الإقامة :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

شئ من فقة اقامة الصلاة


1 - وهي فرض كفاية كالأذان إذا كانوا جماعة في الحضر والسفر

لقوله عليه السلام : ( إذا أنتما خرجتما فأذنا ثم أقيما ثم ليؤمكما أكبركما ) . بخارى وزاد أبو داود : وكنا يومئذ متقاربين في العلم .

ولفظ الآخرين : ( إذا سافرتما فأذنا ) وقال الترمذي : ( حديث حسن صحيح ) .

وفيه دليل على فرضية الإقامة كالأذان فرضا كفائيا إذا قام به أحدهما سقط عن الآخر وليس المراد من الحديث ظاهره وهو أن يؤذن كل منهما ويقيم كما بينه الحافظ في ( الفتح ) بل المراد : من أحب منكما أن يؤذن فليؤذن ومن أحب أن يقيم فليقم وذلك لاستوائهما في الفضل ولا يعتبر في الأذان السن بخلاف الإمامة ويدل على هذا المعنى قوله في رواية للحديث :
( فليؤذن لكم أحدكم ) كما سبق في الأذان .
وقد اختلف العلماء في حكم الإقامة


( 2 - وأما المنفرد فهي مستحبة في حقه

لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان الرجل بأرض قي فحانت الصلاة فليتوضأ فإن لم يجد ماء فليتيمم فإن أقام صلى معه ملكاه . . . ) الحديث ) . وقد مضى في المسألة التاسعة من الأذان .

وقد عقد النسائي لهذه المسألة بابا خاصا فقال : ( الإقامة لمن يصلي وحده ) ثم ساق بإسناده حديث المسيء صلاته فقال : عن رفاعة بن رافع : ولفظه : بينما هو جالس في المسجد يوما - قال رفاعة : ونحن معه - إذ جاءه رجل كالبدوي فصلى فأخف صلاته ثم انصرف فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
( وعليك فارجع فصل فإنك لم تصل . . . ) الحديث وفيه : فقال الرجل في آخر ذلك : فأرني وعلمني فإنما أنا بشر أصيب وأخطأ فقال : ( أجل إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله ثم تشهد وأقم فإن كان معك قرآن فاقرأ . . . ) الحديث . . وزاد بعد قوله : ( وأقم ) : ( ثم كبر ) .

3 - وقد جاء في صفتها نوعان


الأول : سبع عشرة كلمة : الله أكبر 1 الله أكبر 2 الله أكبر 3 الله أكبر 4 أشهد أن لا إله إلا اله 5 أشهد أن لا إله لا الله 6 أشهد أن محمدا رسول الله 7 أشهد أن محمدا رسول الله 8 حي على الصلاة 9 حي على الصلاة 10 حي على الفلاح 11 حي على الفلاح 12 قد قامت الصلاة 13 قد قامت الصلاة 14 الله أكبر 15 الله أكبر 16 لا إله إلا الله 17 ) .


وفيه أحاديث :

الأول : عن أبي محذورة : أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة وفيه رواية ابن خزيمة في
( صحيحه ) : فعلمه الأذان والإقامة مثنى مثنى . وهو حديث صحيح وقد سبق تخريجه في المسألة الرابعة من الأذان زاد الدارقطني في آخره : ( لا يعود من ذلك الموضع ) . قلت : يعني لا يرجع في الإقامة .

الحديث الثاني : أن عبد الله بن زيد الأنصاري جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله رأيت في المنام كأن رجلا قام وعليه بردان أخضران فقام على حائط فأذن مثنى مثنى وأقام مثنى مثنى . صحيح

( النوع الثاني : إحدى عشرة كلمة : الله أكبر 1 الله أكبر 2 أشهد أن لا إله إلا الله 3 أشهد أن محمدا رسول الله 4 حي على الصلاة 5 حي على الفلاح 6 قد قامت الصلاة 7 قد قامت الصلاة 8 الله أكبر 9 الله أكبر 10 لا إله إلا الله 11 ) .
وفيه أحاديث :


الأول : عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه في حديث الرؤيا قال : ثم استأخر - يعني الملك - غير بعيد ثم قال : تقول إذا أقيمت الصلاة : الله أكبر الله أكبر . . . إلخ .

