روما عاصمة المتاحف المفتوحة
اذا كنت من عشاق الماضى ومحبي قراءة الجمال المرسوم على الجدران فلتكن روما هى وجهتك المفضلة . فالعاصمة الجميلة تتمسك بقديمها وتجعل من كل بيت فى شوارعها «متحف مفتوح» واذا كنت من محبي الفن والموسيقي وكرنفالات الغناء فتخيّر روما من بين كل العواصم لأنها معقل الفن وحاضنة الأوبرا .وإذا كنت عريسا تحلم بتوثيق ذكريات الفرح فاذهب الى روما والقى بنقودك فى «نافورة تريفي» فهناك ينتظرك ملايين العرسان ممن يملكون طوفانا من الأمانى والأحلام الجميلة ... فى روما ستنزع رداء الحداثة وتشعر انك عائد بقديمك الف خطوة للوراء كى تصل الى بدايات الزمن القديم . ستعيش مع ريشة الفنانين ديفينتشي ومايكل أنجلو وستحملك الرحلة الى زمن القياصرة القدامي وربما تشعر أيضا بقيمة نابليون فى عيون شعبه وأنت ترى اسمه محفورا على كل زاوية وعلى واجهة كل متجر ومحال .
انت اليوم فى ضيافة الماضى بل مدعوّ لزيارة متحف الحياة المفتوح .. فابدأ معى الرحلة .
شهادة ميلاد
منذ اليوم الأول كنت حريصا على الفوز بكل صنوف المتعة لذا لم أفكر في استئجار مركبة أو استقلال احد الباصات.. فكل شيء أمامي كان نابضا بالحركة مشتعلا بالحيوية . فشوارع روما - كما رأيتها - لا تنام . كما البنايات تدعو الزائرين لوقفة طويلة إمام نقوشها وزخارفها . فكل جدار يحمل قصة تحفزك للسؤال وتحرك حمية الفضول داخلك من أجل اكتشاف سر جمالها المتوقد . توقفت طويلا أمام المباني لأقرأ العاصمة الساحرة التى دونت نجاحها على الحوائط وكتبت شهادة ميلادها السياحي على الجدران الصلدة . ومع الدهشة التى استرعتني وأنا أعاين المباني في شوارع « روما « وميادينها بلغت دهشتي مداها وأنا أقف أمام مدرج الكولوسيوم البيضاوي - أشهر مباني العاصمة على الإطلاق - والذى يعد بحق أروع معالم العالم التاريخية حيث يطالع زائره البصمات الرومانية التي تركت على حالها منذ أكثر من 3 آلاف سنة ويقرأ تاريخ الإمبراطورية الرومانية التي اجتاحت العالم و زينت مدن العالم بأجمل المعابد والمدرجات والمسارح .
ساحة مينشيو
انتقاله بخطى الحب والإعجاب إلى ساحة « مينشيو « تعيد الزائر لزمن الهندسة المعمارية الغريبة والجميلة فى وقت واحد حيث يطالع الزائر سلسلة من الأبراج التي تعود إلى القرون الوسطى ويقف أمام شكل من المعمار يختلف كليا عن باقي أحياء روما حيث يجمع بين القديم والحديث في تمازج غريب .ويتوسط الحي مربع تتوسطه نافورة فونتانا دبلي راني أو ما يطلق عليها نافورة الضفادع التي قام بتصميمها أيضاً المهندس المعماري جينو كوبيدي. وتتكون من حوض دائري به 4 أزواج من الضفادع، وتحيط بالنافورة العديد من الحكايات الخرافية.
