بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
قال تعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 14، 15].
وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يونس: 7، 8].
عن أمير المؤمنين عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خبر المعراج قال: "قال الله تبارك وتعالى: يا أحمد لو صلّى العبد صلاة أهل السماء
والأرض ويصوم صيام أهل السماء والأرض ويطوي عن الطعام مثل الملائكة ولبس لباس العابدين ثم أرى في قلبه من حب الدنيا ذرّة أو سمعتها أو رئاستها أو صيتها أو زينتها لا يجاورني في داري ولأَنزعنّ من قلبه محبتي ولأُظلمنّ قلبه حتّى ينساني ولا أذيقه حلاوة محبتي
وعن الإمام علي عليه السلام قال: "إن كنتم تحبّون الله فأخرجوا من قلوبكم حب الدنيا"
وعنه عليه السلام أيضاً أنه قال: "إنك لن تلقى الله سبحانه بعمل أضرّ عليك من حب الدنيا
تعلّق القلب بهذه الأمور بحيث تشكّل عائقاً أمام ارتقاء الإنسان وسفره نحو الآخرة والحق. وبشكل أدقّ إن تعلّق القلب بملذّات الدنيا وشهواتها وأموالها وزينتها الى الحدّ الذي يحول دون توجّه عقل الإنسان وقلبه وفكره وعمله إلى الله سبحانه وتعالى، وإلى الحدّ الذي يدفعه إلى الوقوع في الحرام ومن دون اعتبار للوقفة في المحكمة الإلهية هو الأمر القبيح والمذموم، وهو الذي قالت عنه الروايات الشريفة أنه رأسُ كلّ ذنبٍ وخطيئة، ففي الحديث أنَّه ممّا وَعظ به الله تعالى عيسى عليه السلام: " يا عيسى.. واعلم أَن رأس كل خطيئة وذنب هو حب الدنيا فلا تحبها فإني لا أحبّها"
وذلك لأن الدنيا والآخرة لا يجتمعان، وحبها وحب الله في القلب لا يلتقيان كما جاء عن مولى الموحّدين عليه السلام أنه قال: "كما أَن الشمس والليل لا يجتمعان كذلك حب اللَّه وحب الدنيا لا يجتمعان".
و أن الدنيا في الحقيقة دنياءان: دنيا ممدوحة ودنيا مذمومة، كما قال إمامنا السجاد عليه السلام: "الدنيا دنياءان: دنيا بلاغ، ودنيا ملعونة
وليس طلب مطلق الدنيا وطيّباتها حراماً ومذموماً ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زينَةَ اللَّهِ الَّتي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