الحديث الثاني : عن ابن عمر قال : كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى والإقامة مرة مرة : إلا أنك تقول : قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة . حسنة الالبانى

الحديث الثالث : عن أنس بن مالك رضي الله عنه وله عنه طرق :

1 - عن أبي قلابة عنه قال : أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة . متفق علية
ولم أجد لهذا القول سندا من الروايات بل كلها على خلافه لأنها تقول بتثنية الإقامة ولعل من أخذ به عمل أهل المدينة وعلى هذا يدل كلام ابن حزم ثم رأيت مالكا صرح بذلك في ( الموطأ ) .


ولم أجد أيضا من ذهب إلى الأخذ بظاهر حديث ابن عمر وأنس المقتضي لكون الإقامة تسع كلمات بإيتارها كلها إلا لفظ الإقامة فإن وجد من أخذ به من السلف قلنا به وإلا اضطررنا إلى القول بتأويلهما - كما سبق - على ما فيه من التكلف . والله أعلم .


( 4 - وعلى من يسمع الإقامة مثل ما على من يسمع الأذان من الإجابة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وطلب الوسيلة له كما سبق بيانه في المسألة ( 14 ) من الأذان
وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول . . . ) الحديث ولأن الإقامة آذان لغة وكذلك شرعا لقوله صلى الله عليه وسلم : ( بين كل آذانين صلاة ) يعني أذانا وإقامة ) .

وعلى هذا جرى الإمام ابن حزم فإنه فهم من قوله عليه السلام : ( فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم . . . ) الحديث

وقد مضى فهم منه أن الإقامة داخلة في هذا الأمر بدليل الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه فقال بعد أن ذكر الحديث المتقدم :
( فصح بهذا وجوب الأذان ولا بد . . . . ودخلت الإقامة في هذا الأمر كما ثنا عبد الله بن ربيع ) ثم ساق إسناده إلى عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بين كل أذانين صلاة لمن شاء ) .



( - - يفصل بين الأذان والإقامة

لحديث عبد الله بن زيد في رؤيا الملك من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الصحابة عنه قال :
( إني رأيت رجلا كأن عليه ثوبين أخضرين فقام على المسجد فأذن ثم قعد قعدة ثم قال فقال مثلها إلا أن يقول قد قامت الصلاة . . . )

صيح .
وفي رواية ابن إسحاق بسنده عنه بلفظ : ثم استأخر غير كثير ثم قال مثل ما قال وجعلها وترا إلا أنه قال : قد قامت الصلاة ( بمقدار ما يصلي المصلي ركعتين على الأقل لقوله صلى الله عليه وسلم : ( بين كل أذانين صلاة ) .


ويقتضي تأخير الإقامة حتى يصلي من شاء ركعتين ولو قبل صلاة المغرب كما سبق فلو باشر الإقامة قبل أن يتمكن المصلي من صلاة الركعتين لكان سببا في تفويته إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام وإلا فسيضطر أن يباشر صلاة الركعتين حين شروع المؤذن بالأذان وفي ذلك تفويت سنن كثيرة كالإجابة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وطلب الوسيلة كما سبق وهذا كله خلاف قوله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى } [ المائدة/2 ] وقوله صلى الله عليه وسلم :
( من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل ) رواه مسلم .


( - - ولا تقام الصلاة إلا إذا خرج الإمام إلى المسجد ) .

لحديث جابر بن سمرة : كان مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذن ثم يمهل فلا يقيم حتى إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج أقام الصلاة حين يراه . صحيح

( - ولا يقوم الناس إلا إذا رأوه خرج ولو أقيمت الصلاة قبل ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم :

( إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني [ قد خرجت ] [ وعليكم السكينة ] ) ] . متفق علية



( - - وإذا سمع إقامة الصلاة فلا يسرع إليها بل يمشي وعليه السكينة والوقار

كما قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها [ وأنتم ] تسعون و[ لكن ] ائتوها [ وأنتم ] تمشون وعليكم السكينة [ والوقار ] فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا [ فإن أحدكم في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة ] ) .
2-ومن رواية احمد بلفظ : ( إذا سمعتم الإقامة فامشوا ولا تسرعوا وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ) . وهو لفظ ا لبخاري وقد وجدت له شاهدا من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعا بلفظ : ( إذا جاء أحدكم وقد أقيمت الصلاة فليمش على هينته فليصل ما أدرك وليقض ما سبقه ) . صحيح


3-وفي الحديث الندب الأكيد إلى إتيان الصلاة بسكينة ووقار والنهي عن إتيانها سعيا سواء في صلاة الجمعة وغيرها سواء خاف فوت تكبيرة الإحرام أم لا كذا في ( شرح مسلم ) للنووي .



