اداب المساجد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة


-ما للمساجد عامة من الآداب والأحكام الخاصة بها فأقول :

( ذلك ولما كانت المساجد عامة أحب البقاع إلى الله تعالى كما سبق فقد شرع لها الشارع الحكيم أحكاما خاصة بها دون سائر الأماكن وهي على ثلاثة أقسام :
( أ ) الآداب .
( ب ) النواهي .
( ج ) المباحات .


اجمالا فى الاداب

( 1 - تطهيرها وتكنيسها وتطييبها بالخلوق وغيره وجوبا
( 2 - إنارتها بما لا إسراف فيه
( 3 - أن يمشي إلى المسجد بالسكينة والوقار ولا يسرع
( 4 – يجب أن يدلك نعليه بالتراب إن أراد الدخول بهما إليه
( 5 - أن يبتدئ دخوله بالرجل اليمنى فإن ذلك من السنة
( 6 - أن يقول عند الدخول استحبابا : ( أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم )
( 7 - أن يصلي ركعتين قبل القعود وجوبا
( 8 - أن يبدأ به فيصلي فيه صلاة القدوم من السفر فقد :
( 9 - أن يبدأ الخروج منه بالرجل اليسرى عكس الدخول فإنه من السنة
( 10 - وأن يقول عند ذلك :

( 11 - أن يخرج منه وفي نيته أن يعود إليه
( 12 - والأفضل لمن كان فارغا لا عمل له أو كان غنيا عن الكسب أن يبقى فيه انتظارا للصلاة الأخرى

فإليك بيانها على هذا الترتيب :


( أ ) الآداب وهي تشمل الواجبات والمستحبات :


( 1 - تطهيرها وتكنيسها وتطييبها بالخلوق وغيره وجوبا

1-فقد ( أمر عليه السلام ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب ) . الحديث من رواية عائشة رضي الله عنها . وهو صحيح 2- عن ابن عمر أن عمر رضي الله عنه ( كان يجمر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كل جمعة ) حسنة الالبانى

( 2 - إنارتها بما لا إسراف فيه

1-لقوله عليه الصلاة والسلام في بيت المقدس : ( ائتوه فصلوا فيه فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله)
والحديث فيه مشروعية إيقاد السرج في المساجد لإنارتها وأقل ما يفيده الاستحباب وقد ترجم له أبو داود وكذا البيهقي ب :
( باب السرج في المساجد ) .


( 3 - أن يمشي إلى المسجد بالسكينة والوقار ولا يسرع لقوله عليه الصلاة والسلام :

1-( إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة ( زاد في حديث آخر : والوقار ) فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ) .
الحديث من رواية أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال : بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ سمع جلبة رجال فلما صلى

قال : ( ما شأنكم ؟ ) قالوا : استعجلنا إلى الصلاة قال : ( فلا تفعلوا إذا أتيتم الصلاة . . . ) بخارى

قال الترمذي ( 2/149 ) :
( اختلف أهل العلم في المشي إلى المسجد فمنهم من رأى الإسراع إذا خاف فوت التكبيرة الأولى حتى ذكر عن بعضهم أنه كان يهرول إلى الصلاة ومنهم من كره الإسراع واختار أن يمشي على تؤدة ووقار وبه يقول أحمد وإسحاق وقالا : العمل على حديث أبي هريرة وقال إسحاق : إن خاف فوت التكبيرة الأولى فلا بأس أن يسرع في المشي ) .


أقول : الصواب كراهة الإسراع مطلقا فوت التكبير أو لا وقد سبق بيانه فيما تقدمت الإشارة إليه فليراجع هناك .

( 4 – يجب أن يدلك نعليه بالتراب إن أراد الدخول بهما إليه

1- لقوله عليه الصلاة والسلام : ( إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما ) الحديث من رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه صحيح

( 5 - أن يبتدئ دخوله بالرجل اليمنى فإن ذلك من السنة

1- كما قال أنس ابن مالك رضي الله عنه : ( من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى ) . حسنة الالبانى
2-وله شاهد موقوف فقال البخاري : ( باب التيمن في دخول المسجد وغيره : وكان ابن عمر يبدأ برجله اليمنى فإذا خرج بدأ برجله اليسرى والقسم الأول منه يؤيده عموم حديث عائشة رضي الله عنه قالت :
كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله في طهوره وترجله وتنعله . متفق علية


3- وقال الحافظ بعد أن ساق حديث أنس السابق :

( والصحيح أن قول الصحابي : من السنة كذا محمول على الرفع لكن لما لم يكن حديث أنس على شرط المصنف أشار إليه بأثر ابن عمر وعموم حديث عائشة يدل على البداءة باليمين في الخروج من المسجد أيضا ويحتمل أن يقال :
في قولها : ما استطاع احترازا عما لا يستطاع فيه التيمن شرعا كدخول الخلاء والخروج من المسجد وكذا تعاطي الأشياء المستقذرة باليمين كالاستنجاء والتمخط وعلمت عائشة رضي الله عنه حبه صلى الله عليه وسلم لما ذكرت إما بإخباره لها بذلك وإما بالقرائن ) .

( 6 - أن يقول عند الدخول استحبابا : ( أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم )

قال عليه الصلاة والسلام : ( فإذا قال ذلك قال الشيطان : حفظ مني سائر اليوم ) . صحيح
( ويقول أيضا كما كان عليه الصلاة والسلام يقول : ( بسم الله اللهم صل على محمد وسلم اللهم افتح لي أبواب رحمتك ) .
جاء هذا في أحاديث :
الأول : عن أنس رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال :

( بسم الله اللهم صل على محمد وإذا خرج قال : بسم الله اللهم صل على محمد ) . حسنة الالبانى

الثاني : عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم وقال : ( رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك ) وإذا خرج صلى على محمد وسلم وقال : ( رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك ) .
وزاد احمد : قال : ( كان إذا دخل قال : رب افتح لي باب رحمتك وإذا خرج قال : رب افتح لي باب فضلك ) .

