الإمامُ عَليْ والمَرْأةُ الفَقيرَه/ أغرَبُ وأصدقْ ماسَمِعتُ منَ الرؤى 4 /
قَريبةُ لَوالديْ .. عُرِفَ عَنْها التٌقوى والعِفٌة وعزٌة النفسْ .. إبتلاها الٌله بالزٌواجِ منْ رجلٍ فقيرْ .. ولإنٌها عاشَتْ في بيتِ أبيها في عزٌ منَ الحياةِ ودَلالْ ..فَقَدْ كانَتْ تَتَذّمٌر ُ مِمٌا هيَ فيهْ منْ بلاء الفَقْرِ كَثيراً ..يصلْ بها الى حدٌ الجَزَعْ احياناً .. وَكانَتْ تَحْمِلُ مِنْ إلأباءِ ماكانَ يَمْنَعها مِنْ السٌؤالِ وطَلَبِ المَعونةِ مِنْ أَحَدْ . مَعَ أَنٌ الجَميعَ وَمنهمْ (والدتيْ التي تحدٌثنا عَنها) يَعْرِفُ مَدى الحُزنْ الٌذي يَسْتَعْمِرُ صَدْرها مِنْ هذا القَدَر الذٌي جَعَلها زَوجةً لِرجلٍ قَليلِ الحيلةِ .
دَفَعَتْني الرٌغبةُ الشٌرعيٌة ذاتَ يومٍ أنْ أَصِلِها و أزوَرها في بَيْتِها والكائنُ في مدينةِ جنوبيةِ تبعدُ عنٌا كثيراً . فَجَمعني بِها مجْلِسُ في لَيْلَةٍ صَيْفَيٌةٍ جَلَسْنا بِها وَسَط الدٌار .. فَجَرٌنا الحديثُ عَنْ أمير المؤمنينَ علي بنْ أبي طالبْ وفضائِلِه وكَراماتِه .. وكانَتْ تَعْشقُ الحديثَ عَنْه .. فتفاجأتُ بِها وأنا اطوي الوقتَ مَعها في هذا المدارِ الملكوتيْ .. وَهيَ تَقْطعُ حواريْ .. وتَبْكي بكاءاً مريراً .. ماوجدتُ في قوليْ مايناسبهْ .. فجَعَلَني هذا البُكاءْ وبَعْد انْ هدأتْ .. ألِحٌ بالسٌؤالْ عمٌا دَفَعَها الى البُكاءِ الى هذا الحَدْ ..؟
فقالَتْ .. تحدٌثني عَن صِفةِ اميرِ المؤمنينْ وَأنا مَنْ رآه . وأما بكاءيْ هذا الا مِنْ حياءيْ مِنْه .!! فَصارَ عِنْدي فُضولُ أنْ اعرفَ كَيْفَ رأتْ الإمامْ وَلِمَ الحَياء ؟ فَأقْسمتُ عَلَيها بِوالديْ وَكانَت تَجلٌه . أنْ تحدٌثنيْ بالقصٌة كاملةً .. فراحَتْ تَسْردُ ليَ القُصة وَكَأنٌها هيَ الأخرى كانَتْ تَبْحَثُ عنْ أحدٍ تَطْمَإنٌ لَه لِتستريحَ مِنْ هذا الَهمْ الثٌقيلْ الذي يَكْتِمُ عَلى صَدْرِها .
قالَتْ .. 1
لَمٌا وَجدتُ نَفسيْ بحالُ مِنَ الفَقْرِ لااطيقُه بَعْد صبرِ ورجاء منْ انٌ اللٌه سيٌغيٌره في يوم ٍما .. صرتُ ولاسيٌما بَعد أنْ رَزَقَني اللٌه بِذريٌة .. كُلٌما سَنَحَتْ ليَ الفُرْصَة بِزيارةِ النٌجَف .. كِنْتُ أقْصِدُ مِنْ هناكَ ضريحَ الإمامْ .. وَأقفُ عندَ أحَدِ زواياهْ مخاطبةً الامامْ وشاكيةً لَه حاليْ .. وَطالبةً مِنْهُ أنْ يغيٌر قَدَري هذا بِشفاعتهِ عِنْدَ اللٌه .. وَماكانَ لي مِنْ مَطْلَبٍ غيْرَ هذا .. ولَيْسَ لي مِنْ كلامِ غَيرَ هذا .. ولاشِكايةٍ غَيْر هذه .. وّكلٌ هذا مَع نوباتٍ مِنَ البكاءْ .. وَلاأتركُ قسماً بأحدِ أحبٌتهِ الا وَقَسمتُ بهِ عليهْ .. حتٌى يَنْظرَ بِحاجِتيْ وَيَقْضيها . ثمٌ اخرجَ مِنَ الضريحِ وَأنا بِأملٍ وَرجاءٍ أنْ اجدَ مِن أثرٍ للإستغاثةِ بهِ والدٌعاءْ تَحتَ قُبٌتهِ .. وماكنتُ أقصدُ غَيرهُ في هذا الشأنْ .. وحينَ لَمْ اجدْ بَعْدَ مدٌة أي اثرٍ للإجابةِ .. ماكنتُ أيْأسُ ..بلْ أعودُ للإمامِ معاتبةً وشاكيةَ تاخيرَه للإجابةِ .. وأقومُ بنفسِ ماأقومُ بهِ من أفعالِ الاستغاثة ببكاءٍ ودعاءْ .. وَهكذا لِمناسباتِ عِدةٍ ولِسنواتِ وَأنا على هذا الحالْ منَ التردٌدْ على ضريحِ الإمامْ كلما اكونَ بها في النٌجُفْ .
