TODAY - 01 August, 2010
علاوي: إذا سألت أي عراقي عن الديمقراطية فسيجيب انها الدم والركود والبطالة
ساسة العراق: لا أمل بحكومة قبل الخريف.. والوساطة الأجنبية مؤسفة لكنها مفيدةبغداد- ارنستو لوندونو
بعد مرور خمسة اشهر على الانتخابات المتنازع عليها، يقول كبار الساسة العراقيين انهم لديهم كل شيء الا الأمل في التوصل الى حل لمأزق تشكيل الحكومة الجديدة قبل الخريف.
ويبدو ان الجمود السياسي المطول كان سيناريو يخافه الاميركان لمدة طويلة. ففي نهاية آب ستعلن الولايات المتحدة نهاية مهامها القتالية في العراق ويكون عديد الجيش خمسين الف جندي وسط أزمة سياسية عميقة.
وفي الاسابيع القادمة ستقوم الولايات المتحدة بتنصيب سفير جديد لها وقائد جديد لقواتها في العراق. وكان المسؤولون الاميركيون يتمنون ان تكون الادارة العراقية الجديدة قد تولت مهامها قبل تحولهم من المهام القتالية الى مهمة المساعدة في ضمان انتقال سلس في وقت حساس. وقد تخوف الاميركان منذ مدة طويلة من ان الانتقال الاول للسلطة في بلد يتمتع بسيادة قد يشوبه الاضطراب والعنف.
وقال اياد علاوي رئيس الوزراء الاسبق وأحد المتنافسين للعودة لمنصبه السابق في مقابلة أمس الاول السبت ان شهورا من المفاوضات لم تفض للتوصل الى قرار حول من له الحق ليكون رئيس وزراء العراق وكيف يتم توزيع المناصب المهمة. وقال ان ليس ثمة احتمال لاختراق الجمود قبل ايلول (سبتمبر) أو تشرين الاول (اكتوبر)، لأن الدوائر الرسمية ستخفض ساعات دوامها مع حلول شهر رمضان الذي سيبدأ في اواسط آب (أغسطس).
وأصبحت مفاوضات تشكيل الحكومة معقدة جدا بسبب الانسحاب المرتقب للقوات الأميركية والغضب المتصاعد بين العراقيين بعد استمرارالهجمات وارتفاع معدل البطالة وتدهور الخدمات العامة. ويقول علاوي ان "العملية (مفاوضات تشكيل الحكومة) منقوصة وغير متوازنة وزاخرة بالمشاكل. وان اي عملية ضعيفة قد تصل بسهولة للانهيار في نهاية اليوم".
وشهد شهر تموز الماضي مقتل أعداد كبيرة من العراقيين خلال هجمات تكاد تكون يومية تقريباً في مختلف أنحاء البلاد.
ويصر القائد العسكري الأمريكي الاعلى في العراق، الجنرال راي اوديرنو، على أنّ المشاكل السياسية والعنف المستمر لن يمنعا القوات الأمريكية من مغادرة البلاد في الموعد المحدد، لكنه عبر عن قلقه من عدم التوصل الى حل لهذه القضية بحلول شهر تشرين الأول (أكتوبر).
ويتفق القادة السياسيون من حيث المبدأ على ان الحكومة الجديدة يجب أَن تكون شاملةَ. لكن اكبر كتلتين تتنازعان بشأن ما اذا كان الدستور يعطي الحق لاكبر كتلة فائزة بالانتخابات كي تشكل الحكومة ام انه يعطي ذلك الحق لأكبر ائتلاف يتشكل بعد اجراء الانتخابات، في حين بقيت الفئات السياسية الأصغر والتي يمكنها كسر الجمود مترددة.
من جهتها تحاول البلدان المجاورة توازن المجريات بقوة. فإيران تدعم تشكيل حكومة تحت قيادة الشيعة بينما تدعم سوريا وتركيا والعربية السعودية حكومة يشكلها علاوي، على ما يقال، وهو شيعي علماني قاد تحالفا حظي بدعم قوي من الناخبين السنة.
