تصدّر خبر وفاتها عناوين القنوات الإخبارية و الصّفحات الأولى من أكبر الصّحف العالمية … فمَن هي فقيدةُ العالم “مريم ميرزاخاني”؟
مِن طهران، إلى هارفارد … ثمّ ستانفورد!
“مريم” عالمة رياضيات إيرانية، وُلِدت سنة 1977 في العاصمة طهران، و درست في إيران. هي أول طالبة إيرانية تفوز بالميدالية الذهبية في أولمبياد الرياضيات الدولي، حيث تحصّلت على الذّهب في دورة “هونغ كونغ 1994”. كما تُعتبر أول طالبة إيرانية تحقق المجموع الكامل بمشاركتها في “دورة كندا 1995″، حيث حقّقت درجة الكمال 42 من 42 نقطة و احتلت المرتبة الأولى، ممّا جعلها أول طالبة إيرانية تحصد ميداليتين ذهبيتين في هذا الأولمبياد.
انتقلت إلى الولايات المتّحدة الأمريكية لإكمال دراستها في جامعة “هارفارد”، حيث تحصّلت على شهادة الدكتوراة في الرياضيات سنة 2004، و كان ذلك تحت إشراف الأستاذ “كورتيس مكمولن” الحاصل على ميدالية فيلدز لسنة 1998. بعد أربع سنوات أي سنة 2008 أصبحت أستاذة للرياضيات في جامعة “ستانفورد” الأمريكية.
بداياتها
كان عمرها 8 سنوات لمّا كانت تحدّثُ نفسها بالإنجازات العظيمة لبطلتِها المتخيَّلة، كانت تشاهد على التلفاز قصص حياة نساء عظيمات مثل “ماري كوري” و “هيلن كيلر”، و كان طموحها الأكبر قراءة كل كتاب تقع عليه عيناها، و كانت تريد أن تقوم بشيء عظيم، كأن تصبح كاتبة مثلًا.
عندما أنهت المرحلة الإعدادية خضعت لامتحان مكّنها من الالتحاق بمدرسة فرزانكان للبنات بطهران، و هي مدرسة تابعة للمنظّمة الوطنية لتطوير المواهب الاستثنائية في إيران.
في سَنَتها الأولى في المدرسة لم تُبلِ “مريم ميرزاخاني” بلاءً حسنًا في مادة الرياضيات، و تُرجع هذا إلى أستاذها الذي لم يكن يعتقد أنّها تملك قدرات خاصّة مما قلّل من ثقتها بنفسها تقول: “ما يراه الآخرون فيك مهم جدًا … خسرتُ اهتمامي بالرياضيات”.
في السنة الموالية حصلت “مريم” على أستاذ أكثر تشجيعًا، تقول عنها صديقتها منذ الطفولة رويا بهشتي: “بدايةً من العام الثاني، صارت نجمةً”.
و منذ ذلك الحين بالفعل، سطعت “مريم ميرزاخاني” في مجال الرياضيات كقَبَس من نور.
ماذا حقّقت “ميرزاخاني”؟
حصلت “ميرزاخاني” على جائزة “بلومنثال” من الجمعية الأمريكية للرياضيات في عام 2009، و سنة 2013 مُنحت جائزة “روث ليتل ساتر” في الرياضيات من قبل الجمعية الرياضية الأمريكية، وحصلت على جائزة “كلاي ريسارتش” لعام 2014 من معهد كلاي للرياضيات.
لكنّ أعظم إنجاز حققته في حياتها هو حصولها على ميدالية فيلدز لسنة 2014، حيث تمّ تتويج المشوار العلمي لـ”مريم ميرزاخاني” تقديرًا لمساهماتها في فهم تناظر الأسطح المنحنية، و تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الميدالية تسمّى كذلك بـ “الميدالية الدولية للاكتشافات فائقة التميز في الرياضيات”، و تلقّب بـ”جائزة نوبل في الرّياضيات”، و تُمنح كلّ أربع سنوات لعددٍ قد يبلغ الأربعة أشخاص من الأكثر تميزًا في مجال الرياضيات في العالم ممّن لا يتعدّى عمرهم الأربعين عامًا، وقد بدأ التّكريم بهذه الميدالية سنة 1936. تعتبر”ميرزاخاني” أول امرأة في التاريخ تفوز بالـ”فيلدز”، و هي كذلك أول حامل للجنسية الإيرانية يفوز بهذه الميدالية.
سنة 2015 انتُخبت كـ”شريكة أجنبية” في الأكاديمية الفرنسية للعلوم. و في 2016 انتُخبت “ميرزاخاني” عضوًا في الأكاديمية الوطنية للعلوم، اعترافًا بإنجازاتها المتميّزة والمستمرة، و بذلك دخلت قائمة اللامعين من أمثال “ألبرت أينشتاين”، و “توماس أديسون”، و “ألكسندر جراهام بيل” … أمّا في 2017، فقد انتُخبت “ميرزاخاني” عضوًا في الأكاديمية الأمريكية للفنون و العلوم.
وفاتها
توفيت “مريم ميرزاخاني” يوم 15 من شهر جويلية 2017 عن عمر الأربعين، بعد صراع دام أربع سنوات مع سرطان الثّدي. نعاها المجتمع العلمي العالمي، حيث نشر خبر وفاتها الإيراني “فیروز نادری” الذي يعمل في النازا الأمريكية، و قد كتب على صفحته على الإنستغرام: “شعلة انطفأت. هذا يكسر قلبي … لقد رحلت باكرًا جدًا”، ثم أضاف: “عبقرية؟ نعم. لكن أيضًا ابنة، أمّ و زوجة”.