هذه القطعة الفنية العالمية التي تشتهر ب«الموناليزا» أو ال«جوكاندا»، ورسمها المُهندِس المعماري والنحّات الإيطالي ليوناردو دا فينشي، لا تعتبر لوحة فقط، بل إنها تاريخ وإرث حضاري وسياسي وتراثي، فبسببها توترت العلاقات بين دولتي فرنسا وإيطاليا في بداية القرن الماضي، وبالتحديد بعد سرقتها من متحف «اللوفر» بالعاصمة الفرنسية باريس، من قبل موظفها النجار الإيطالي فينتشنزو بيروجي، في مثل هذا اليوم من عام 1911.
اعتبرت عملية سرقة بيروجي للوحة، بأنها أعظم سرقة فنية في القرن العشرين، وبحسب الشرطة الفرنسية فإن الموظف الإيطالي أقدم على فعلته بمساعدة النصاب والمحتال الأرجنتيني الشهير إدواردو دي فالفيرنو، ومزور الرسومات الفرنسي ييفز شاودون.
وبحسب الشرطة الإيطالية التي قبضت على السارق بيروجي، فإن الأخير دخل المتحف في 21 أغسطس/آب نحو الساعة 7 صباحاً، من باب الموظفين، وارتدى بدلة بيضاء مثل تلك التي يرتدونها عادة، وعندما وجد القاعة الكبرى حيث كانت توجد اللوحة فارغة، رفعها من الحائط، وخلع بدلته البيضاء ليلف اللوحة بها، ووضعها تحت ذراعيه وغادر من نفس الباب الذي دخل منه، من دون أن يشعر أحد بشيء.
لم يلاحظ أحد اختفاء اللوحة، حتى إن الحراس اعتقدوا أن مكان اللوحة تغير لغايات التصوير، ولم يدركوا أنها سرقت إلا في اليوم التالي، وكان هذا بمثابة حدث جلَل، فأغلق المتحف 9 أيام، وأُغلقت الحدود الفرنسيّة، وفُتشت القطارات والسفن جميعها.
أخذ بيروجي اللوحة إلى منزله في باريس وخبأها هناك بصندوق لمدة سنتين، وبعد كل هذه الفترة، قرر أن يأخذها إلى منزله في فلورنسا بإيطاليا، وبعد عدة أيام قرر السارق الإيطالي بيع اللوحة لألفريدو جيري، مالك معرض «أوفيزي»، إلا أن الأخير وبعد الاتصال مع جيوفاني بوجي، مدير المعرض، أبلغا الشرطة، ليعتقل على إثر ذلك بيروجي.
بعد اعتقال بيروجي من قبل السلطات الإيطالية علمت الحكومة الفرنسية بالأمر، وعقدت مفاوضات بهدف إعادة اللوحة، وكادت هذه المفاوضات تؤدي إلى قطع العلاقات بين البلدين، إلا أنها انتهت باستعادة اللوحة، ومعها السارق. ولدى محاكمته استطاع بيروجي أن يقنِع الحكومة أنه إيطالي وطني، وأنه كان ينوي أن يعيد اللوحة إلى إيطاليا حيث انتماؤها الأصلي، وبهذا حكم عليه بالسجن 6 أشهر فقط.
تعرضت الموناليزا عبر العصور، إلى التخريب من قبل العديد من الأشخاص، آخرها في 2009 حين رمت امرأة مستاءة من حرمانها من الجنسيّة الفرنسيّة فنجاناً على اللوحة كانت ابتاعته من سوق المتحف.
إعداد: إبراهيم باهو