وفي هذا الصيف، خرج عراقيون إلى الشوارع للاحتجاج على عدم قدرة الحكومةَ على توفير سوى بضعة ساعات من الكهرباء في اليوم. ويتحدث العراقيون عن زعمائهم بمزيد من الاستخفاف على نحو متزايد، وتكلم الأئمّة في مختلف أنحاء البلاد في صلاة الجمعة عن ضعف الحكومة.
وتقول ناجحة كاظم المحررة في وكالة انباء أور "ليس هناك عمل وليست هناك وظائف، والناس تنتظر، وهم يقومون بشراء الغذاء وتوفير المال تحسبا لأن تسوء الحال في المستقبل، اكثر مما ساءت في 2006 و2007 في سنوات التمرد الوحشي".
وقبل شهر بدأ النواب العراقيون الجدد بتحصيل صكوك رواتبهم البالغة عشرة الاف دولار شهريا. لكنهم في الحقيقة اجتمعوا لمرتين فقط منذ التصديق على الانتخابات في حزيران، وفي المرتين أُجلتْ الجلستان على عجل بعد الفشل في انتخاب رئيس للبرلمان.
ويقول غاري غرابو المسؤول السياسي الاول في السفارة الاميركية في بغداد "كلما طال الامد فان هناك التزاما على كل فرد للبحث بجدية عن تسويات ضرورية. وحتى فترة قريبة كان هناك بعض التردد. فقد كان من الصعب على كل طرف ان يبادر باتخاذ الخطوة الاولى او البادرة الاولى".
وقد حدد مجلس الأمن التابع للامم المتحدة الاربعاء المقبل موعدا لإجتماع لتجديد مهمة الانتداب على العراق التي تقوم بها المنظمة. وقد أراد الزعماء العراقيون من مجلس الأمن منذ مدة طويلة أَن يرفع العقوبات التي فرضت على العراق بعد إحتلال الكويت عام1990. ويريد العراقيون سيطرة أكثر أيضاً على الاموال العراقيِة التي تم الاستيلاء عليها كجزء من العقوبات، والتي وضعت في حسابات دائنين لايمكن الوصول اليها.
ويقول النائب عز الدين الدولة ان "بطء عملية التفاوض حول تشكيل الحكومة قد يعطي مجلس الامن فرصة لتمرير توصيات لن تكون مقبولة من الشعب العراقي". ويقول مسؤولون عراقيون آخرون إن وساطة أجنبية، على الرغم من كونها أمرا مؤسفا، فانها أفضل أمل لتحقيق حل.
ويقول مسؤولون أمريكان بأنهم سيضعون في الاعتبار وساطة اكثر حزما اذا طلب العراقيون منهم ذلك.
لكن حتى الآن لم يطلب اي من زعماء الكتل تدخلا اميركيا اكبر مخافة ان يتهم الفائز ايا كان بالعمالة لاميركا.
ومعادلة كفة الميزان هو الارث الذي خلفته اميركا بعد سنوات الاحتلال السبع التي ستسميها ادارة اوباما عما قريب باسم "عملية الفجر الجديد" بدلا من "عملية حرية العراق".
ويقول مسؤولون اميركيون انه "كلما طال امد العملية، كلما اصبح من الصعب نقل المبادرات والمشاريع الاميركية بيسر للحكومة العراقية. وسيكون هناك وقت محدود للقادة الاميركيين لصياغة علاقات قوية مع ضباط الامن العراقيين الكبار اذا كانت الحكومة العراقية الجديدة ستبدل قياداتها الامنية لمختلف وكالاتها.
ويقول علاوي "لعل الامر الاكثر اهمية هي نتائج الهدف الاميركي في تأسيس ديمقراطية في قلب الشرق الأوسط".
ويقول علاوي "اذا سألت اي عراقي في الوقت الحاضر: كيف ترى الديمقراطية؟ فانه سيجيب: انها الدم والركود والبطالة واللاجئون والغش. واذا الديمقراطية لم تنجح في العراق واذا تم استبدال الاستبداد باستبداد آخر فلن يكون هناك من موروث ديمقراطي".
عن واشنطن بوست