هناك من يرى بأن دعاة الحرية في صلبهم دعاة للسكر والمجون والتخلي عن القيم والدعارة وهذه نظرة فيها شيء من الحق لان دعاة الحرية لا يطالبون بمنع الشراب ولا يريدون قانونا يفرض قتل من ترك دينه.
في هذه النظرة الكثير من الخطأ أيضا لأن الكثيرين من دعاة الحرية ليسوا من رواد الحانات والملاهي الليلية ولأنهم لا يرون إن الحرية تختصر في شكل معين فمعنى الحرية يعود الى قرارات الفرد وليس لتعريفات المجتمع.
الفرق الحقيقي هو إن دعاة الحرية لا يريدون قوانين تفرضها سلطات امنية كالشرطة الأخلاقية على الناس، لا يريدون من يقف في الشارع ليشبر بسلطة القانون بعد اكمام ثوب امه عن أصابع يديها ولا يريدون من يضرب الناس ان تركوا الصلاة.
القانون مهما كان وان سمح بالشراب او لم يسمح يجب ان يفرض وهذا واجب الدولة ودعاة الحرية لا يريدون ان يكون واجب الدولة تعيين قوات امنية لشم افواه الناس لتحسس رائحة خمر.
هناك فرق كبير اخر وهو إن دعاة الحرية والمناضلين من اجلها يرفضون فكرة وصاية انسان على اخلاق انسان بالغ فإن قرر الانسان ان يغني في حمام بيته فهذا شأنه وان صفر وهو ينتظر بائع الخبز فهذا شيء لا تحكمه الدولة.
دعاة الوصاية وهذا اسمهم الصحيح والصريح مهما كانت خلفيته فلا فرق هنا بين الاشتراكيين والقوميين والدينين يرون مجتمعا طبقيا يقف في أعلاه خليفة او قائد همام او قيصر ويكون البشر بمجملهم مأمورين بأمره لأنه وصي عليهم بسلطة القانون السماوي او الثوري او البروليتاري.
هذه الطبقية التي تعطي غيرك وصاية على رأيك وفكرك وما تشربه وما تأكله وما من حقك ان تحلّم به وما لا يجوز لك ان تفكر به هي بالتحديد ما يعارضه اللبرالي الذي يناشد مجتمع حريات لا يسمح فيه ان تهدم كنيسة لأن القائد ملحد ولا يسمح فيها ان تستعبد بشرا لأن القائد مؤمن بأن رقاب الناس ملكه بدستور سماوي.
الموضوع ليس عن خمر او حشيش ولا هو عن حق الرقص او الغناء او إقامة الحفلات والموضع ليس عن حرية الرأي والتعبير وتأسيس الأحزاب والحوارات الفكرية بل إن الموضوع ببساطة عن مساواة تمنع من يجلس فوقك في هرم الدولة من ان يكون وصيا عليك أي ان الفرق هو بين الحرية التي يمتلك فيها الانسان جسده وروحه وصوته وكرامته وبين عبودية يمتلك فيها من انتصر في الحرب فأصبح أقرب بسيفه الى الله منك وانت عليك ان تفديه بروحك ودمك.
علي سام