يحكى ان الحجاج - حكم يوماً على شخص بالاعدام. فقال هذا الشخص للحجاج: أمهلني سواد هذه الليلة لأذهب لعائلتي فاودعهم ومن ثم أعود. فقال له: أو يعقل أن تعود الى الموت برجليك؟! قال: نعم أعود. فطلب منه الحجاج أن يأتيه بمن يكفله حتى يعود. فلما نظر الرجل الى المجلس، قال: أنا لا أعرف أحداً، وهنا قام رجل وقال: يا أمير أنا أكفله. فقال له: إن لم يأت قتلتك مكانه. فقال الرجل: لا بأس. ووافق الحجاج على كفالته، فذهب المحكوم على أن يأتي في اليوم التالي وفي وقت محدد كالظهر مثلاً. ذهب الحجاج في اليوم التالي مع الكافل وجماعة من الناس والسياف الى باب مدينة الكوفة بانتظار عودة ذلك الرجل، ومع مرور الساعات الثقيلة اقترب الوقت من الظهر، واحمرت عينا الحجاج وأخذ ينظر الى الكافل وهو يقول: إن ساعتك قد اقتربت وسيقطع رأسك الآن. فقال له الرجل: إنني مستعد ولكن أتعلم يا أمير أن ذلك الرجــل المحكوم هو رجل شريف ولديه كلمة شرف، وبأنه آت حتماً قبيل أذان الظهر. وما هي إلاّ لحظات وإذا بغبرة من بعيد لم تنجل إلاّ وبالرجل المحكوم واقف بكل اطئمنان أمام الحجاج قائلاً: ها آنذا جئتك فأنفـذ فـيَّ أمرك. فقال لـه: أوجئت الى الموت بقدميك يا هذا ؟! فقال لـه: أنـا أعطيت كلمة شرف أثبت عندها وأفي بعهدي لكي لا ينقطع الوفاء بيـن الناس.
أما الكافل فقال: كفلته لشرف كلمته، ولكي لا يقال بأن الثقة فقدت بين الناس. فعفا الحجاج عنهما معاً رغم طغيانه وظلمه.
إن كلمة الشرف هي قيمة الأمة، فلا ينبغي أن تكون كلماتنا رخيصة زائفة نطلقها بلا دراية والتزام، فمن يعطي كلمة يكون في ربقتها.