وتتميز روما بساحاتها الأنيقة وتعد ساحة ديل كامبيدوغليو أكثر ساحات روما حيوية وضجيجا بحركة الناس، وهي محاطة بآثار معمارية بناها الفنانان جيان لورينزو باريني و فرانشسكو بوروميني ومن الساحات الجميلة أيضا الساحة الأسبانية حيث يوجد بها ما يسمى بالدرجات الأسبانية، وهي مركز تجمع الشباب من الجنسين، حيث تتباهى الجميلات بعرض أسلوبهن في اختيار الملابس وارتدائها. وفي الساحة منزل الشاعر جون كيتس والذى تحول إلى متحف يجمع بعض مقتنيات الشعراء الرومانسيين ومع ماذكرت تأتى ساحة بياتزا نافونا، بمسلتها الرائعة وتماثيلها العملاقة ونافورتها المميزة لتشكل عنوانا للتجمعات السياحية
نافورة تريفي
في الساحة الأسبانية تطالعك واحدة من أجمل نوافير روما والمسماة نافورة «تريفي» أو نافورة الأمنيات كما يطلقون عليها حيث يقوم كل سائح بتمني أمنية خاصة ومن ثم رمي قطعة نقدية بحوض النافورة. وتقول الأسطورة الرومانية إن من يرمي نقودًا في النافورة، سيعود يومًا ما إلى المدينة. وتعد الساحة الأسبانية التي تتوسطها « نافورة الحظ من أجمل الساحات كما أنها تقع في وسط المدينة على مقربة من المحلات التجارية والمقاهي، وهي تعج بالسياح الذين يأتون إليها من كل مكان كما أنها تعتبر مقصد العرسان الجدد الذين يأتونها لأخذ بعض الصور التذكارية في أجواء من البهجة . ليس هذا فقط ما يخطف ناظريك في الساحة الأسبانية بل تعد الساحة أفضل مكان للتسوق وتتبع الموضة حيث تزهو ببوتيكات امبوريو أرماني و فالنتينو وغوتشي . كما تزدان أزقتها ذات المحلات الصغيرة بروائع التحف والمقتنيات
دولة في مدينة
الزائر لروما لا يمكن أن يتجاهل زيارة أصغر دولة في العالم دولة « الفاتيكان « التي اختارت مكانها في قلب مدينة . ويقف على الهندسة المعمارية الغربية في مساحة لا تتجاوز 44 كلم مربع ويعاين جمال القباب التي أحسن في رسمها الرسام العالمي مايكل نجلو ويضم متحف الفاتيكان الكثير من المنسوجات والمخطوطات والمشغولات واللوحات الفنية التي لا تقدر بثمن كرسومات كرافاجيو و وديفينتشي و تيتيان و اللوحات الجدارية المدهشة لمايكل أنجلو
وتعد روما معقلا من معاقل الموسيقى العالمية و مقصدا لعشاق فن الأوبرا ومن أكثر ما تتميز به عروضها في الهواء الطلق في حمّامات كاراكلا. و تحتفي روما بهذا الفن الإيطالي الموسيقي العريق في مهرجان روما للأوبرا وهو حدث سنوي يحضر إليه الموسيقيون العالميون لأداء مقطوعات الأوبرا في روما وتُعرض الأوبرا في موسمين: تُعرض الحفلات في بيت الأوبرا من يناير إلى يونيو، وتُعرض الأوبرا من يوليو إلى أغسطس في الحمامات في كاراكالا
بلا ناطحات
عشرة ملايين سائح سنوياً كما ترمى الإحصاءات يزورون روما سنويا وينعمون بقراءة تاريخها ومع هذا العدد الهائل - نسبيا - يبقى زوار روما سيّاح من فصيل خاص لا تعنيهم رؤية ناطحات السحاب العالية ولا الأبنية الزجاجية الحديثة بل هم من الفصيل العاشق للقديم ومحبي رؤية المعمار كما هو من قبل أن تمسه الآلة الحديثة . .. نعم إذا كنت من هواة الآثار والتاريخ، فروما وجهتك المفضلة . فهى عاصمة تأخذك بيدها لتعيدك إلى زمن القيصر .
رد مع اقتباس
