظ به في داخله هي ترسبات وصورة باطنية منسوخة من سلوكنا المبني على ايماننا بأشياء معينة ، لعلها ( بعد الرجوع لنفسنا .. قليلاً ) ليست أهل للإيمان والاعتقاد بصحتها .. ليست أهلاً لننسخ منها صوراً ونحتفظ بها في عقلنا الباطن .
إذا هناك نقطتان مهمة في فقرة ( الحل ) أو العلاج هي :
١- الرجوع الى أفكارنـا ومناقشتها بالأدلة على اعتبار الاطمئنان شيئاً مهماً هنا - لأنه دعم الهي - في أغلب الأحيان ، وخاصة للنفوس المؤمنة والواعية ، والوصول الى نتيجة مرضية للضمير ، وبالتالي هي مرضية لله ، فماذا يريد الله بالعبد غير الصلاح لنفسه .
٢- محاولة الوصول لمرحلة التوافق بين العقل الظاهر والعقل الباطن ، وذلك بالايمان المطلق بما تعتقد وزرع فكرة المسامحة والعفو .. وما هو أقرب للتقوى ، لتنمو هذه الفكرة وتعطي ثمارها في العقل الباطن ، والذي يتدخل في سير الانسان و طريقة تفكيره وطرحه ، وبالتالي الوصول للنجاة على المستووين المذكورين سلفاً .
مع الأخذ بعين الاعتبار أن تلك الطائفية للعقل الباطن تقع أحيانـاً بمستوى أعلى .. وأقل كذلك ، ولكن حصراً واختصارا كتب الموضوع بهذه الصورة .. والحليم لا يحتاج الى تفصيل كما يقولون .
والسلام .