يوم دحو الأرض ...
المعنى والأعمال
قال تعالى ( والأرض وما طحاها ) .
بالأرض التي تحتضن حياة الإنسان وجميع الموجودات الحيّة ...
الارض بجميع عجائبها : بجبالها ،وبحارها ، وسهولها ، ووديانها ،
وغاباتها ، وعيونها ، وأنهارها، ومناجمها ، وذخائرها ...
وبكلّ ما فيها من ظواهر يكفي كلّ واحد منها لأن يكون آية من آيات اللّه ودلالة على عظمته .
وأعظم من الأرض وأسمى منها خالقها الذي « طحاها » و « الطحو »
بمعنى البسط والفرش ، وبمعنى الذهاب بالشيء وإبعاده أيضاً .
وهنا بمعنى « البسط » ، لأنّ الأرض كانت مغمورة بالماء ،
ثمّ غاض الماء في منخفضات الأرض ، وبرزت اليابسة ، وانبسطت ،
ويعبّر عن ذلك أيضاً بدحو الأرض ، هذا أوّلاً .
وثانياً : كانت الارض في البداية على شكل مرتفعات ومنخفضات
ومنحدرات شديدة غير قابلة للسكن عليها .
فهطلت أمطار مستمرة سوّت بين هذه التعاريج ،
وتسطحت الأرض فكانت صالحة لمعيشة الإنسان وللزراعة.
يرى بعض المفسّرين أنّ في الآية إشارة عابرة إلى حركة الأرض ،
لأنّ من معاني « الطحو » الدفع الذي يمكن أن يكون إشارة إلى حركة الأرض
الإنتقالية حول الشمس ، أو إلى حركتها الوضعية حول نفسها ، أو إلى الحركتين معاً .
وجاء في مفاتيح الجنان :اليوم الخامس والعشرون : يوم دحو الارض ،
وهو أحد الايّام الاربعة التي خصّت بالصّيام بين أيّام السّنة ،
وروي انّ صيامه يعدل صيام سبعين سنة ،
وهو كفّارة لذنوب سبعين سنة على رواية أخرى ،
ومن صام هذا اليوم وقام ليلته فله عبادة مائة سنة ،
ويستغفر لمن صامه كلّ شيء بين السّماء والارض ،
وهو يوم انتشرت فيه رحمة الله تعالى ،
وللعبادة والاجتماع لذكر الله تعالى فيه أجر جزيل .
وقد ورد لهذا اليوم سوى الصّيام والعبادة وذكر الله تعالى والغُسل عملان :
الاوّل : صلاة مرويّة في كتب الشّيعة القميّين ،
وهي ركعتان تصلّى عند الضحى بالحمد مرّة والشّمس خمس مرّات ويقول بعد التّسليم :
لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاّ بِاللهِ الْعَلىِّ الْعَظيمِ ثمّ يدعو ويقول :
يا مُقيلَ العَثَراتِ اَقِلْني عَثْرَتي ، يا مُجيبَ الدَّعَواتِ اَجِبْ دَعْوَتي ،
يا سامِعَ الاَْصْواتِ اِسْمَعْ صَوْتي وَارْحَمْني وَتَجاوَزْ عَنْ سَيِّئاتي
وَما عِنْدي يا ذَا الْجَلالِ وَالاكْرامِ .
الثّاني : هذا الدّعاء الذي قال الشّيخ في المصباح انّه يستحبّ الدّعاء به :
اَللّهُمَّ داحِيَ الْكَعْبَةِ ، وَفالِقَ الْحَبَّةِ ، وَصارِفَ اللَّزْبَةِ ، وَكاشِفَ كُلِّ كُرْبَة،
اَسْاَلُكَ في هذَا الْيَوْمِ مِنْ اَيّامِكَ الَّتي اَعْظَمْتَ حَقَّها ، وَاَقْدَمْتَ سَبْقَها ،
وَجَعَلْتَها عِنْدَ الْمُؤْمِنينَ وَديعَةً ،
وَاِلَيْكَ ذَريعَةً ،
وَبِرَحْمَتِكَ الْوَسيعَةِ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ الْمُنْتَجَبِ فِى الْميثاقِ الْقَريبِ يَوْمَ التَّلاقِ ،
فاتِقِ كُلِّ رَتْق ، وَداع اِلى كُلِّ حَقِّ ، وَعَلى اَهْلِ بَيْتِهِ الاَْطْهارِ الْهُداةِ الْمَنارِ دَعائِمِ الْجَبّارِ،
وَوُلاةِ الْجَنَّةِ وَالنّا رِ، وَاَعْطِنا في يَوْمِنا هذا مِنْ عَطائِكَ الَْمخْزوُنِ غَيْرَ مَقْطوُع وَلا مَمْنوُع ،