حَتٌى اذا كانَتْ لَيْلَه صَعُبَ عليٌ النٌظرَ بها الى حالِ أولادي وَانا بهذا الفَقرْ .. وَغيري منَ النٌساءِ متنعمَةُ بالرزْقِ الواسعْ .. فأصابَني همٌ ثقيلْ .. فصَعَدتُ سَطْحَ الدٌارْ وناجيْتُ الإمام منْ بُعْدْ .. وَقدْ اكثرتُ ولاوٌل مرٌة القَسمَ عليهْ بسبيْ آبنتهِ زَيْنَبْ وماتَعدٌيتُ الى غَيْرهْ وكأنٌي لاأعرفُ غَيرَه.. فكلٌ مناجاتي كانَتْ تدورُ حولَ مظلوميٌةِ زَيَنبْ .. وكأنٌ كنتُ بذكرها أستمدٌ قوةً وصبراً منْ جهةِ .. وألقيْ حجٌةً أخيرةً على الإمامْ منْ جهةِ أخرى .. ( وكلٌما تذكرتُ الانَ ماقَسوتُ بهِ عَلى الامامِ منْ لفظِ قسمِ غليظْ كهذا يُصيبني حياءُ منه ونَدَم ُ شَديدْ .
تقولُ في لَيْلَتها.. في ليلةِ المناجاةِ هذهِ .. رأيتُ في عالمِ الرؤيا كأنٌي في الصحنِ الشٌريف لِضريحِ الامامِ علي عليهْ السٌلام .. وَليْسَ هناكَ منْ أحدٍ غَيريْ .. فَدخلتُ الى داخلِ الحرمْ المُطَهٌرْ .. فوَجَدْتَه هوَ الآخرْ فارغاً ..
فجلستُ قِبالَ الضريحْ متكئةً على الحائطْ .. صامتةً احملقُ في تفاصيلِ الضريحْ .. وَقدْ غَلَبَ الحزنُ على روحيْ في لحظةِ ما . فأطرَقتُ برأسيْ الى الأرضْ غارقةَ بحزنيْ ..
وماأنْ رَفَعتُ رأسيْ حتٌى تَسمٌرتْ كلٌ جوارحيْ في مواطنِ تَكْوينِها منَ الدٌهْشةِ ..اذْ لمْ أرَ في تلكَ اللحظةِ التي رَفَعتُ بها رأسيْ ضريحاً .. بلْ رأيتُ شخصاً مَهيباً . نورانيٌاً .. حتٌى يكادُ المَكانُ يَغرقُ بِنورهْ .. قَد تقاطرَتْ من ملامحِه أبوٌة ..تجلٌتْ الى درجةِ كبيرةِ في نَظْرَتهِ لي ..
تقول ُ
ماأنْ رأيْتَه حتٌى نهضتُ .. واقفةً في مكانيْ .. وقدْ أخذتني هيبَته ُ الى درجةِ أني لمْ أقوى الى النٌظرِ اليهْ ثانيةً الا بِصعوبَة .. واطمَعتْني تلكَ الابوٌة الى درجةِ أنٌي تمنيٌتُ ان ألقي بِنفسيْ عليْه .. فأقبٌل يَديهْ ورِجْليْه .
نَظرَ اليٌ وَأنا بِهذا الحالْ .. فكأنٌه أشارَ إليٌ وَأنا أرفعُ نَظريْ إليهْ فخطوتُ .. حتٌى صرتُ على مَقْرَبةٍ مِنْه .. فَسألنيْ حينَها ..
هلْ تَعرفينَ مَنْ اكونْ ؟
قلتُ ……. لا
قالَ بحنانٍ ابويٌ إخْتَرَقَ كيانيْ .. أنا عليٌ بن أبي طالبْ .
تقولُ .. فماشَعَرتُ الا بِرعشةٍ تَحْتَوي كيانيْ كلٌه .
قالَ .. هلْ ترينَ هذا الٌذي بيديْ ؟؟؟ وكانتْ بيدهِ أشبهُ بالصحيفةِ قدْ بَسَطها أمامي قبلَ أنْ يَسألني سؤالَه هذا .
قلتُ .. نَعَمْ
قالَ ..إنظريْ إليهْ .
فَنَظرتُ إلى تلكَ الصٌحيفةُ ..فرأيتُ بهِا خطوطاً .. تَشبَه الى حدٌ كبيرْ خطوطَ اليَدْ . تملأها .
قالَ .. ماذا ترينَ ؟؟
قلتُ .. أرى خطوطاً .
حينَها قالَ سلام الله عليه.. هذهِ ليْسَتْ خطوطاً ..!!
هذا قدركِ الذي خَطٌهُ اللٌه لكِ ..
وَبَعْد صمتِ منٌي قالَ
هكذا خَطٌه اللٌه لكِ ..
ثمٌ أردَف بالقولْ 2
(( نَحنُ أهل البيتْ ليْسَ بآستطاعتِنا أنْ نغٌير قَدَراً خَطٌه اللٌه لِعبادهْ .. الاٌ اذا كانَتْ في ذلكَ مصْلحةَ .. . فلو ْ وَجَدتُ في تغييرِ حالِ الفقر الذي أنتِ بهْ مصلحةً لكِ .. لغيٌرته .! 3