التكافل والإغاثة في المرحلة المدنية
بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم منذ اللحظات الأولى لقدومه المدينة بناء المجتمع القرآني الذي يستمدُّ أصوله وأفكاره من تعاليم الله وتوجيهاته من رسوله صلى الله عليه وسلم، وفكرة المجتمع التكافلي واضحةٌ وبارزةٌ في كلِّ شعيرةٍ من شعائر الإسلام؛ فشعيرة صلاة الجماعة تؤصِّل في نفس كلِّ مسلم المساواة والمحبَّة لكلِّ المسلمين، بينما تؤصل فريضة الصيام الشعور بالفقراء والمساكين والجوعى، أمَّا فريضة الزكاة فهي منعٌ للنفس أن تتعلَّق بحبِّ المال وتنسى واهبه, كما تبني مجتمعًا متحابًّا يشعر فيه الفقير بأنَّ أخاه الغني يشعر به ويتألَّم لألمه، فمجتمع هذه شعائره وتعاليمه لا بُدَّ أن يكون مجتمعًا قويًّا تقوم على يديه أعظم الحضارات، وهذا ما كان.
ولئن كانت الخطوة الأولى التي شغلت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند قدومه للمدينة هي بناء المسجد الذي يجمع المسلمين بشتَّى طوائفهم وطبقاتهم على رباطٍ واحدٍ وفي مكانٍ واحد، فإنَّ الخطوة الثانية مباشرةً كانت ترسيخ روح التكافل والتعاون بين المسلمين، وهذا ما سنتناوله بإذن الله من خلال ما يلي:
أوَّلًا: المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار:
جاء المهاجرون من مكة إلى المدينة وهم مثقلو الهموم، عليهم وعثاء السفر، لكن الإيمان يرتفع فوق هذه البلايا الجزئية التي ما تلبث أن تزول، ولن يبقى إلا الأجر والجزاء؛ فقد واجه المهاجرون مشاكل متنوعة، اقتصادية واجتماعية وصحية. فمن المعروف أن المهاجرين تركوا أهليهم ومعظم ثرواتهم بمكة، كما أن مهاراتهم كانت في التجارة التي تمرست بها قريش، ولم تكن في الزراعة والصناعة، وهما تشكلان أساسين مهمين في اقتصاديات المدينة[1].
وبدأ المهاجرون حياتهم في مجتمع جديد ولديهم إحساس بالحنين والوحشة إلى بلدتهم (مكة)، كما أدى اختلاف مناخ مكة عن المدينة إلى إصابتهم بالحمى، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يرزق أصحابه حب المدينة كحبهم لمكة؛ فعن عائشة < قالت: "لمـَّا قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وُعك أبو بكر وبلال، فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:
كُلّ امْرِئٍ مُصَبّحٌ فِي أَهْلِهِ
وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ[2]
وكان بلال إذا أقلع عنه الحمى يرفع عقيرته يقول:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
بوادٍ وحولي إِذْخر وجليل
وهل أَرِدْنَ يومًا مياه مِجنَّة
وهل يبدون لي شامة وطَفِيل[3]
وقد دعا صلى الله عليه وسلم على قريش قائلًا: "اللَّهُمَّ الْعَنْ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ"، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَفِي مُدِّنَا، وَصَحِّحْهَا لَنَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ". قَالَتْ: وَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهِيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ. قَالَتْ: فَكَانَ بُطْحَانُ يَجْرِي نَجْلاً. تَعْنِي مَاءً آجِنًا[4].
ولم يترك الأنصارُ إخوانهم المهاجرين يشعرون بالوحشة والغربة، بل تحركت مشاعر الإيثار بداخلهم فعرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يقسم ما يملكون من نخيل بينهم وبين المهاجرين؛ فيُروى عن أبي هريرة قال: قالت الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل.
قال: "لَا".
قالوا: تكفوننا المئُونة، ونشرككم في الثمرة؟
قالوا: سمعنا وأطعنا[5].
واستمرَّت مشاعر المؤاخاة بين أفراد المجتمع من مهاجرين وأنصار في تزايدٍ مستمر، فيذكر صاحب سبل الهدى والرشاد: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمـَّا تحول من بني عمرو بن عوف في قباء إلى المدينة تحوَّل أصحابه من المهاجرين، فتنافست فيهم الأنصار أن ينزلوا عليهم حتى اقترعوا فيهم بالسهمان، فما نزل أحد منهم على أحدٍ إلَّا بقرعة سهم[6]. كما أعلن الأنصار أنَّهم يهبون الرسول صلى الله عليه وسلم كلَّ فضلٍ في خطط بلدهم وقالوا له: إن شئت فخذ منَّا منازلنا. فقال لهم خيرًا وخطَّ لأصحابه في كلِّ أرضٍ ليست لأحدٍ أو موهوبةً من الأنصار[7].