( 7 - أن يصلي ركعتين قبل القعود وجوبا

1-لقوله عليه الصلاة والسلام : ( إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس ) وفي لفظ :
( فلا يجلس حتى يركع ركعتين [ ثم ليقعد بعد إن شاء أو ليذهب لحاجته ] ) .
الحديث من رواية أبي قتادة الأنصاري . متفق علية

وله طريق أخرى بلفظ آخر فقال الحافظ بعد أن ذكر سبب الورود :
عن أبي قتادة : أعطوا المساجد حقها . قيل له : وما حقها ؟ قال : ركعتين قبل أن تجلس ) .

والحديث دليل بظاهره على وجوب ركعتي تحية المسجد لأنه في الرواية الأولى أمر بهما والأمر للوجوب وفي الأخرى نهى عن الجلوس قبل الصلاة وذلك يفيد التحريم وقد ذهب إلى هذا الظاهرية حاشا

( 8 - أن يبدأ به فيصلي فيه صلاة القدوم من السفر فقد :

( كان عليه الصلاة والسلام إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس ) .
الحديث من رواية كعب بن مالك رضي الله عنه . متفق علية
-وله شاهد من حديث ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل من حجته دخل المدينة فأناخ على باب مسجده ثم دخل فركع فيه فركعتين ثم انصرف إلى بيته . قال نافع : فكان ابن عمر كذلك يصنع . حسنة الالبانى


( 9 - أن يبدأ الخروج منه بالرجل اليسرى عكس الدخول فإنه من السنة كما سبق هناك ) .

في الدخول إلى المسجد فقرة ( 5 ) فراجعه .

( 10 - وأن يقول عند ذلك :
( بسم الله اللهم صل على محمد وسلم اللهم إني أسألك من فضلك ) وتارة يقول : ( اللهم اعصمني ( وفي لفظ : أجرني وفي آخر : أعذني ) من الشيطان الرجيم ) وهذا كله واجب قوله للأمر به كما مضى ) . في الفقرة السادسة .
وتنبه هنا على ما لا بد منه وهو : أن اللفظ الأول : ( اعصمني ) هو رواية ابن ماجه وكذا ابن السني في رواية .
واللفظ الثاني : ( أجرني ) رواية الحاكم والبيهقي . والثالث : ( أعذني ) رواية لابن السني .
والظاهر أنه اختلاف من الرواة فيأتي مرة بهذا وبهذا لأنه لم يترجح عندي الأصح منها .


( 11 - أن يخرج منه وفي نيته أن يعود إليه

لعله يصير من السبعة الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم :
( سبعة يظلهم الله [ يوم القيامة ] في ظله ( وفي حديث آخر : ظل عرشه ) يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل [ حتى توفي على ذلك ] ورجل قلبه معلق بالمسجد

( وفي لفظ : كأنما قلبه معلق في المسجد زاد في الحديث الآخر : من حبها )
إذا خرج منه حتى يعود إليه ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا ورجل ذكر الله خاليا
( وفي لفظ : في خلأ ) ففاضت عيناه [ من خشية الله ] ورجل دعته امرأة ذات حسب
( وفي لفظ : ذات منصب ) وجمال [ إلى نفسها ] فقال : إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه ( وفي لفظ : تصدق بصدقة كأنما أخفى يمينه من شماله ) . صحيح

والمقصود من إيراد الحديث هنا هو قوله عليه الصلاة والسلام : ( ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه ) .
قال المناوي : ( كنى به عن التردد إليه في جميع أوقات الصلاة فلا يصلي صلاة إلا في المسجد ولا يخرج منه إلا وهو ينتظر أخرى ليعود فيصليها فيه فهو ملازم للمسجد بقلبه فليس المراد دوام الجلوس فيه ) .

( 12 - والأفضل لمن كان فارغا لا عمل له أو كان غنيا عن الكسب أن يبقى فيه انتظارا للصلاة الأخرى

فإن فيه فضلا عظيما لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من جلس في المسجد ينتظر الصلاة فهو في الصلاة ) . حسنة الالبانى
وقوله :

( منتظر الصلاة من بعد الصلاة كفارس اشتد به فرسه في سبيل الله على كشحه ) ( أي : عدوه ) تصلي عليه ملائكة الله ما لم يحدث أو يقوم وهو في الرباط الأكبر ) هو من حديث أبي هريرة رضي الله عنه . . صححة الالبانى

قلت : ويشهد له الحديث الذي بعده وقوله عليه الصلاة والسلام :
( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ ) قالوا : بلى يا رسول الله قال :
( إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط ) . عن أبي هريرة أ متفق علية .


( وقوله : ( لا يزال أحدكم في صلاة ما دام ينتظرها [ لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة ] ولا تزال الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في المسجد : اللهم اغفر له اللهم ارحمه [ اللهم تب عليه ما لم يؤذ فيه ] ما لم يحدث ) .
فقال رجل [ أعجمي ] من حضرموت : وما الحدث يا أبا هريرة ؟ قال : [ إن الله لا يستحيي من الحق ] فساء أو ضراط ] ) . مسلم

الحديث من رواية أبي هريرة أيضا