تَجْمَعُ لَنا بِهِ التَّوْبَةَ وَحُسْنَ الاَْوْبَةِ ، يا خَيْرَ مَدْعُوٍّ ، وَاَكْرَمُ مَرْجُوٍّ ،
يا كَفِيُّ يا وَفِيُّ يا مَنْ لُطْفُهُ خَفِيٌّ اُلْطُفْ لي بِلُطْفِكَ ،
وَاَسْعِدْني بِعَفْوِكَ ، وَاَيِّدْني بِنَصْرِكَ ،
وَلا تُنْسِني كَريمَ ذِكْرِكَ بِوُلاةِ اَمْرِكَ ، وَحَفَظَةِ سِرِّكَ ،
وَاحْفَظْني مِنْ شَوائِبِ الدَّهْرِ اِلى يَوْمِ الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ ،
وَاَشْهِدْني اَوْلِياءِكَ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسي ، وَحُلُولِ رَمْسي ، وَانْقِطاعِ عَمَلي ، وَانْقِضاءِ اَجَلي ،
اَللّهُمَّ وَاذْكُرْني عَلى طُولِ الْبِلى اِذا حَلَلْتُ بَيْنَ اَطْباقِ الثَّرى ،
وَنَسِيَنِى النّاسُونَ مِنَ الْوَرى ، وَاحْلِلْني دارَ الْمُقامَةِ ،
وَبَوِّئْني مَنْزِلَ الْكَرامَةِ، وَاجْعَلْني مِنْ مُرافِقي اَوْلِيائِكَ وَاَهْلِ اجْتِبائِكَ وَاصْطَفائِكَ ،
وَباركْ لي في لِقائِكَ ، وَارْزُقْني حُسْنَ الْعَمَلِ قَبْلَ حُلُولِ الاَْجَلِ ،
بَريئاً مِنَ الزَّلَلِ وَسوُءِ الْخَطَلِ ، اَللّهُمَّ وَاَوْرِدْني حَوْضَ نَبِيِّكَ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ،
وَاسْقِني مِنْهُ مَشْرَباً رَوِيّاً سائِغاً هَنيئاً لااَظْمَأُ بَعْدَهُ وَلا اُحَلاَُّ وِرْدَهُ وَلا عَنْهُ اُذادُ ،
وَاجْعَلْهُ لي خَيْرَ زاد ، وَاَوْفى ميعاد يَوْمَ يَقُومُ الاَْشْهادُ ، اَللّهُمَّ وَالْعَنْ جَبابِرَةَ الاَْوَّلينَ وَالاْخِرين ،
وَبِحُقُوقِ اَوْلِيائِكَ الْمُسْتَأثِرِينَ اَللّهُمَّ وَاقْصِمْ دَعائِمَهُمْ وَاَهْلِكْ اَشْياعَهُمْ وَعامِلَهُمْ ،
وَعَجِّلْ مَهالِكَهُمْ، وَاسْلُبْهُمْ مَمالِكَهُمْ، وَضَيِّقْ عَلَيْهِمْ مَسالِكَهُمْ ،
وَالْعَنْ مُساهِمَهُمْ وَمُشارِكَهُمْ ، اَللّهُمَّ وَعَجِّلْ فَرَجَ اَوْلِيائِكَ ، وَارْدُدْ عَلَيْهِمْ مَظالِمَهُمْ .
وَاَظْهِرْ بِالْحَقِّ قائِمَهُمْ ، وَاجْعَلْهُ لِدينِكَ مُنْتَصِراً ،
وَبِاَمْرِكَ في اَعْدائِكَ مُؤْتَمِراً اَللّهُمَّ احْفُفْهُ بِمَلائِكَةِ النَّصْرِ وَبِما اَلْقَيْتَ اِلَيْهِ مِنَ الاَْمْرِ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ ،
مُنْتَقِماً لَكَ حَتّى تَرْضى وَيَعوُدَ دينُكَ بِهِ وَعَلى يَدَيْهِ جَديداً غَضّاً ،
وَيَمْحَضَ الْحَقَّ مَحْضاً، وَيَرْفُضَ الْباطِلَ رَفْضاً، اَللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى جَميعِ آبائِهِ ،
وَاجْعَلْنا مِنْ صَحْبِهِ وَاُسْرَتِه ابْعَثْنا في كَرَّتِهِ حَتّى نَكُونَ في زَمانِهِ مِنْ اَعْوانِهِ ،
اَللّهُمَّ اَدْرِكْ بِنا قِيامَهُ ، وَاَشْهِدْنا اَيّامَهُ ، وَصَلِّ عَلَيْهِ وَارْدُدْ اِلَيْنا سَلامَهُ ،
وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ .
و انّ السّيد الدّاماد ( رحمه الله ) قال في رسالته المسمّاة الاربعة ايّام في خلال
أعمال يوم دحوّ الارض انّ زيارة الإمام الرّضا ( عليه السلام )
في هذا اليوم هي أكد آدابه المسنونة كذلك ،
ويتأكّد استحباب زيارته (عليه السلام ) في اليوم الاوّل من شهر رجب الفرد ،
وقد حثّ عليها حثّاً بالغاً .
المصدر/مفاتيح الجنان ص 278