مقومات الحياة الفاضلة
إنَّ الحياة الفاضِلةَ هي غاية ووسيلة في نفس الوقت؛ فهي غايةٌ عَزَّ على كثير من الناس تحقيقُها؛ لأنَّ ثمنها باهظ، وسعرَها غالٍ، وطرق الوصول إليها صعبة ومتعِبة، فهي ليست مزدانةً بالأُقحوان والورود؛ بل لا بدَّ لأصحابها من تضحياتٍ جسام وصمود، وهي وسيلة لتحقيق القِيَم الإنسانية، فمن خلالها تَصلح أحوال الراعي والرعيَّة.
فما هي أهم مقومات الحياة الفاضلة؟!
إنَّ الحديث عن المقومات هو بحث عَميق عن الجوهر والروح، بعيدًا عن كلِّ الأشكال والسطوح! فالمقومات هي عبارة عن مَعاييرَ وضوابط، وطرقٍ ووسائط.
فبالمقومات تنضبط لنا وتيرةُ الحياة، وتتكيَّف حركاتنا مع سَكَناتِنا، وتتوازن أخلاقنا مع معاملاتنا.
وبالمقومات تظهر لنا العيوبُ والنقائص والأخطاء، فنصحِّحها ونعالجها في تريُّثٍ ورويَّة.
إنَّ مقومات الحياة الفاضلة هي الأسس التي تُبنى عليها أنماطُ العيش الهنيء، وهي المعايير التي تقوِّم وتعدل طبائعَ البشَر المختلفة بما يعمِّم أخلاقَ المجتمع الفاضل، ويرسخها على جميع المستويات.
أيها الفضلاء:
• إنَّ الحياة الفاضلة هي محض فضلٍ من الله ومنَّة، وهي القرآن الكريم وصحيح السنَّة، وهي لزوم الجادَّة بهدي سلَف الأمة.
• الحياة الفاضلة هي العقيدة النقيَّة السُّنِّيَّة، والشِّيَمُ الرفيعة المرْضيَّة، وهي التعاملات وفق الضوابط الشرعيَّة، فافهم يا أخيه!
• الحياة الفاضلة هي التحلِّي بمحاسن الفضائل، والتخلِّي عن مساوئ الرَّذائل.
• الحياة الفاضلة هي الأمن والأمان، والسَّكينة والاطمئنان.
• الحياة الفاضلة هي المتانة في بناء الصُّروح، والتوازن بين متطلبات الجسد واحتياجات الروح.
• الحياة الفاضلة هي صِناعةُ الرجال، بمنهج الوسطيَّة والاعتدال؛ ففيها شعور بدفءِ السَّعادة، ومتعة التحدِّي والريادة، وهي الذِّكر الحسن للإنسان والإشادة.
• الحياة الفاضلة هي جدُّ بسيطة، ليست إلَّا كسب الرِّزق الحلال، وكرع الماء الزُّلال، والكدح في الشغل بالمهن والأعمال.
• الحياة الفاضلة هي فِعلُ الخيرات، وترك المنكرات، وهي اغتنامُ الأوقات، ومسارعة اللَّحظات، للترقِّي في الدرجات، ودخول الجنَّات.
• الحياة الفاضلة هي الحياة الطيِّبة النقيَّة، واللُّقمة الطاهرة الهنيَّة، والإغفاءة المريحة الشجية.
• الحياة الفاضلة هي رحلة الكِفاح والبناء، ومسيرة البذل والعطاء، وطريق التطوير والإنماء.
ليس في الحياة الفاضلة غِلٌّ ولا حِقد ولا حسَد، ولا ظلم ولا جور ولا بغي على أحد!
ليست العزلة والانطوائية من مظاهر الحياة الفاضلة اليوميَّة.
ليس من الحياة الفاضلة مظاهر الغلوِّ والتخريب والتبديد؛ بل إنَّ حضارتنا الإسلاميَّة سَمَتْ بالعمران وارتقت بالتشييد.
فيا عمَّار الحياة الفاضلة:
تذكَّروا أمجادَ الآباء، وكونوا مثلهم عظماء، تخلدوا في التاريخ، وتَدْنُ لكم أعالي الشماريخ.
كونوا للحياة زهرًا فوَّاحا، لا شوكًا ولا أقداحا.
كونوا للحياة دلوًا يجلب الماء لا حَجرا، وغيثًا نافعًا لا مَطرا.
كونوا مفاتيحَ لكلِّ خير، مغاليق لكلِّ شر.
كونوا كما كانوا، تنالوا ما نالوا.
ألا فوظِّفوا مواهبكم لخدمة أوطانكم الحبيبة، واسترجاع مقدَّساتكم المحتلَّة السَّليبة، والله يحفظكم ويرعاكم، ويبارك خطوكم ومسعاكم.
وختامًا، عيشوا حياةً ذات قيمة، لونها الطموح، وطعمها الإنجاز، ورائحتها الإبداع، تسعدوا وتسعد بكم الحياة، وصلِّ اللهمَّ وسلم على سيد الكائنات.