كلمة «لا» الصخرة التي يصطدم بها الطفل دائمًا خلال مسيرة اكتشافه للعالم، ورغم أنَّه في بداية استخدامها قد يكون لها مفعول سحري بالنسبة للآباء، إلا أنَّها مع الوقت تفقد قواها السحرية، ويصبح الطفل منيعًا ضدها، فتجد الأم نفسها مضطرة للصياح مرات ومرات، حتى ينفذ الطفل ما تريده، وقد رصد البروفيسور الألماني «جيرالد هوتر» تأثير كلمة «لا» على الطفل، فوجد أنَّ الطفل الرضيع مثلًا لا يفهم معناها إلَّا إذا صحبتها نظرة قاسية، بينما الأطفال الأكبر سنًّا يعتبرون رفض الوالدين لعمل يقومون به هو رفضًا لشخصهم، وقد ينصاعون للأوامر فقط بسبب الخوف والتهديد.
وحتى يستطيع الوالدان إيجاد أرضية مشتركة للتفاهم بينهم وبين أبنائهم بعيدًا عن التهديد والحرمان، فيجب بحسب الدكتورة «لورا ماركام» مؤلفة كتاب «آباء مسالمون وأبناء سعداء»، فهم الصراع من وجهة نظر طفلهم، لا أن يتمسكوا برؤية الأمر فقط من وجهة نظرهم، وليتمكنوا من ذلك هناك 9 «أسرار» يجب أن يعرفوها عن طريقة تفكير الطفل، وكيفية نظره للأمور:
1- من نحن بالنسبة لأطفالنا؟
نفوذنا على أطفالنا يعتمد على مدى علاقتنا بهم، إن لم يكن طفلك يستمع إليك، لابدَّ أن تبدئي بتعزيز علاقتك به والاستماع إليه، فكل طفل بحاجة إلى 15 دقيقة على الأقل يوميًا للتواصل مع والده ووالدته، كما أنَّه بحاجة إلى الإحساس بتعاطفهم مع مشاكله ودموعه، إن استطعت التركيز على تعزيز التواصل بينك وبين طفلك، بعد أسبوع ستبدئين بملاحظة تغيير جذري في سلوك الطفل، ومدى انصياعه لرغبات الوالدين.
2- حوِّل الأوامر إلى روتين
عندما تتحول توجيهات الأبوين من أوامر يجب تنفيذها دون نقاش، إلى عادات يمارسها كل يوم مع والديه، يصبح من السهل عليه جدًا القيام بها، كغسل اليدين قبل الأكل وبعد دخول الحمام، أو ترتيب الألعاب، وقد يواجه الوالدان صعوبة في بداية تعليم الطفل، ولكن مع الوقت سيتحول الأمر إلى روتين يمارسه الطفل دون حاجة إلى تنبيه الأم وصراخها المستمر.
3- لا تقبل بتخطي الحدود
يحاول كثير من الأطفال رفض الالتزام بالقواعد التي تضعها الأم، إما عن طريق الرفض المباشر، أو عن طريق التجاهل ومتابعة لعبه دون اهتمام، وهذا أمر يجب التعامل معه بحزم، فالأطفال سينصاعون لتنفيذ طلبات الوالدين، إن جربوا مرات أنَّ يتخطوا الحدود ولم يتمكنوا، يجب على الأم أن لا تسمح للطفل باستفزازها، وأن تحاول فهم وجهة نظر طفلها في رفض الالتزام، وأن تصر على أنَّ هناك قوانينَ لا يمكن التغاضي عن وجودها، وليس من السهل اختراقها.
4- لا تفرض الأوامر
الأطفال دائمًا يميلون إلى الالتزام بما هو مطلوب إن لم يحسّوا أن ذلك يفرض قسرًا عليهم، وأنَّ رغباتهم وخياراتهم تحترم من قبل الأهل، فبدلًا من قول أنت محروم من اللعب إن لم ترتب غرفتك، يمكنك إعطاء الطفل خيار جدولة مهام يومه حسب رغبته بدلًا من ذلك، عندها سيكون لديه حافز أقوى للالتزام بالمهام التي فرضها هو على نفسه.
