حوار مع السيناريست مريم نعوم … التي اكتسبت ثقة الأدباء وأتقنت الكلام عن المقهورين..
مريم نعوم اسم برز منذ بدايته في عالم الكتابة والسيناريو، لا تخاف من تناول المواضيع الغريبة والشائكة، فهي تنصر الغلابة والمطحونين، وتدخل في دهاليز الإدمان والمرض النفسي، واعتبرها الكثيرون نصيرة المرأة في الأعمال الدرامية.
رغم الأهمية الشديدة لفيلمها الأول “واحد صفر” ومسلسلها التلفزيوني الأول “بالشمع الأحمر”، إلّا أنّ عام 2013 حمل مفاجأة سعيدة لنعوم ولجمهور الدراما المصرية معًا، فقد عُرض في هذا العام عملين يعدون من أهم الأعمال الدرامية المصرية، وهما مسلسل “ذات” ومسلسل “موجة حارة”، ليتعرف الجمهور على اسم هذه السيناريست البارعة، وينتظر عملها التالي بفارغ الصبر، وتصبح من الأسماء القليلة المعروفة للجمهور في عالم كُتّاب السيناريو في مصر.
بعد نجاحاتها المتتالية، والتي كان آخرها مسلسل “واحة الغروب” الذي عُرض في رمضان الماضي، كان لنا معها هذا الحوار.
هل تحبين تصنيفك بالكاتبة النسوية؟ أي المنتصرة للشخصيات النسائية في الأفلام وإبراز قضاياها؟
الصدفة هي من وضعتني في هذه الرؤية، ولكن عند تركيزي فيما أكتبه، اكتشفت أنّني لا أحمل وجهة نظري كسيناريست فقط، ولكنني أحملها كامرأة. بشكل عام أفضّل الكلام عن المقهورين، وبطبيعة الحال في بلدنا، فإنّ الشريحة الأكثر قهرًا في المجتمع المصري هي المرأة، ولكني لا أقدم نفسي على أنّي كاتبة نسوية، ولكن عملي هو ما أعطى هذا الانطباع.
أيهما أسهل،كتابة سيناريو لرواية مكتوبة من قبل، أم بناء القصة من البداية؟
أحب الاثنين، ولكن ككاتبة سيناريو فكلاهما صعب، أحيانًا يفترض الناس أنّ كتابة السيناريو المأخوذ عن نص أدبي أسهل أو من قبيل الاستسهال، ولكن هذا الأمر غير حقيقي، ففي هذه الأعمال لا يقدّم السيناريست وجهة نظره فقط، بل هو مطالب بالحفاظ على وجهة نظر صاحب النص الأصلي وعدم خيانتها. لذا، هي تعد غالبًا عبء إضافي وليس أسهل على الإطلاق.
ما هي حدود قدرة كاتب السيناريو في تغيير تفاصيل رواية كتبها غيره عند تحوليها إلى عمل فني؟
هذا الأمر له أكثر من مدرسة، وأنا من المدرسة التي تقول أنّ النص الأدبي هو حجر الأساس للعمل، ولكنني لا أرتبط بمعالجته للدراما، على سبيل المثال في “سجن النسا” لفتحية العسّال، حافظت على العنوان والمكان كسجن ولكن قمت بخلق شخصيات وخطوط درامية جديدة، بينما في “موجة حارة” لأسامة أنور عكاشة، حافظت قدر الإمكان على النص مع بعض التغييرات البسيطة وتغيير اسم العمل الذي كان يحمل اسم “منخفض الهند الموسمي”.
مشغل الفيديو
هل طلب الأديب بهاء طاهر قراءة السيناريو قبل البدء في تصوير المسلسل؟
كلا، بهاء طاهر لم يطلب قراءة السيناريو، وبشكل عام لم يسبق لأي أديب من الذين قمت بتحويل أعمالهم الأدبية إلى مسلسلات طلب هذا الأمر، لا قراءة السيناريو ولا حتى معرفة كيفية معالجتي للنص أو تناولي له أو التغييرات التي سأضيفها. أعتقد أنّني والحمد لله استطعت كسب ثقة الأدباء منذ عملي في مسلسل “ذات”، وأصبحوا على علم أنّني لن أشوّه النص الأصلي أو أخل بأفكارهم.
هل تهتمين ككاتبة للعمل أو كسيناريست بطاقم التمثيل، كما تهتمين بمن هو مخرج العمل؟
على الإطلاق، فثقتي في المخرج تغنيني عن المعرفة المسبقة للممثلين، قناعتي هي أنّ المخرج المتمكن سيستطيع اختيار عناصره على أكمل وجه.
كتبتي الكثير من الأعمال الدرامية ولكن فيلم واحد فقط، فهل توجد نية للعودة للسينما قريبًا؟
وجدت أنّ الدراما التلفزيونية هي التي حققت لي هدفي في كتابة الموضوعات التي أريد كتابتها، عند تحقق هذا الأمر في السينما فإنّني بالتأكيد سأعود لها. في الواقع لدي مشروعين سينمائيين الآن، أتمنى أن يُنفذوا في أقرب وقت.
منذ بداياتك وأنتِ متجهة لأسلوب ورش الكتابة في أغلب الأعمال، فهل تفضلين هذا الأسلوب في الكتابة؟ ولماذا؟
كل عمل تلفزيوني له حالته الخاصة، فأحيانًا أحب العمل في ورش الكتابة منذ البداية، وأوقات أخرى تجبرني الظروف على اللجوء إليها في وقت لاحق، فعلى سبيل المثال عملي الدرامي الأول “بالشمع الأحمر” كانت لدي رهبة وتخوف من كتابة 30 حلقة بشكل منفرد، فطلبت اشتراك ورشة كتابة، بينما في مسلسل “ذات” بدأته منفردة ولكن بسبب ضغط الوقت طلبت مساعدة من صديقتي السيناريست نجلاء الحديني في كتابة الحلقات التي أخرجها خيري بشارة، وتصوري أنّ كتابة مسلسل 30 حلقة يتطلب وجود ورشة كتابة؛ للمحافظة على الحماس والإيقاع والرتم طوال الحلقات، ف في الخارج كل المسلسلات يتم كتابتها عن طريق ورش الكتابة.
مشغل الفيديو
ما رأيك في فكرة ورش الكتابة بشكل عام؟
بشكل عام تجربة ورش الكتابة لها أكثر من ميزة، فهي فرصة لتبادل الخبرات واكتساب الخبرة للكُتّاب الشباب، وهي الفرصة التي لم أستطع الحصول عليها، فعلى سبيل المثال بعد تخرجي من معهد السينما كتبت فيلمي الأول بعد 9 سنوات من المعافرة والجهد بعد التخرج. لذا، أجد أنّ باشتراك جيلنا في ورش الكتابة، نختصر الطريق على الكُتّاب الأصغر سنًا، الذين يجدون فيها طريقة لاكتساب الخبرة ودخول هذا الوسط، دون أن يتعرضوا للمضايقات والصراعات والمشاكل، ويتفرغون تمامًا للكتابة.
ما رأيك في فكرة أن تكون عدد حلقات المسلسل أقل من 30 حلقة بحسب ما يستدعي السيناريو، وعدم الارتباط بعدد 30؟
أعتقد أنّ جميع الكُتّاب سيسعدون بالفعل إن استطاعوا كتابة عدد حلقات بما يستدعي السيناريو بالفعل، سواءً كان هذا العدد 10 أو 15 أو 20، دون الضغط بوجوب كتابة لعدد 30 حلقة، ولكن في الواقع إنّ تغيير هذا الأمر ليس بيد الكتّاب على الإطلاق، ولكنها عملية إنتاجية / تجارية بحتة.
في واحة الغروب تعودين للمخرجة كاملة أبو ذكري التي قدمتي معها أعمال بارزة من قبل، هل تشكلان فريقًا سويًا؟ وهل كان انفصالك عنها في أعمالك الأخيرة مقصودًا؟
الانطباع الذي وصل إلى الجمهور أنّنا نشكّل فريقًا لا ينفصل هو انطباع خاطئ، فلا يوجد سيناريست يحتكر مخرج أو العكس، لقد عملت مع المخرجة كاملة أبو ذكري في أول عمل لي، ثم عملت مع المخرج سمير سيف، ثم مرة أخرى مع كاملة، ثم مع محمد ياسين، ثم قدمت عمل آخر مع كاملة، ثم عملت مع تامر محسن، ثم كاملة مرة أخرى. لذا، عند النظر إلى تاريخي مع المخرجين، سنكتشف إنّني لم أعمل معها عملين متتاليين، ولكن هذا فقط انطباع خاطئ من الجمهور؛ لأنّها أكثر مخرجة عملت معها.
لماذا وقع الاختيار على رواية واحة الغروب رغم أنّها رواية ذات رتم هادئ جدًا، وتعتمد كثيرًا على الحوارات الداخلية للشخصيات مما يشكل تحديًا كبيرًا عند تحويلها للدراما؟
عند قراءتي للرواية للمرة الأولى، انبهرت بها وتمنيت أن أحولها إلى فيلم سينمائي، ولكني لم أوفق في هذا الأمر. لذا، عند طرح فكرة تحويلها إلى عمل درامي لم أتردد.
لغة الحوار في المسلسل عصرية عن وقتها، وكذلك أهل سيوة يتحدثون بلهجة قاهرية، هل كان هذا مقصودًا؟ وإن كان مقصودًا فما الهدف من ورائه؟
أهل سيوة في الحقبة التاريخية التي تدور فيها أحداث المسلسل، لم يكونوا يتحدثون اللغة العربية من الأصل، ولكنهم كانوا يتحدثون اللغة الأمازيغية، ولم يكن منهم من يتحدث العربية سوى من درس بجامعة الأزهر. لا يُرى هذا الأمر الآن في شباب سيوة الذين لم يعودوا يتحدثون الأمازيغية ويتحدثون فقط اللغة العربية بلهجة مختلفة، أمّا عن تقليد اللهجة الخاصة بهم فهو أمر صعب للغاية، فلهجتهم ليست منتشرة مثل اللهجة الصعيدية في مصر على سبيل المثال أو اللهجة الشامية، قليلون هم من تعايشوا مع أهل سيوة لدرجة اكتساب لهجتهم. لذا، كان ظهور اللهجة بهذا الشكل في المسلسل منطقيًا إلى حد كبير.
ما الصعوبات الأخرى التي واجهتك في تحويل رواية واحة الغروب إلى مسلسل؟
كانت الصعوبة الأكبر في أنّ الرواية تدور في حقبة زمنية بعيدة ولا توجد مرجعيات كثيرة عنها، وفي مكان بعيد مجهول لم يحكي عنه أحد، فلا نعرف عاداته وثقافته بشكل واضح ومؤكد، وهذا بالتأكيد أحد المشاكل الناجمة عن غياب التأريخ الاجتماعي.
هل ننتظر عمل درامي جديد قريبًا؟
عملي القادم سيكون تحويل رواية “أبو عمر المصري” للكاتب عز الدين شكري فشير، وسيكون هذا المسلسل هو تعاوني الأول مع المخرج أحمد خالد موسى، ومن المفترض عرضه بإذن الله في رمضان العام المقبل.
المصدر