( - - ويقيم من جمع بين الصلاتين جمع تقديم أو تاخير إقامة لكل صلاة

كذلك فعل رسول الله في غزوة الخندق وفي عرفة ومزدلفة ) .

وفيه أحاديث : الأول : عن جابر في حديثه الطويل في الحج : أنه عليه الصلاة والسلام أقام لصلاة الظهر ثم أقام لصلاة العصر وذلك بعرفة ثم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين .

الثاني : عن أسامة بن زيد أنه قال :دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفه فنزل الشعب فبال ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء فقلت له : الصلاة . فقال : ( الصلاة أمامك ) فجاء المزدلفة فتوضأ فأسبغ ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت الصلاة فصلى ولم يصل بينهما . بخارى

الثالث : عن ابن عمر رضي الله عنه قال : جمع النبي صلى الله عليه وسلم المغرب العشاء بجمع كل واحدة منها بإقامة ولم يسبح بينهما ولا على إثر كل واحدة منهما . أخرجه البخاري

وقد جاء هذا الحديث عن ابن عمر من طرق أخرى بلفظ : جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء بجمع صلى المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين بإقامة واحدة . مسلم


وقد ذهب إلى هذا الحكم - أنه يقيم لكل صلاة في الجمع جمع تقديم أو تأخير - ابن حزم وهو قول الشافعي في القديم ورواية عن أحمد وبه قال ابن الماجشون المالكي والطحاوي الحنفي خلافا لأبي حنيفة وصاحبيه وذلك أنهم كانوا يذهبون في الجمع بين الصلاتين إلى أن يجعلوا ذلك بأذان وإقامة واحدة ويحتجون في ذلك بالرواية الثانية عن ابن عمر صرح بذلك كله الطحاوي في شرحه وقوى ما اختاره بالقياس على الجمع بين الظهر والعصر بعرفة ثم قال :
( والذي رويناه عن جابر من هذا أحب إلينا لما شهد له من النظر ) .


قال النووي في ( شرح مسلم ) :
( وهذا هو الصحيح من مذهبنا : أنه يستحب الأذان للأولى منهما ويقيم لكل واحدة إقامة فيصليهما بأذان وإقامتين ويتأول حديث ( إقامة واحدة ) أن كل صلاة لها إقامة ولا بد من هذا الجمع بينه وبين الرواية الأولى ( يعني : من حديث ابن عمر ) وبينه أيضا وبين رواية جابر )

قلت : ومن الغريب أن علماءنا أخذوا بحديث جابر في الجمع في عرفة بأذان واحد وإقامتين وتركوه في الجمع في مزدلفة بأذان وإقامتين وهذا من عجائب الفقه فلا جرم أن خالفهم الإمام الطحاوي وتبعه الشيخ ابن الهمام ثم أبو الحسنات اللكنوي في
( التعليق الممجد ) فأصابوا .


( - - وكذلك يقيم لكل صلاة من الفوائت المشروعة إقامة واحدة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق ) .
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :


حبسنا يوم الخندق حتى ذهب هوي من الليل حتى كفينا وذلك قول الله تعالى : { وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا } [ الأحزاب/25 ] فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأمره فأقام فصلى الظهر . . . . ثم اقام للعصر فصلاها كذلك ثم أقام للمغرب فصلاها كذلك ثم أقام للعشاء فصلاها كذلك . . . صحيح . وزاد فيه البيهقي في رواية :

( يتابع بعضها بعضا بإقامة إقامة ) .

وقد ذهب إلى هذا الشافعية فقالوا :
إذا أراد قضاء فوائت دفعة واحدة أقام لكل واحدة بلا خلاف عندهم كما في ( المجموع )

( 13 - وإذا انصرف من الصلاة وخرج من المسجد وقد نسي ركعة أو غيرها مما لا تتم الصلاة إلا به وأراد أن يعود لإتمامها فعليه أن يعيد الإقامة فقد ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فسلم وانصرف وقد بقي من الصلاة ركعة فأدركه رجل فقال :

نسيت من الصلاة ركعة فرجع فدخل المسجد وأمر بلالا فأقام الصلاة فصلى بالناس ركعة ) .
صحيح

واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين