حصد أرواح 100 مليون شخص لكن له إيجابيات.. ما لا تعرفه عن "الطاعون"
لا يمكن أن نتجاهل أن الإنسان تمكن من اختراع أشياء مذهلة ومفيدة، على سبيل المثال تمكن من استكشاف الفضاء، والمشي على القمر، وإيجاد علاج للأمراض الخطيرة، ناهيك عن صنع الأدوية واللقاحات.
ولكن، خلال العقد الماضي، ألقى الإنسان كميات كبيرة من النفايات في البحار والمحيطات، التي بدأت تتحول إلى أكوام منفصلة تشبه الجزر، وتضر بالطبيعة في البحر والبر والجو. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن تجاهل الاحتباس الحراري المنجر عن انبعاثات الغازات السامة، الصادرة عن المصانع، ما أدى إلى ثقب الغلاف الجوي، وقد يشكل خطراً على حياة شعوب بأكملها في المستقبل.
في الحقيقة، إن تصرفات البشر بشكل عام فظيعة. وبالتالي، ستكون للطبيعة ردودها على فظاعة البشر وقد تحاول تدميرنا هي الأخرى بطرقها. وخير مثال على ذلك "الموت الأسود" الذي شهده العالم في القرن الرابع عشر ما أدى إلى مقتل 20 ألف شخص خلال بضعة عقود فقط، بحسب تقرير FB الروسية.
البيئة ملوثة بالرصاص
ساهم الرصاص بشكلٍ كبير في تلويث البيئة. ووفقاً لبحث نُشر في مجلة جيو هيلث، قام به فريق من العلماء من جامعة هارفارد، استمر الباحثون في مراقبة نسب تلوث الرصاص في الطبيعة على المستوى الإقليمي والعالمي، من خلال تحليل العينات الجليدية لإثبات ذلك.
وبصفة عامة، إن التعدين والصهر، بالإضافة إلى العمليات الصناعية ذات الصلة، أدت إلى تغلغل كميات كبيرة من الرصاص في الغلاف الجوي والمائي.
كيف يؤثر الرصاص على الإنسان؟
يؤثر الرصاص سلباً على جميع الكائنات الحية، إذ أثبت العلم أن له تأثيراً على الجهاز العصبي والهضمي، ليس فقط بالنسبة للإنسان، ولكن للحيوان أيضاً.
ووفقاً للبحوث، شهد العالم خلال الـ 2000 سنة الماضية تذبذباً في إنتاج الرصاص المضر للبيئة.
خفض مستوى التلوث أثناء انتشار وباء الطاعون
وفقاً للاستنتاجات التي تم استخلاصها من خلال العينات الجليدية، لاحظ الباحثون أنه خلال انتشار "الموت الأسود" أو ما يعرف بالطاعون، خاصة في الفترة المتراوحة بين سنة 1349 و1353، انخفضت نسبة التلوث بشكل كبير.
وكان الطاعون قد حصد ضحايا في تلك الفترة، تصل نسبتهم ما بين 30% إلى 60% من سكان أوروبا، بينما انخفض سكان العالم في القرن الـ 14 من 450 مليوناً إلى 350 مليون نسمة.
وتجدر الإشارة إلى أن أولوية الإنسان في تلك الفترة كانت الرغبة في البقاء على قيد الحياة، بينما انخفضت رغبته في العمل.
فضلاً عن ذلك، منع انتشار الموت الأسود أعداداً هامة من البشر من العمل في جميع المجالات ومنها تصنيع الرصاص، ما ساهم في الحد من إنتاجه.
ووفقاً للعلماء "عند انتشار الطاعون شهد العالم فترة انهيار على المستوى الديموغرافي والاقتصادي، وتوقف بالتالي إنتاج المعادن ما أدى إلى انخفاض نسب الرصاص في الجو بمعدلات لا يمكن تحديدها على نحو دقيق".
الفكرة المثيرة للجدل
وتدعم هذه الدراسة فكرة مفادها أن وجود عدد أقل من الناس على الكرة الأرضية، سيكون أقل ضرراً على البيئة بالتأكيد.
ووفقاً لهذا، تؤكد هذه الدراسة أن عدداً أقل من الناس مما لا شك فيه سيستخدم كمية أقل من الموارد الضرورية.
وبالتالي، ستكون نسبة التلوث في المحيطات وفي الطبيعة بصفة عامة، أقل بكثير مما هي عليه الآن. ولكن، قد تبدو هذه الفكرة قاسية على الإنسان الذي يظلم الطبيعة وينتهك حرمتها، إلا أنه ليس من الصائب تبني هذه الأفكار نظراً لأنه من الممكن حماية البيئة بطرق أفضل.
من وجهة نظر أخرى، إن اتفاق باريس ومشروع "الجينوم البشري" يُظهر بوضوح أن الناس قادرون على التعاون معاً لحل المشاكل الكبرى حتى البيئية منها. لذلك، بدلاً من انتظار قرارات الطبيعية والأمراض والأوبئة القاتلة، من الممكن إيجاد حلول بديلة تنقذ الإنسانية وتفيدها.
منقول