وكانت عواطف الإيثار والمواساة والمؤانسة تمتزج في هذه الأخوة، وتملأ المجتمع الجديد بأروع الأمثال[8]؛ لكنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يترك الأمر للعواطف فقط بل وضع أسسًا تنظيمية للمؤاخاة؛ حرصًا منه على تنظيم المجتمع المدني الذي ستقام على يديه خير حضارة تنشر الإسلام في ربوع العالم؛ فقد روى البخاري: أنَّهم لما قدموا المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع، فقال سعد لعبد الرحمن: أُقَاسِمُكَ مَالِي نِصْفَيْنِ وَأُزَوِّجُكَ. قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ. فَمَا رَجَعَ حَتَّى اسْتَفْضَلَ أَقِطًا وَسَمْنًا، فَأَتَى بِهِ أَهْلَ مَنْزِلِهِ، فَمَكَثْنَا يَسِيرًا أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ فَجَاءَ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَهْيَمْ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ: "مَا سُقْتَ إِلَيْهَا؟" قَالَ: نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ: "أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ"[9].
وما ورد في كتب السيرة عن تنظيم المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار يدل دلالة واضحة على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك مهاجرًا بلا إخاء بينه وبين أنصاري، وهذا العمل المؤسسي المنظم الذي قام به النبيُّ صلى الله عليه وسلم كان سببًا في زيادة أواصر المحبَّة والألفة والتعاون والتكافل بين أفراد المجتمع؛ فقد تلقَّى الأنصار أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم بالإخاء بفرحٍ عميق، وفتحوا قلوبهم ودُورهم لرفاقهم في العقيدة، وتكرَّر ما حدث من إيثار بين عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وبين سعد بن الربيع في سيمفونيَّةٍ رائعةٍ من المؤاخاة والحب؛ فيُروى في عيون الأثر أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد آخى "زيد بن حارثة وأسيد بن الحضير أخوين؛ وهو حسن إذ هما أنصاري ومهاجري، وأبو بكر بن أبي قحافة وخارجة بن زيد بن أبي زهير أخوين، وعمر بن الخطاب وعتبان بن مالك أخوين، وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن معاذ أخوين، وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع أخوين، والزبير بن العوام وسلمة بن سلامة بن وقش أخوين، وعثمان بن عفان وأوس بن ثابت بن المنذر أخوين، وطلحة بن عبيد الله وكعب بن مالك أخوين، وسعيد بن زيد وأبيُّ بن كعب أخوين، ومصعب بن عمير وأبو أيوب خالد بن زيد أخوين، وأبو حذيفة بن عتبة وعباد بن بشر أخوين، وعمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان أخوين، وحاطب بن أبي بلتعة وعويم بن ساعدة أخوين، وسلمان الفارسي وأبو الدرداء أخوين، وبلال وأبو رويحة عبد الله بن عبد الرحمن الخثعمي أخوين، وبين عبد الله بن جحش وعاصم بن ثابت بن أبي الأفلح، وبين عتبة بن غزوان وأبي دُجانة، وبين أبي سلمة بن عبد الأسد وسعد بن خيثمة، وبين المقداد وابن رواحة، وبين ذي الشمالين ويزيد بن الحارث من بني حارثة، وبين عمير بن أبي وقاص وخبيب بن عدي، وبين عبد الله بن مظعون وقطبة بن عامر بن حديدة، وبين شماس بن عثمان وحنظلة بن أبي عامر، وبين الأرقم بن أبي الأرقم وطلحة بن زيد، وبين زيد بن الخطاب ومعن بن عدي، وبين عمرو بن سراقة وسعد بن زيد من بني عبد الأشهل، وبين عاقل بن البكير ومبشر بن عبد المنذر، وبين عبد الله بن مخرمة وفروة بن عمرو البياضي، وبين خنيس بن حذافة والمنذر بن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح، وبين سبرة بن أبي رهم وعبادة بن الخشخاش، وبين مسطح بن أثاثة وزيد بن المزين، وبين عكاشة بن محصن والمجذر بن زياد حليف الأنصار، وبين عامر بن فهيرة والحارث بن الصمة، وبين مهجع مولى عمر وسراقة بن عمرو بن عطية من بني غنم بن مالك بن النجار"[10].
