وقف البهلول يوماً ينادي على طريق يمر به هارون الرشيد، فنادى يا هارون ـ وكان هارون وراء الفرسان ـ قال: من الذي ينادي؟
قالوا: بهلول المجنون.
فقال: أتعرفني يا بهلول؟
قال: نعم، أعرفك.قال: من أنا؟
قال: أنت الذي لو ظلم أحد في المشرق وأنت في المغرب لسألك الله تعالى عنه يوم القيامة. فبكى هارون وقال: يا بهلول كيف ترى حالي؟
قال: أعرض نفسك على آية من كتاب الله تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ، وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} الانفطار: [13 ـ 14].
قال: وأين عملي؟
قال: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27].
قال: وأين قرابتي من رسول الله (ص)؟
قال: {فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: 101].
قال: وأين شفاعة رسول الله (ص)؟
قال: {يَوْمَئِذٍ لاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ} [طه: 109].
قال: يا بهلول، مالك حاجة نقضيها لك؟
قال البهلول: نعم.
قال هارون: وما هي؟
قال: تغفر ذنوبي، وتدخلني الجنة.
قال هارون: ليس هذا بيدي يا بهلول.
قال: فلأي شيء تقول لك حاجة نقضيها؟
قال هارون: يا بهلول بلغنا إن عليك دينا فنقضيه عنك؟
قال: يا هارون الدين لا يقضى بالدين، رد أموال الناس إليهم.
قال هارون: أمرت لك برزق يدر عليك حتى تموت.
فقال: يا هارون أنا وأنت عبدان لله تعالى، أترى هو يذكرك وينساني؟ فخجل هارون من كلامه .