أعمال القلوب والنية صلاح لإعمال الأبدان

إن الله جل جلاله جعل قبول أعمال الأبدان متوقف علي عمل القلب وصلاح القلب هو الذي يتوقف عليه صلاح العمل وكذلك النية فهي أساس قبول كل عمل فإذا نظرنا في القران نجد دائما خطابه للقلوب فهذا هو الفرق بين المؤمن الحق والمنافق الذي يظهر العمل ولكنه يبطن الشر والكفر والجحود فالخطاب في القران بالنظر تارة والتفكر تارة والتدبر تارة أخري واتقاء شر ما يجول في النفس

أعمال القلوب والنية صلاح لإعمال الأبدان
وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179)
لما اخبر الله عن أهل جنهم وصفهم ووصف سبب دخولهم النار انهم عطلوا عمل القلوب فلذلك نجد أن عمل القلوب مقدم علي عمل الجوارح والأبدان وكذلك أن الترتيب إنما كان لقوة العمل وتأثيره علي الإنسان من حيث الهداية فانه قدم القلب لأنة هو الذي يدل الإنسان علي الخير ثم جاء بعده البصر لان كل ما تبصره الأعين يكون له تأثير قوي في انصياع ألإنسان والأيمان بالله فلذلك نجد أن معجزات الرسل التي كانت تلمس بالحواس الظاهرة لها تأثير في إيمان من شاهدها وحضرها ولكن القرآن خاطب القلوب والعقول هو معجزة باقية لأنها اشتملت مع ألإعجاز الحسي علي الأعجاز العقلي
الفرق بين الإعجاز الحسي والعقلي وصلاح القلب بهما
أما المعجزات الحسية فهي التي تحدث في زمن معين لامة بعينها يشاهدها من حضرها منهم ويكون شاهدا عليها لمن لم يحضرها وهذه المعجزات إنما تنقضي بانقضاء زمنها ومن شاهدها, ولكن الإعجاز العقلي إنما يكون لمن حضر عصره ومن جاء بعدهم إلي يوم الدين وهذا ألإعجاز هو القران فهو مازال يعجز العقول ويبهرها إلي يومنا هذا ولا يزال الناس عاجزون عن الإتيان بمثله فلذلك نجد أن القران يأخذ القلوب من الغفلة إلي الهداية ومن المعصية إلي الطاعة, فكان تأثير المعجزة العقلية اقوي في إصلاح القلب من غيرها
كل عمل يحتاج إلي نية حتي يقبل عند الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه)
هكذا نجد أن رسول الله صلي الله عليه وسلم حصر قبول العمل وصلاحه في الحديث الشريف علي النية وهي عمل القلب فلا يصح عمل أو يقبل إلا بالنية حتي يقبل عند الله جعل وعلا وحتي يكون إخلاص العمل لله تعالي, فيا عبد الله اصلح قلبك حتي يصلح الله لك عملك ويقبله منك ويكون سببا في نجاتك وفوزك في الدنيا والأخرة