ولما كانت هذه الأركان هي الأصول الأولية والمقامات الذاتية التي لا تتم حقيقة الممكن إلا بها كانت تبطل الصلاة إذا خل بركن منها سهوا كان أو عمدا فإن الله سبحانه خلق كل شئ من زوجين وهذه هي الأربعة والهيئة التركيبية الخامسة ، وكذلك التوحيد الذي هو أصل سبب إيجاد الإمكان والأكوان إنما ظهرت في مقامات التفصيل في خمس مقامات بعدد قوى الهاء في هو ، وكل ركن من هذه الأركان الخمسة مظهر ظهور من ظهورات التوحيد ، فإذا فقد مظهر من تلك المظاهر بطلت الصلاة لأنها مظهر الكل ، ولذا كانت عمود الدين إن قبلت قبل ما سواها وإن ردت رد ما سواها
ثم أنزلها الله سبحانه من تلك البلدة المباركة إلى العرش الثاني ثم منه إلى الكرسي ففصلها هناك أي بباطن الكرسي في كتاب الأبرار في عليين إلى هذه الحدود المشخصة كما يأتي الإشارة إلى بيان سر تلك الخصوصيات إجمالا ، ولما أنها أمر عظيم وخطب جسيم وبها نجاة الخلائق وهي ظاهر صفات الخالق وباطنها ، علة الذوات والحقائق ، أراد الله سبحانه أن يبين للخلق عظيم منزلتها ورفيع شأنها ومرتبتها ، فأقام الخلائق في أرض الذر في البدء كما أنها أرض عالم المحشر في العود ، ثم عرضها على الخلائق على جهة التكليف ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإلى هذا المعنى ، أشار الحق سبحانه على أحد التفاسير بقوله عز من قائل - إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا - فالأمانة هي الصلاة كما ورد عنهم عليهم السلام باطنا وظاهرا ، والإنسان هم المؤمنون الذين أدو حقها وراعوا حرمتها ، ويحتمل أن يكون المضيعين لحقها وحرمتها ، أما الأول فإن من عرف حقها وأحبها بقلبه وأتاها بجميع جوارحه وصافي طويته ، وخالص سريرته أشرق الله في قلبه نور اليقين وفي صدره نور العلم وفي فؤاده نور المحبة وأناره الله بالأنوار القدسية وأفاض عليه من العلوم الدينية ، فصار إليه سبحانه متوجها بكله وانغمس في بحر لاهوتيته بشهود لبه وقلت منه الظلمات وذهب عنه درن السيئات فصار نورا لامعا وبدرا ساطعا من الذين قال الله سبحانه في حقهم - الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور - والناس أهل الهوى وطلبة الدنيا في ظلمة دهماء وفي لجة عمياء يعمهون وفي غيهم وضلالتهم يترددون فلا يلتفتون إلى أولئك الأخيار ويسعون في إطفاء تلك الأنوار جهلا منهم بمقامهم ، ونسانا لرتبتهم بسوء حظهم وقصور معرفتهم ، فأولئك المصلون الذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلاتهم يحافظون هم المظلومون المجهول قدرهم لأنهم أنوار قدسية إلهية بين ظهراني الخلق وهم عنهم غافلون وعن طريق رشدهم معرضون ، وهم راضون الله عليهم على بصيرة من دينهم وهداية من ربهم قد ملئت قلوبهم نورا وأبصارهم نورا وحواسهم نورا فهم مع الله في شغل عن الناس
يتبع،،،
أسرار العبادات من تأليفات البحر الزاخر والدر الفاخر فخر الأفاخر والأعاظم السيد كاظم الحسيني الحائري الرشتي أعلى الله مقامه