ولقد بلغ من تأكيد الرسول صلى الله عليه وسلم على المؤاخاة أن ميراث الأنصاري كان يئُول بعد وفاته إلى أخيه المهاجر بدلاً من ذوي رحمه من الأخوة أو الأبناء أو النساء، واستمر ذلك حتى موقعة بدر التي حظي المسلمون فيها بمقادير لا بأس بها من الغنائم، فأنزل الله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنفال: 75]، فعاد التوارث سيرته الأولى[11].
وقد أثرت هذه المعاملة الكريمة في نفوس المهاجرين فلهجت ألسنتهم بكرم الأنصار. عن أنس قال: قال المهاجرون: يا رسول الله، ما رأينا مثل قومٍ قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل، ولا أحسن بذلًا في كثير، لقد كفونا المئونة، وأشركونا في المهنأ، حتى لقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كلِّه. قال: "لَا مَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِمْ وَدَعَوْتُمُ اللَّهَ عز وجل لَهُمْ"[12].
لقد كانت هذه المؤاخاة تجربة فريدة رائدة في تاريخ التكافل الاجتماعي الإغاثي، نحسب أنَّها لن تتكرَّر في التاريخ أبدًا بهذه الصورة، وهي تعكس بوضوح قناعة التشريع الإسلامي بحتميَّة التكافل بين أفراد المجتمع الواحد حتى يصل في النهاية إلى استقرار طبيعي غير متكلَّف.
ولم يقف المجتمع الإسلامي الجديد عند حدِّ المؤاخاة العمليَّة فقط –على الرغم من أهميَّتها وضرورتها- بل شرع النبيُّ صلى الله عليه وسلم في تقنين العلاقة بين المؤمنين، فأعدَّ مشروعًا تكافليًّا عظيمًا يُحدِّد العلاقة بين المؤمنين من مهاجرين وأنصار؛ ليرفع الدولة الإسلامية الجديدة من طور الضعف إلى القوَّة والنظام والدقَّة في ظلِّ بيئةٍ تعجُّ بالجهل وتُؤكِّد عليه.
وقد ذكر ابن سيد الناس في عيون الأثر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتابًا بين المهاجرين والأنصار، ووادع فيه يهود وعاهدهم وأقرَّهم على دينهم وأموالهم وشرط لهم واشترط عليهم: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النّبِيِّ e، بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ مِنْ قُرَيْشٍ وَيَثْرِبَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ فَلَحِقَ بِهِمْ وَجَاهَدَ مَعَهُمْ أَنَّهُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ دُونِ النَّاسِ،... وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ لاَ يَتْرُكُونَ مُفْرَحًا بَيْنَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ بِالْمَعْرُوفِ فِي فِدَاءٍ أَوْ عَقْلٍ، وَلا يُحَالِفَ مُؤْمِنٌ مَوْلَى مُؤْمِنٍ دُونَه وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتّقِينَ عَلَى مَنْ بَغَى مِنْهُمْ أَوِ ابْتَغَى دَسِيعَةَ ظُلْمٍ أَوْ إِثْمٍ أَوْ عُدْوَانٍ، أَوْ فَسَادٍ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهِ جَمِيعًا وَلَوْ كَانَ وَلَدَ أَحَدِهِمْ..."[13]. فكانت هذه الوثيقة إيذانًا بمولد مجتمعٍ متكافلٍ عمليًّا ودستوريًّا؛ فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم قد علَّم ودرَّب الصحابة على معنى التكافل عمليًّا عندما غرس فيهم المؤاخاة الحقَّة، ثم قنَّن هذه المؤاخاة بدستورٍ يحفظها.
التكافل بين المسلمين واليهود:
بعد هجرة النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة واستقراره بها بدأ في تنظيم العلاقة بين المسلمين واليهود، فوضع دستورًا للدولة الإسلامية الناشئة يحفظ لكلِّ فرد -مهما كانت ديانته- حقوقه ويُحدِّد له واجباته، وكانت بنود هذه الوثيقة[14] خير شاهدٍ على تعايش المجتمع مع غيره من أصحاب الديانات الأخرى، وسنُحاول التعرُّف على بنود عهده صلى الله عليه وسلم مع قبائل اليهود[15] التي كانت تساكنه المدينة في أعقاب هجرته الشريفة، ومقدار ما فيها من تكافل وتعاون بين المسلمين واليهود، فقد كان ممَّا نصَّت عليه:
1. أنَّ على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم.
