ماذا أصابك يا قلم :
مالي أراكَ بلا لسانٍ يا قلَمْ
هل جفَّ حبرُكَ أم تشرَّبكَ الألَمْ
....
القدسُ تصرخُ لا تجيبُ نداءَها
و كأنَّ في أذنيكَ وقراً أو صمَمْ
...
الجرح في الأقصى تمادى نزفه
و أنينُ بوحِكَ قد تلاشى في العدَمْ
...
فاصدعْ بنارِكَ إن صمتكَ قاتلٌ
واصرخْ كفى ! ماذا أصابكَ لا تنَمْ
....
سرقوا ترابَكَ و السماءَ و لمْ تزلْ
تبكي بلا صوتٍ و ترقدُ كالصنَمْ
...
أصبحتَ ظلاً خائفاً من ظلِّهِ
تعدو شريداً في السرابِ بلا قدَمْ
....
تخفي نحيبكَ في الضلوعِ مقيداً
و تغوصُ في وحلِ التعاسةِ و الندَمْ
....
ماذا دهاكَ ألم تكن ذاك الذي
لو صاحَ جرحٌ سلَّ سيفاً و اقتحَمْ
....
و إذا بكى في القدسِ طفلٌ قال لا
هل عودوكَ بأن تقولَ لهم نعَمْ
...
قد كنتَ تشدو للحياةِ كبلبلٍ
يسقي أسى الدنيا رحيقاً من نغَمْ
....
من قصَّ أجنحةَ الحنينِ فلم تعدْ
ذاك الذي لمَّا طغى الحزنُ ابتسمْ
.....
هل ماتَ نبضُك أم غدوتَ بلا فمٍ
أم جردوكَ من الشجاعةِ و الشَّممْ
....
لملمْ دموعَكَ لا تكنْ متهاطلاً
هشَّاً كمن باعوا الضمائرَ و الذِّمَمْ
....
و تدثروا بعروشِهم و كروشهم
ذلٌّ تَلبَّسَهم و مسٌّ من نهَمْ
....
تباً لهم خانوا العهودَ جميعَها
شربوا الهوانَ و أورثونا بحرَ دمْ
....
يا قدسُ أعرف أن شعريَ قاصرٌ
و نداء آهاتي بحسرتهِ ارتطَمْ
....
الشامُ مزقها الشتاتُ و فرقةٌ
لكأنما بركانُ موتٍ و اضطرَمْ
...
يا ويحهم قد أوقدوها فتنةً
عصفتْ بريحِ جنونها كلَّ الأممْ
....
إذ لا يحيقُ المكر غيرَ بأهله
و يذوقُ كأسَ الظلمِ مُرَّاً من ظلَمْ
محمد الدمشقي