ما هي التغذية الامثل لنمو الطفل العقلي
العديد من العناصر الغذائية تعتبر مهمة جداً لنمو الطفل وتطوره! وهنا سنحدثكم عن اهم العناصر لنمو الدماغ ولضمان التطور العقلي السليم للطفل؟
النظام الغذائي الصحي الشامل لكافة العناصر الغذائية، مهم جداً لنمو الدماغ، منذ الفترة التي يكون فيها الجنين في بطن أمه، وحتى مراحل الطفولة اللاحقة التي لا يزال فيها الاطفال في مرحلة تكوين للجهاز العصبي. والفترة الأهم التي ينمو فيها الدماغ، هي الفترة ما بين الاسبوع 24 خلال فترة الحمل، وحتى الاسبوع 42، وفي هذه المرحلة من النمو والتطور السريع للدماغ وللجهاز العصبي، من الممكن أن يكون الجنين عرضة لأي مشاكل واضحة ناتجة عن نقص بعض العناصر الغذائية، اذا لم يحصل على كفايته منها.
ومما لا شك فيه أن تناول نظام غذائي صحي وشامل لكافة العناصر الغذائية مهم للنمو والتطور، الا أن بعض من عوامل النمو والمواد الغذائية تؤثر على نمو الدماغ للطفل وتطوره أكثر من غيرها، وقد يظهر تأثيرها منذ أن يكون جنيناً في بطن أمه وحتى بعد الولادة وخلال مراحل الطفولة. فالدماغ الذي ينمو بشكل سريع في هذه المراحل هو أكثر عرضة للضرر اذا لم يحصل على الكميات الكافية من العناصر الغذائية اللازمة. فنجد بعض المناطق في الدماغ تتأثر بشكل كبير بنقص عنصر معين أكثر من غيره، مثل تأثر القشرات السمعية والبصرية، ومنطقة الحصين المسؤولة عن عمليات النطق والذاكرة ومن هنا تظهر أهمية التغذية في تحديد مسار النمو العقلي والبصري السليم للطفل.
وبحسب ما أظهرته الدراسات والأبحاث مؤخراً، تلعب بعض المواد الغذائية دوراً أكبر من غيرها في تأثيرها على النمو العقلي للطفل، وتشمل هذه العناصر:
- البروتينات
- الأحماض الدهنية الغير مشبعة (مثل أوميغا 3)
- الحديد
- الزنك
- النحاس
- اليود
- السيلينيوم
- فيتامين A
- الكولين
- حمض الفوليك.
ووجود أي نقص في هذه المغذيات على عدة اصعدة، والمصاحب لفترات فيها يكون نمو خلايا الدماغ سريع، سيكون لها تأثيرات سلبية على نمو وتطور الدماغ، وبحسب عدة عوامل، تشمل: التوقيت، الكمية المتناولة، والمدة. وذلك بحسب ما ذكرته دراسة نشرتها المجلة العلمية American Society for Clinical Nutrition عام 2007 .
اذ وجد بأنه من الممكن الكشف عن اثار نقص عناصر غذائية محددة، ومعرفة على أي جزء في الدماغ يتركز تأثيرها تحديداً. واليكم الأمثلة الاتية التي تبين نقص كل عنصر من العناصر على الدماغ كما وضحت الدراسة السابقة:
- سوء التغذية الذي يؤدي الى عدم الحصول على كميات كافية من البروتينات والطاقة يسبب تأخر في النمو واثاره كانت واضحة على منطقتي الحصين hippocampus والقشرة cortex في الدماغ، مما قد يؤدي الى الاصابة بعجز في الاداء الفكري، وتخلف عقلي، وقدرات معرفية محدودة، كتأثر القدرة على التعلم. ومثل هذه المشاكل يمكن اختبارها عن طريق الاختبار التنموي العام general developmental testing.
- نقص عنصر الحديد يعمل على تغير تكون مادة المايلين (myelination)، وبعض المثبطات العصبية، وبعض عمليات التمثيل الغذائي في الحصين.
- نقص الزنك يؤثر على النظام اللاإرادي العصبي ومنطقة الحصين وتنمية الدماغ.
- نقص بعض السلاسل من الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة المهمة لعملية synaptogenesis، قد يؤثر في تكوين المايلين، ووظيفة الغشاء.
اذا فكما تبين بأن التأثير سيكون واضح على الخلايا ونموها وتطورها، عند وجود أي نقص في أي من العناصر السابق ذكرها. ولكن ما يجدر ذكره بأنه الى الان ما يظهر هو انه لاتوجد أدلة واضحة بعد على مدى تأثير النظام الغذائي على ذكاء طفلك وبحسب ما ذكرته وزارة الصحة البريطانية NHS، الا ان التأثير الأكبر للغذاء يظهر على وظائف الدماغ وعلى الذاكرة، كما واتضح أن اتباع نظام غذائي يحوي كميات عالية من السكريات البسيطة والدهون الغير صحية والمشبعة سيعمل على إعاقة نمو الدماغ وادائه لوظائفه بالشكل الصحيح!
اليكم التفاصيل الاتية حول بعض العناصر الغذائية وتأثيراتها الايجابية أو السلبية على التطور والنمو العقلي للطفل:
البروتين وتطور الدماغ:
يلعب البروتين والأحماض الأمينية دوراً أساسياً في نمو الدماغ وبناء الناقلات العصبية، المهمة لتواصل خلايا الدماغ ونقل الاشارات العصبية، اذا فهو مهم لكافة الأوامر والعمليات العصبية، بالاضافة الى كونه يدخل في تركيب الخلايا والانزيمات المختلفة في الجسم، وكما ذكرنا سابقاً فان نقصه قد يكون له مشاكل واضحة ومباشرة على نمو الدماغ، وعلى القدرات المعرفية والادراكية للطفل. ومصادر البروتينات عديدة، منها المصادر الحيوانية: كاللحوم وبدائلها، والحليب ومشتقاته. ومنها المصادر النباتية، كما في البقوليات.
حمض الفوليك وتطور الدماغ:
فيتامين B9 أو كما هو معروف حمض الفوليك، مشهور ومعروف بأهميته في المرحلة المبكرة من الحمل وفي الفترة التحضيرية له، فنقص هذا الفيتامين يسبب تشوهات خطيرة في الانبوب العصبي للجنين، وقد يؤدي الى الاصابة بالتهاب الدماغ ومشاكل في نموه وتطوره، اذاً فهو أحد أهم العناصر الغذائية المهمة في بداية تطور الجهاز العصبي للجنين وخاصة خلال فترة أول 28 يوم من الحمل. ومصادر حمض الفوليك عديدة، أشهرها الحبوب الكاملة، والخضار الورقية، وعصير البرتقال.
الاحماض الدهنية أوميغا 3 وتطور الدماغ:
أشارت العديد من الدراسات الى مدى أهمية أوميغا 3 لعمل الدماغ وتطوره، اذ وجد بأنها مهمة لتعزيز الذاكرة والسلوك، وهي ضرورية لنمو الدماغ ووظائفه المختلفة. ودهون أوميغا 3 هي دهون غير مشبعة صحية ومفيدة جداً للجسم، ودائما ما تنصح النساء الحوامل بتناول الكميات الكافية منها لتطوير نظام عصبي صحي للجنين، ولربط العديد من الأبحاث دورها في تطوير الرؤية عند الأطفال. وأهم مصادر الأوميغا 3 هي: المأكولات البحرية مثل السلمون، وبذور الكتان، وأنواع من الزيوت النباتية.
عنصر اليود وتطور الدماغ:
في بحث نشرته "المجلة الأميركية للتغذية السريرية" اتضح أن نقص كمية اليود عما هو مطلوب له تأثير كبير على نمو وتشكيل الدماغ، وهو يؤدي الى ضعف الدماغ وأضرار غير رجعية على خلاياه، قد تسبب الشلل الدماغي، الصم، والخرس، واضطرابات في الغدة الدرقية، ومشاكل في النمو. ومصادر اليود عديدة فهو موجود في المصادر الحيوانية، والمأكولات البحرية، والملح المدعم.
التأثيرات السلبية لبعض الأغذية على الدماغ والتطور العقلي للطفل!
ان تناول الطفل أو الرضيع نظام غذائي عالي بالدهون الغير صحية مثل الدهون المهدرجة و الدهون المشبعة، والسكريات البسيطة، وجد له تأثير سلبي على تطور الجهاز العصبي والدماغ، بالاضافة الى أضراره المعروفة على البالغين. ومن ضمن هذه الاثار السلبية التهابات في الدماغ ومخاطر على صحة القلب والأوعية الدموية. كما وان تناول كميات عالية من السكريات يؤثر على مقاومة الانسولين في الجسم، وهذا يعني عدم قدرة الجسم على الاستفادة من هرمون الانسولين بالشكل الصحيح، واستغلال الجلوكوز وادخاله الى الخلايا، مما قد يؤدي الى تلف خلايا الدماغ التي تعتمد الجلوكوز كمصدر رئيسي للطاقة.
ومن هنا ننصح بتناول النشويات المعقدة مثل الحبوب الكاملة والخبز الاسمر والخضراوات والفواكه العالية بالألياف، والتي تساعد تنظيم مستويات السكر في الدم والحفاظ على صحة وسلامة الدماغ. وتجنب مصادر الدهون الغير صحية والتركيز فقط على الغير مشبع منها كما في زيت الزيتون وزيت السمك والمأكولات البحرية. والتركيز على مصادر الفيتامينات والمعادن المختلفة.
اذا فالاهتمام باعتماد النظام الغذائي الصحي والمتكامل خلال فترة الحمل وفي مراحل الطفولة المبكرة، هو المفتاح لضمان التطور العقلي والادراكي والمعرفي السليم لطفلك!