يُهَنّا بطيب النوم ليلُ الحبائب" |
"وبالسُّهْد ليل الصب رحب الجوانب |
سهرتُ بليلٍ لا لصبغة لونه" |
"انجلاءُ ولا نجمْ السماء بغارب |
أبثّ به كتب المحبة والأسى" |
"يقابلني فيه ببثِّ الكتائب |
أما للوجوه المسفرات بليلنا" |
"طلوعٌ فإني بعدها في غياهب |
وهل لليالي الماضيات بطيبها" |
"رجوع فحالي في النوى والنوادب |
كأن ليالي الوصل في زمن الصبا" |
"قلائد در في نحور الكواعب |
وريَّانة الساقين ظمآنة الحشى" |
"عظيمة خف الردف بِيضُ الترائب |
مطالعها في آل سعد شوارق" |
"عجبت ويعزى أصلها للغوارب |
غفيلية قلباً لآل مسلَّمٍ" |
"بهاها ولكن لحظها من محارب |
وآل جراد عاذِلوها وما دروا" |
"هواي عريقاً في لؤي بن غالب |
خلوت بها والغصن والظبي والنقا" |
"وبدر السما يبدي كآبة شاحب |
بثثنا الهوى والنجم في صفحة السَّما" |
"ونفس الدّجى للنقل أضبط كاتب |
وليسَ لنا إلا المجرَّةَ حانةٌ" |
"نحنّ لها ما بين سَاقٍ وشارب |
كأنَّ محيّاها بليل فروعها" |
"بياض العطايا في سوادِ المطالب |
جوارحها كادت تذوب لطافةً" |
"جوامد لكن أُمسكت بذوائب |
رهنتُ الحشى في قوس حاجبها هوىً" |
"ولا أرتضي رهناً لها قوس حاجب |
لها حسنُ وجه ضاءَ بين عقودها" |
"كبدرِ سماءٍ زُيّنت بالكواكب |
لها حركات للهوى تجذب النهى" |
"كما يجذب الأهواء عصر الشبائب |
مضى دهرها والخير والفضل إثْرُهُ" |
"ودهر الفتى في زي معطٍ وسَالبِ |
ولم يبق في ذا الدهر من طالب العلا" |
"سوى سادةٍ شمّ الذرى والمناصب |
ولا مات أهل المكرمات وفيهم" |
"خليفة شهماً مصلحاً نجل حارب |
همام دعته كل علياء رغبة" |
"فكان لها كُفئاً وأكرمَ خاطب |
تعرّق في أصل العُلا فاحتواؤه" |
"على شرف حلَّ السما بالمناكب |
أبالخال أم بالعم أم بسليله" |
"وبالأب أم بالجد عز المناسب |
كغيث تدلىّ من سَماء بروضة" |
"فعمّمها بالنبت من كل جانب |
ملوك عظام ترجف الأرض منهم" |
"إذا برزوا يوم الندى والكتائب |
وسيّدنا الشهم الهمام خليفة" |
"شتيتُ العطايا جامع للمناقب |
ففي كل يوم ماله في نوادب" |
"وفي كل يوم حاله في مآرب |
يروقك مثل السيف حُسْناً وبهجة" |
"وكالغيث أبدته ثغور السَّحائب |
*** |
ملا هِبَةً أيدي العُفاة وهيبة" |
"صدورهم كالبحر مُبدي العجائب |
فذا واهب يغني النهى بالمناهب" |
"وذا ناهبٌ يحيي اللهى بالمواهب |
بدا طالعاً كالبدر في ربوة العُلا" |
"فبوَّأهُ المقدار أعلى المراتب |
ولمَّا تثنت زنجبار مسرة" |
"به استنهضت في حقها كل واجب |
ولما استوى حكماً على عرشها زهت" |
"كزَهْو عروس في زمان الشبائب |
غدت روضة غنّاء طيّبة الجنى" |
"مُعطّرة الأنفاس خَضْرَا الجوانبِ |
هنيئاً لها إذ صار قيِّمَ أمرها" |
"وهُنّي بها من ربّةِ الحُسن كاعبِ |
ولا زال مبدوءاً بأول مَرّة" |
"بخير ومختوماً بحُسن العَواقب |