لا ينكر عاقل أن الهواتف الذكية أصبحت الآن تلعب دورا كبيرا في حياة الناس، فقد أصبحت وسيلة للتواصل الاجتماعي والترفيه والمعرفة، ونتيجة لذلك أصبحت تنتشر بين الأطفال والمراهقين بشكل لافت، وزادت المدة التي يمضونها مع تلك الأجهزة الأمر الذي دفع كثيرا من الأخصائيين وولاة الأمور لدق ناقوس الخطر من الآثار السلبية التي قد تترتب على هذا الاستخدام مطالبين بتقنينه.
ولا يخفي خبراء تربويون واجتماعيون تأييدهم للاستخدام المقنن لهذه الهواتف، ويتحدثون عن فوائد ذلك، إلا أنهم يحذرون في الوقت ذاته من الاستخدام المفرط له، وآثاره السلبية على تركيبة الطفل النفسية والاجتماعية وصولا لتسببه بأمراض نفسية وحتى عضوية.
استقلالية
وتكشف دراسة أجرتها مؤسسة دوكمو اليابانية المتخصصة بهذا النوع من الدراسات أن آخر مسح أجرته عام 2011 على أطفال تتراوح أعمارهم بين 8 و18 عاما، وأولياء أمور في خمس دول (اليابان ومصر والهند وتشيلي وباراغواي) أظهر أن 70% من الأطفال الذين شملتهم الدراسة يمتلكون هواتف نقالة مستقلة عن ذويهم.
الأطفال أكثر استخداما لمواقع التواصل الاجتماعي من البالغين
وأظهرت أيضا أن لا علاقة لدخل الأسر ومستواها الاجتماعي بامتلاك الأطفال الهواتف الذكية، وأن أكثر ما يستخدمه الأطفال بالهواتف هو الكاميرات بنسبة 51%، ومشغل الموسيقى 44%، ومشغلات أفلام الفيديو 26%، وأن الأطفال يستخدمون تطبيقات ووظائف هذه الهواتف بنسبة أعلى بكثير من آبائهم.
وعن علاقة الإنترنت بهذه الهواتف، بينت الدراسة أن 40% من الأطفال يستخدمونه من خلال هواتفهم مرة واحدة يوميا على الأقل، والأكثر استخداما من قبل الأطفال هي شبكات التواصل الاجتماعي بنسبة 73%، وهي أعلى بكثير من أولياء أمورهم الذين تبلغ نسبة استخدامهم الهواتف للدخول لهذه الشبكات 43% فقط.
الدراسة خلصت إلى أن هناك علاقة طردية بين استخدام الأطفال الهواتف الذكية وقلق أولياء أمورهم، حيث بينت أن ما بين 70% و80% من الآباء يشعرون بالقلق الدائم من استخدام أطفالهم للهواتف الذكية، إما لجهة الإفراط بالاستخدام، أو المحتوى أو الكلف المترتبة على هذا الاستخدام.
تجربة مفيدة
الصحفي الأردني ورئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم باسل رفايعة تحدث للجزيرة نت عن تجربته وعلاقة أطفاله بالهواتف الذكية، معبرا عن اعتقاده بأن التجربة مفيدة جدا للأطفال "فهي تجعلهم أكثر قربا من الحياة في عصر التقنية، وتضعهم في التفاصيل الأساسية المتعلقة باستخداماتها ومزاياها المعرفية".
ويضيف رفايعة إن طفليه البالغيْن من العمر عشرة و12 عاما يلجآن باستمرار لمحرك البحث غوغل عندما يتجادلان بالمعلومات الرياضية مثلا، ويستفيدان منه في جوانب تتعلق بدراستهما،
ويستخدمان إعلام التواصل الاجتماعي، كما أن المحتوى الرقمي المنشور على الإنترنت بالإنجليزية وهو الأكثر غنى وكثافة، توفره الهواتف الذكية بسرعة وسهولة وفي أي مكان، ما يجعل الأطفال تحت طبقة مركزة وواسعة من المعلومات والمعرفة، عوضا عن ألعاب الأطفال التي تنتمي لعالم ذكي وجدلي.
ويذهب لاعتبار أن ثقافة طفل عمره 12 عاما يستخدم هاتفا ذكيا الآن، تفوق ثقافة شاب عمره عشرين عاما قبل عشر سنوات، منوها بأن الرقابة على الأطفال "يجب أن تتم ولكن بذكاء".
وأوضح رفايعة أن طفليه لا يستخدمان الهاتف في البيت إلا في عطلة نهاية الأسبوع. وضبطا للأمر ولنفقات حزم الإنترنت، فإن استخدامهما لا يتعدى ساعتين إلى ثلاث ساعات يوميا، على حد قوله....