5- استبدل المرح بالصراخ
لا يستطيع الأطفال منع أنفسهم من الانخراط في اللعب والمنافسات، وهذا الأمر يمكن استثماره من قبل الأهل، فبدلًا من المعركة اليومية لوضع الألعاب في صندوقها، يمكن للأمر أن يتحول إلى متعة إن أصبح في إطار تنافسي، فمثلًا يمكن أن تنظم الأم مسابقة في السرعة، وتمسك مؤقتًا بيدها لحساب الوقت الذي يستغرقه جمع الألعاب وترتيبها، عندها سينتهي ترتيب الغرفة، أو الواجبات الدراسية بسرعة، وبجوٍ مفعم بالمرح بدلًا من الصراخ والمشاحنات.
6- اخترْ السن المناسبة
يحاول الكثير من الأهل تعويد أطفالهم الاعتماد على أنفسهم، وهذا أمر جيّد، ولكن يجب مراعاة عمر الطفل، فمثلًا الطفل في الخامسة من عمره لا يستطيع تنظيف نفسه جيدًا، وهو بحاجة إلى التشجيع لا إلى اللوم إن لم يفعل، والأطفال الأكبر سنًّا ينتظرون عبارات الثناء والمديح من الأهل على محاولاتهم الاعتماد على أنفسهم، ومن المحبط بالنسبة إليهم أن يوجه إليهم اللوم أمام أصدقائهم مثلًا، إن أخلّوا ببعض التزاماتهم، لذلك يجب أن تتذكروا دومًا أنهم ما زالوا أطفالًا.
7- تجاهل المخالفات
من الأمور التي تثير استياء الأم كثيرًا، أن ترى طفلها يخوض في بركة من الماء، أو يرسم لوحاته على أحد الجدران، فذلك بالنسبة إليها استهتار بالقواعد التي تحرص على أن لا تخترق، ولكن إن نظرت للأمر من وجهة نظر الطفل، فسترى أنَّه يشبع رغباته في المغامرة والمرح، لذلك إن لم يكن الطفل يعرض نفسه للمخاطرة، فلا بأس ببعض الخروج عن المألوف والمخالفات البسيطة.
8- اهتم بسعادة أطفالك
الطفل الذي يرى والديه يحرصان على سعادته، سيكون هو بالتالي حريصًا على الالتزام بما يسعدهما، وهذه العلاقة بينهما تبنيها الطريقة التي يتفاعلان بها مع الطفل، والطريقة التي يتم فيها تقدير إنجازاته، فمثلًا الطفل الذي أمضى ساعتين في بناء برج المكعبات، لن يكون سعيدًا إن لم يظهر والداه اهتمامًا ببنائه، أو طلبت منه أمه هدمه قبل أن ينام، حتى تكون جميع المكعبات في سلة واحدة.
9- استبدلوا «نعم» بـ«لا»
يثق الأطفال كثيرًا بالكلمات التي تدعم رفاهيتهم، وتحديدًا بكلمة نعم، فهي تعطيهم انطباعًا أنَّهم يحققون ما يريدون، وتوحي لهم بالمعاني الإيجابية، على العكس من كلمة لا، التي تحمل في طياتها كل المعاني السلبية والمحبطة لهم، لذلك لابدَّ من محاولة إعادة صياغة الطريقة التي يُطلَب بها من الطفل الامتناع عن فعل شيء ما، بحيث لا تحتوي الجملة على تحدّي الطفل بـ«لا»، فبدلًا من قول لا تخرج قبل أن تنهي دراستك، يمكنك استبدال جملة «إن انتهيت من دراستك أولًا فسيكون لديك المزيد من الوقت لتمضيه باللعب خارجًا» بها.