2. وأنَّ بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة.
3. وأنَّ النصر للمظلوم.
4. وأنَّ اليهود يُنفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين.
5. وأنَّه لا تُجَارُ قريشٌ ولا مَن نَصَرَهَا.
6. وأنَّ بينهم النصرَ على من دَهِمَ يثرب، على كلِّ أناسٍ حصَّتهم من جانبهم الذي قِبَلَهُمْ.
7. وأنَّه لا يحول هذا الكتاب دون ظالمٍ أو آثم[16].
وقفات مع المعاهدة:
لقد كان اليهود أقرب من يُجاور المسلمين في المدينة، وهم وإن كانوا يُبْطِنون العداوة للمسلمين، إلَّا أنَّهم لم يكونوا قد أظهروا أيَّة مقاومة أو خصومة بعدُ، فعقد معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المعاهدة التي قرَّر لهم فيها النصح والخير، وترك لهم فيها مطلق الحريَّة في الدين والمال، ولم يتَّجه إلى سياسة الإبعاد أو المصادرة أو الخصام.
إنَّ مواد هذه الوثيقة تُثْبِتُ بما لا يدع مجالًا للشكَّ ما كانت عليه الدولة الإسلامية -وهي في هذه المرحلة الأولى من البناء والتأسيس- من حريَّةٍ تامَّة، وتشريعٍ يُنظِّم حياة الأفراد داخل المجتمع المسلم؛ مسلمهم وكافرهم، تنظيمًا يحفظ لهم حقوقهم ويردَّ عنهم الظلم إن وقع عليهم، كلُّ هذا يستحيل وجوده في مجتمعٍ يقوم على الديكتاتوريَّة والحَجْر على الآخرين، أو التضييق عليهم.
لقد كان ذلك العهد الذي أبرمه النبيُّ صلى الله عليه وسلم مع اليهود بمثابة أول وثيقةٍ تُوقِّعها دولة المسلمين مع طائفةٍ أخرى على غير دين الإسلام.
وإذا نظرنا إلى بعض بنود المعاهدة إجمالًا وجدناها تحتوي بوضوح على مبادئ التكافل والتعاون والنصرة.
أولًا: التعاون في حماية الوطن حالة الحرب:
أعطى الإسلام اليهود الاستقلال المالي في حالة السلم، أما في وقت الحرب فإن الأمر يتغير، فإذا حدث هجوم على المدينة المنورة فإن الجميع بمقتضى حق المواطنة يدافع عن المدينة المنورة، فما داموا يعيشون معًا في بلد واحد, فإن عليهم التعاون في الدفاع عن هذا البلد لو تعرَّض لعدوان خارجي، كما يشير البند الثالث: "وَإِنَّ بَيْنَهُمُ النَّصْرَ عَلَى مَنْ حَارَبَ أَهْلَ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ"، ولا يكون هذا التناصر والتكافل عسكريًّا فقط، وإنما ينفق اليهود مع المسلمين من أجل الدفاع عن البلد، فقد أكَّد البند السابع هذا المعنى: "وَإِنَّ الْيَهُودَ يُنْفِقُونَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ مَا دَامُوا مُحَارِبِينَ"، ولا يصح أن يجير أحد من أهل هذه المعاهدة أحدًا من قريش، أو أحدًا نصرها؛ وذلك حفظًا لأمن المدينة من العدو الوحيد الذي يعلن العداوة لها، حيث كانت باقي القبائل على الحياد، وإلى هذا يشير البند العاشر من الوثيقة: "وَإِنَّهُ لاَ تُجَارُ قُرَيْشٌ وَلاَ مَنْ نَصَرَهَا". ويؤكد البند الحادي عشر أيضًا معاني الوطنية المبنية على التعاون، والتكافل، والنصرة، والمسئولية التي تقع على كاهل كل طرف من الأطراف التي تسكن المدينة؛ وذلك حتى يشعر الجميع أن هذا وطنه، وأنه يجب عليه حمايته: "وَإِنَّ بَيْنَهُمْ (أهل هذه الوثيقة) النَّصْرَ عَلَى مَنْ دَهِمَ يَثْرِبَ، عَلَى كُلِّ أُنَاسٍ حِصَّتُهُمْ مِنْ جَانِبِهِمُ الَّذِي قِبَلَهُمْ".
