بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
تأملت يوما في حرص تجّار الدنيا الشديد على استثمار أي فرصة تلوح في الأفق لزيادة أرباحهم وتنمية مكتسباتهم المادية , و ترقبهم الدائم لمواسم إقبال الناس على بضاعتهم , و اتباعهم بشكل دقيق لقواعد وقوانين السوق التي لا تحابي أو تجامل أحدا , ودأبهم المتواصل على جمع المعلومات والأخبار عن كل شاردة و واردة في عالم المال والأسواق , لضمان عدم فوات صفقة رابحة أو تجارة جديدة تدرّ على خزائنهم مزيدا من المال , وشعارهم الذهبي في ذلك : هل من مزيد .
ومع التأكيد على أن مهنة التجارة المنضبطة بضوابط الإسلام وقواعد الحلال والحرام , والمتأسية بهدي النبي صلى الله عليه واله وسلم
إلا أن ما أثار تساؤلي هو: لماذا لا يكون حرص المسلمين على تجارة الآخرة كحرصهم على تجارة الدنيا أو قريبا من ذلك على أقل تقدير ؟! و لماذا لا ترى إقبال أحدهم على فرصة جديدة لم يكن يعلم بها لزيادة رصيده من الحسنات في الآخرة كإقباله ولهفته على صفقة أخرى دنيوية تجلب له حفنة من المال ؟!
أسئلة كثيرة وردت على ذهني وأنا أسمع وأشاهد و أطالع ترغيب بعض الدعاة إلى الله الناس على وسائل التواصل الحديثة لاغتنام الفرص الذهبية لتحصيل الكثير من الثواب والحسنات بالقليل من الجهد والعمل , دون ملاحظة ذلك التجاوب المتوقع من الناس عموما على تلك التجارة الآخروية الرابحة , في مقابل استمرار ملاحظة حرصهم الشديد وإقبالهم اللافت على صفقات دنيوية لا يمكن أن تقارن بتجارة الآخرة ومنحها الإلهية العظيمة والكثيرة .
تجارة أخروية رابحة بامتياز , و فرصة فريدة من نوعها لكسب المزيد من الحسنات وتكفير السيئات والحرز من الشيطان ..... إلا أن الكثير من المسلمين من قد يغفل عن العمل بهذا الورد كل يوم , ولا تجد منه ذلك الحرص على الالتزام به أو عدم تفويته , في الوقت الذي تراه حريصا كل الحرص على صفقات دنيوية تمنحه هامشا بسيطا وقليلا من الربح المادي الدنيوي !!!
ومن هنا فأن العمل على ترسيخ العقيدة في نفوس المسلمين , و تقوية اليقين ببدهية مغادرة هذه الحياة الدنيا وحتمية العرض أمام الله للحساب , في يوم تكون فيه العملة الوحيدة القابلة للتداول والنفع هناك هي الحسنات فقط ...هو السبيل الأنجع والأسرع لإقبال المسلمين على تجارة الآخرة وحرصهم عليها أضعاف حرصهم على تجارة الدنيا .