لقد آنَ الأوانُ بأنْ تُذاقا
بجنّاتِ العُلى كأساً دِهاقا
و تترُكنا معَ الدنيا لحُزنٍ
تُعانِقُنا ببلواها عِناقا
توارى خلفَ جُدرانِ المنايا
جبينٌ نافَسَ الشمسَ إئتلاقا
و يومٌ قد رحلت الى مليكٍ
نأى في حُزنهِ عن اَن يُطاقا
رِهـانـاً صِرتَ بينَ دُنا و موتٍ
و كفُّ الموتِ قد كسبَ السِّباقا
لَئِن كانَ البكاءُ عليكَ رِقّـا
فلا نرجو من الرقِّ انعتاقا
و اِن كانَ البكاءُ عليكَ موتاً
فـَبـُورِكَ كأسُهُ الأوفى مذاقا
على ارواحِنا دَهرُ المنايا
بنى من حُزنـِه سَبعاً طِباقا
بموتِكَ صِرتَ مِثلَ الشَّمعِ جُـوداً
اضاءَ الناسَ فازدادَ اِحتراقا
كأنَّ الحُزنَ كانَ كما شتاتٍ
و في ارواحِنا الثـّكلى تَلاقى
فأَكْسَبَ شمسَ عِزّتـِنا كُسوفا
و حلَّ ببـَدرِ بهجتـِنا اِنشقاقا
تطوفُ الذكرياتُ بأُفقِ روحي
فأزدادُ اِحتراقاً و اِشتياقا
بأجنِحةِ الخيالِ اطوفُ فيها
فأختَرِقُ الزمـانَ بها اِختراقا
و اذكرُ كم تسامَرنا ليالٍ
و من ضحَكاتِنا الليلُ استفاقا
رسَمنا فوقَ ظُلمتهِ نهاراً
و صِغنا فيهِ للأمَلِ انبِثاقا
و حرّمنا الدموعَ فما رضينا
الى فرحِ السنينِ بأن يُباقا
و لكنَّ المنايا فاجأتنا
و فيما بيننا ضرَبَت فِراقا
و دهرٌ حَزنُـه افنى ابتِهاجاً
و دَمعاً كانَ محبوساً أراقا
الشاعر مرتضى الشمري