ثانيًا: نصرة المظلوم:
العدل هو أحد الأسس العظيمة واضحة البصمات في هذه الوثيقة؛ وذلك لأنه أحد مقوّمات الاستقرار في المجتمعات والشعوب، وبدونه يصبح الضعيف مغلوبًا على أمره، فاقدًا لحقوقه، بينما يرتع القوي في حقوق الآخرين دون وجه حق، وقد كانت المجتمعات الجاهلية تقوم على نصرة القريب سواء كان ظالمًا أو مظلومًا؛ وذلك بدافع العصبية والقَبَليَّة، فلما جاء الإسلام هذّب هذه القاعدة بِإقرار نصرة المظلوم والتكافل معه معنويًّا وماديًّا، وجَعْل نصرة الظالم بالأخذ على يديه ومَنْعِهِ من الظلم، ومن ثَمَّ فقد كان أحد البنود في هذه المعاهدة: "وَإِنَّ النّصْرَ لِلْمَظْلُوم". وأُطلق هنا لفظ المظلوم ليظهر لنا أحد معالم العظمة الإسلامية في إقرار حقوق الإنسان في هذه الوثيقة، فسواء كان المظلوم مسلمًا أو يهوديًّا فإن له النصرة، وعلى ظالمه العقوبة، فلو أن مسلمًا ظَلَم يهوديًّا فإنه يعاقَب على هذا الظلم، ويُرَدُّ الحقُّ إلى اليهودي، وكذلك لو ظَلَم يهوديٌّ مسلمًا فإنه يُعاقَب ويُردّ الحق إلى المسلم.
هذا هو التشريع الإسلامي العظيم الذي يحفظ لكل إنسان حقوقه ويتكافل معه دون النظر إلى ما يعتنقه من دين، أو ما يحمله من أفكار، وهذا هو عدل الإسلام وإنسانيته.
ولعل اللافت للنظر من استعراض هذه البنود السابقة أن عناية الإسلام بحقوق غير المسلمين كانت مسألة مبدئية لا يعمد إليها المسلمون مضطرين أو مهزومين؛ بل هي ركنٌ أصيلٌ من الفقه الإسلامي، جاء به الدين الحنيف من اليوم الأول لقيام دولة الإسلام الوليدة، وأنَّ تلك الكفالة التامَّة لحقوق الأقليَّات غير الإسلامية في المجتمع الإسلامي أمرٌ واقعٌ من قبل أن يخطر على بال الآخرين تفكيرٌ في مثل هذه المبادئ بقرونٍ طويلة.
الإغاثة عند الأزمات الكبرى:
ظلَّ المجتمع الإسلامي الذي أسَّس النبيَّ صلى الله عليه وسلم قواعده على التكافل والتعاون يُقدِّم لنا نماذج تكافليَّة رائعة في وقت الرخاء، ظلَّت مضرب الأمثال على مرِّ التاريخ ثم أظهرت الشدَّة جانبًا آخر من عظمته؛ فيروى عن قبيصة بن مخارق الهلالي أنَّه قال: تحمَّلت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها؛ فقال: "أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا. قَالَ: ثُمَّ قَالَ: يَا قَبِيصَةُ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لاَ تَحِلُّ إِلاَّ لأَحَدِ ثَلاَثَةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ -أَوْ قَالَ: سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ- وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلاَثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ لَقَدْ أَصَابَتْ فُلاَنًا فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ -أَوْ قَالَ: سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ- فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتًا، يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا"[17].
ففي هذا الحديث وضع النبيُّ صلى الله عليه وسلم الأسس والمبادئ التي تحكم طلب المسألة من وليِّ أمر المسلمين، وعلى رأس هذه الأسس أن يكون طلب المسألة في وقت شدَّةٍ وكرب، ولا يقتصر الأمر عندها على الدولة فقط؛ بل يصل طلب المسألة إلى كلِّ أفراد المجتمع؛ فالغنيُّ يجب أن يجود على الفقير، وهذا ما تربَّى عليه صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم في عهده؛ فجاد الجميع بما عندهم تكافلًا مع إخوانهم المحتاجين؛ فيُروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره من الصحابة رضي الله عنهم أنَّ مخمصةً أصابت الناس مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فدعا ببقيَّة الأزواد، فجاء الرجل بالحثية من الطعام وفوق ذلك، وأعلاهم الذي أتى بالصاع من التمر، فجمعه على نطع، قال سلمة: فحزرته كربضة العنز. ثم دعا الناس بأوعيتهم فما بقي في الجيش وعاءٌ إلَّا ملئوه وبقي منه قدر ما جعل وأكثر، ولو ورده أهل الأرض لكفاهم[18].
كما جاد عثمان بن عفان بماله عندما اشترى بئر رومة من يهودي، وتصدَّق بها على المسلمين، وأصبحت هذه البئر من المرافق العامَّة بالمدينة، وقد كان يُمكن أخذها من اليهودي دون مقابل؛ لأنَّ الأمر يصبُّ في مصلحة الوطن الذي يسكن به الجميع، غير أنَّ ذلك لم يقع؛ بل كان الشراء بالاختيار من صاحب البئر، وكان الاحترام التامُّ لملكيَّته، وبقاء البئر بيد اليهودي حتى تمَّ الشراء، وفي ذلك دلالةٌ على أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قد أقرَّ اليهود على ما تحت أيديهم، ولم يُجبر أحدًا على التنازل عن ما يملكه، ممَّا يدلُّ على العدل والإنسانيَّة التي يكفلها الإسلام لمن يعيشون في رحابه، وتحت ظلال دولته.
وقد ورد أنَّ عثمان رضي الله عنه اشترى من اليهودي نصف البئر باثني عشر ألفًا، ثم قال لليهودي: اخترْ إمَّا أن تأخذَها يومًا وآخذَها يومًا، وإمَّا أن تنصب لك عليها دلوًا وأنصب عليها دلوًا. فاختارَ يومًا ويومًا[19].
ثم تتواصل السيرة في تقديم النماذج الخالدة في التكافل؛ فيروى أنَّ صفيَّة بنت عبد المطلب < سمعت باستشهاد شقيقها حمزة رضي الله عنه، قال الزبير بن العوام رضي الله عنه: إنَّه لما كان يوم أُحُد أقبلت امرأةٌ تسعى حتى كادت تشرف على القتلى، قال: فكره النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن تراهم فقال: "الْمَرْأَةَ الْمَرْأَةَ". قال الزبير: فتوسَّمت أنَّها صفية. قال: فخرجت أسعى إليها. قال: فأدركتها قبل أن تنتهي إلى القتلى. قال: فــ لدمت في صدري وكانت امرأةً جَلِدَة. قالت: إليك عنِّي لا أرض لك. فقلت: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عزم عليك. قال: فوقفت وأخرجت ثوبين معها، فقالت: هذان ثوبان جئت بهما لأخي حمزة فقد بلغني مقتله، فكفِّنوه فيهما. قال: فجئنا بالثوبين لنُكفِّن فيهما حمزة فإذا إلى جنبه رجلٌ من الأنصار قتيلٌ فُعِلَ به كما فُعل بحمزة. قال: فوجدنا غضاضةً وحياءً أن يُكفَّن حمزة في ثوبين والأنصاري لا كفن له، فقلنا: لحمزة ثوبٌ وللأنصاريِّ ثوب. فقدرناهما فكان أحدهما أكبر من الآخر فأقرعنا بينهما، فكفَّنَّا كلَّ واحدٍ منهما في الثوب الذي صار له[20].
فالمبادئ والقيم الإسلامية لا ترفع أحدًا على أحد، ولا تُفضِّل إنسانًا على إنسان؛ فالرحمة بين المسلمين والتكافل بينهم تصل إلى كفالة الموتى، فلا يُكفَّن حمزة بثوبين لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويُترك الأنصاريُّ دون كفنٍ تلتهمه وحوش الصحراء!!
ومن الأزمات -أيضًا- التي كان يهتمُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بها أزمة وفاة إنسان، ونعني بها هنا التي يقع فيها أقارب الميِّت نتيجة وفاته، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من تكافله يرحم أقارب الميت في أمورٍ قد يظنُّها الناس يسيرة، ولكنَّها تترك أثرًا طيِّبًا في النفوس، ومن ذلك إعداد الطعام لهم.
فروى عبد الله بن جعفر فقال: لمـَّا جاء نعي جعفر، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "اصْنَعُوا لآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ أَتَاهُمْ أَمْرٌ يَشْغَلُهُمْ"[21].
وهذا عكس ما اشتهر بين الناس من أنَّ أهل الميت هم الذين يصنعون طعامًا لزوَّارهم، بل إنَّ صناعة أهل الميت للطعام للضيوف خلافٌ واضحٌ للسنة، التي تُؤصِّل التكافل بن المسلمين في الأزمات.
التكافل لتجهيز الجيش:
وفي تبوك كانت الأزمة كبيرة والبلاد تمرُّ بأزمةٍ اقتصاديَّةٍ طاحنة، ومِنْ ثَمَّ دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى التكافل معًا لتجهيز الجيش العملاق، فقام المجتمع المسلم في تكاتفٍ باهرٍ وتعاونٍ جليل يُجهِّزون جيش العُسرة؛ فقدَّم العباس بن عبد المطلب وطلحة بن عبيد الله وسعد بن عبادة رضي الله عنهم أجمعين، أموالًا كثيرة، كما قدَّم عبد الرحمن بن عوف مائتي أوقية، وتصدَّق عاصم بن عدي بسبعين وسقًا من تمر، وشاركت النساء في هذا الشرف فبذلن أموالهن وحُليهن لتجهيز المقاتلين، وقد تبرَّع أبو بكر الصديق رضي الله عنه بكلِّ ماله، وتبرَّع عمر بن الخطاب رضي الله عنه XE F N " عمر بن الخطاب " بنصف ماله، وعثمان بن عفان رضي الله عنه كان أكثر الناس بذلًا؛ فبلغ مجموع ما تبرَّع به ما يُعادل ثلث جيش العسرة[22]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ"، يُردِّدها مرارًا[23].
وذكر الإمام البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ"، فَجَهَّزَهُ عُثْمَانُ"[24].
وكما تكافل المسلمون في تجهيز الجيش تكافل الجنود في الأمتعة والزاد والراحلة؛ فعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَخَرَجْتُ إِلَى أَهْلِي، فَأَقْبَلْتُ وَقَدْ خَرَجَ أَوَّلُ صَحَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَطَفِقْتُ فِي الْمَدِينَةِ أُنَادِي: أَلَا مَنْ يَحْمِلُ رَجُلًا لَهُ سَهْمُهُ. فَنَادَى شَيْخٌ مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ: لَنَا سَهْمُهُ عَلَى أَنْ نَحْمِلَهُ عَقَبَةً وَطَعَامُهُ مَعَنَا. قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَسِرْ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَ خَيْرِ صَاحِبٍ حَتَّى أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْنَا، فَأَصَابَنِي قَلاَئِصُ فَسُقْتُهُنَّ حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَخَرَجَ فَقَعَدَ عَلَى حَقِيبَةٍ مِنْ حَقَائِبِ إِبِلِهِ ثُمَّ قَالَ: سُقْهُنَّ مُدْبِرَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: سُقْهُنَّ مُقْبِلاَتٍ. فَقَالَ: مَا أَرَى قَلاَئِصَكَ إِلَّا كِرَامًا. قَالَ: إِنَّمَا هِيَ غَنِيمَتُكَ الَّتِي شَرَطْتُ لَكَ. قَالَ: خُذْ قَلاَئِصَكَ يَابْنَ أَخِي فَغَيْرَ سَهْمِكَ أَرَدْنَا[25].
وبعد انتهاء الغزوة وانتظار المسلمين تنازل كلٌّ منهما عن حقِّه، فواثلة تنازل عن غنيمته ليكسب الغنيمة الأخرويَّة، أجرًا وثوابًا يجده عند الله يوم لقائه، وتنازل الأنصاري عن قسمٍ كبيرٍ من راحلته؛ ليتعاقب هو وواثلة على راحلته، ويُقدِّم له الطعام مقابل سهمٍ آخر هو الأجر والثواب[26]. فخَلَقَ التكافلُ مجتمعًا يرتبط بالإسلام ويتحرَّك في ظلاله، وتتكافأ دماء من ينتسب إليه وهم يدٌ على من سواهم.
المصدر:
كتاب رحماء بينهم، للدكتور راغب السرجاني.
[1] أكرم العمري: السيرة النبوية الصحيحة ص241.
[2] ابن هشام: السيرة النبوية 1/588.
[3] علي بن برهان الدين الحلبي: السيرة الحلبية 2/282.
[4] البخاري: أبواب فضائل المدينة، باب كراهية النبي r أن تعرى المدينة (1790)، ومالك برواية يحيى الليثي (1580)، وأحمد (24405)، والنسائي في سننه الكبرى (7495).
[5] البخاري: كتاب المزارعة، باب إذا قال: اكفني مئونة النخل أو غيره وتشركني في الثمر (2200).
[6] الصالحي الشامي: سبل الهدى والرشاد 4/325.
[7] ابن سيد الناس: عيون الأثر/258.
[8] محمد الغزالي: فقه السيرة ص138.
[9] البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب إخاء النبي r بين المهاجرين والأنصار (3570)، والترمذي (1933)، والنسائي (3388)، وأحمد (12999)، والطبراني في الكبير (5403)، والأوسط (164)، وأبو يعلى (3781)، وعبد الرزاق (10411)، والبيهقي في السنن الكبرى (14276).
[10] ابن سيد الناس: عيون الأثر 1/265-276.
[11] عماد الدين خليل: دراسة في السيرة النبوية ص126.
[12] الترمذي: كتاب صفة القيامة والزهد والورع (2487) وقال: صحيح حسن. وأحمد (13097)، والبخاري في الأدب المفرد (217)، والطبراني في الأوسط (7292)، وأبو يعلى (3780)، وابن أبي شيبة (26510)، والبيهقي في السنن الكبرى (11815)، وصححه الألباني انظر: مشكاة المصابيح (3026).
[13] ابن سيد الناس: عيون الأثر 1/261، 262، وانظر: البيهقي: السنن الكبرى (16147).
[14] وقد اختلف العلماء والمؤرخون على هذه الوثيقة ومدى صحتها، فأثبتها البعض ونفاها آخرون. وممن قال بثبوتها الشيخ: محمد الصادق عرجون في كتابه (محمد رسول الله)، والدكتور محمد حميد الله في كتابه (مجموعة الوثائق السياسية)، والدكتور أكرم ضياء العمري في كتابه (السيرة النبوية الصحيحة) حيث قال عنها: ترقى بمجموعها إلى مرتبة الأحاديث الصحيحة.
[15] ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الموضع أن هذه الوثيقة لم تذكر يهود بني قينقاع ولا يهود بني النضير ولا يهود بني قريظة، مع ما صحَّ من وقائع السيرة التي تُثْبِتُ أنه قد تمت معهم عهود ومواثيق أخرى غير هذه الوثيقة.
[16] انظر ابن سيد الناس: عيون الأثر 1/261، 262، وابن كثير: السيرة النبوية 2/322، 323، والصالحي الشامي: سبل الهدى والرشاد 3/382، والسهيلي: الروض الأنف 2/345، وابن هشام: السيرة النبوية 1/503.
[17] مسلم: كتاب الزكاة، باب من تحل له الصدقة (1044)، وأبو داود (1640)، والنسائي (2580)، وأحمد (20620)، والدارمي (1678)، والطيالسي (1327)، والطبراني في الكبير (948)، وابن أبي شيبة (10685)، والبيهقي في السنن الكبرى (12973).
[18] القاضي عياض: الشفا 1/293، وابن سعد: الطبقات الكبرى 1/180.
[19] ابن القيم: زاد المعاد 5/713.
[20] الصالحي الشامي: سبل الهدى والرشاد 4/224.
[21] أبو داود: كتاب الجنائز، باب صنعة الطعام لأهل البيت (3132)، والترمذي (998)، وابن ماجه (1160)، وأحمد (1751)، والحاكم (1377)، والطبراني في الكبير (1472)، وأبو يعلى (6801)، والبيهقي في السنن الكبرى (6888)، وقال الألباني: حسن. انظر صحيح الجامع (1015)، والجامع الصغير وزيادته (1895).
[22] الصالحي الشامي: سبل الهدى والرشاد 5/435.
[23] الترمذي: كتاب المناقب، باب مناقب عثمان t (3701) وقال: حديث حسن. والحاكم (4553 ) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقال الألباني في تحقيقه مشكاة المصابيح: صحيح. حديث (6064).
[24] البخاري: كتاب الوصايا، باب إذا وقف أرضًا أو بئرًا واشترط لنفسه مثل دلاء المسلمين (2626)، والدارقطني (12)، والطيالسي (82)، والبيهقي في السنن الكبرى (11713).
[25] أبو داود: كتاب الجهاد: باب الرجل يكري دابته على النصف أو السهم (2676)، والبيهقي في السنن الكبرى (17624)، والشيباني في الآحاد والمثاني (17624)، وانظر: صالح أحمد الشامي: معين السيرة ص453.
[26] الصلابي: السيرة النبوية 2/530.