دولة المماليك هي إحدى السلالات التي حكمت كل من مصر ، و الشام بالعلاوة على بعض أجزاء الجزيرة العربية ، و ذلك لمدة زمنية تزيد عن مائتي عام ، و في خلال فترة حرجة من فترات التاريخ الإسلامي ، و ذلك يرجع إلى ما شهدته المنطقة العربية ، و الإسلامية من تحديات، و من أبرزها اعتداء كل من الصليبين (الحملات الصليبية) ، و التتار إذ أستطاع المماليك في تلك الفترة النجاح في صد هذان الخطران الكبيران على المنطقة العربية .
أصل المماليك :-
المماليك في الأصل هم عبارة عن هؤلاء العبيد البيض البشرة ، و الذين كانوا يتم سلبهم في الفتوحات الإسلامية ، و الحروب حيث أدت هذه الفتوحات إلى رغبة العديد من الخلفاء المسلمين في جلب عنصراً بشرياً يضمنون ولاءه للدولة ، و للنظام، فاشتروا لأجل هذا الغرض الغلمان الترك علاوة على الأوربيين ، و غيرهم إذ تم إعدادهم إعداداً خاصاً ، و تربيتهم على منهجاً معيناً حيث عرفت تلك الظاهرة في البداية في عهد الدولة العباسية ثم جاءت عملية بروزها و بشكل كبير في أثناء الدولة الأيوبية منذ عهد صلاح الدين الأيوبي .
و من جاء بعده من الأيوبيين ، و بسبب الضعف الذي دب في الدولة الأيوبية تمكن المماليك من السيطرة على مقاليد الحكم في كل من مصر ، و الشام ، و لتبدأ كنتيجة لذلك مرحلة دولتهم .
كيف كانت نهاية الدولة المملوكية؟
بحلول عام (1517م) برزت ، و بشكل كبير قوة العثمانيين ، و استطاعت جيوشهم الزحف من منطقة الأناضول شمالاً في اتجاه بلاد الشام الواقعة تحت حكم الدولة المملوكية حيث كان التقاء كل من جيش المماليك تحت قيادة (قانصوة الغوري) مع جيش العثمانيين، تحت قيادة (سليمان القانوني) في معركة مرج دابقالشهيرة .
و التي أستطاع فيها الجيش العثماني هزيمة جيش المماليك ، و من ثم واصل الجيش العثماني زحفه إلى مصر ، و بالفعل تم الإجهاز على الجيش المملوكي فيها في معركة الريدانية، حيث أقتيد أخر سلطان مملوكي لمصر (طومان باي) إلى باب زويلة في القاهرة ليتم إعداده على مرأى من المصريين لينتهي بذلك الحكم المملوكي .
أسباب سقوط دولة المماليك
يوجد عدداً من الأسباب ، و العوامل التي أدت إلى سقوط دولة المماليك ، و من أهمها :-
1-انشغال المماليك بالصراع على السلطة ، و ذلك يرجع إلى كون النظام المملوكي في الحكم كان نظاماً فريداً من نوعه إذ كان يجرى فيه انتقال السلطة من ملك إلى أخر بناءا على قاعدة الحكم لمن غلب ، و ليس عن طريق الوراثة، و لهذا فقد كان يتعين على الفائز بالعرش أن يقوم بسداد فواتير الدعم التي تلقاها من جانب أمراء المماليك ، و الذين ساعدوه على الفوز بالحكم ، و هذا عن طريق تعينهم في المناصب العليا بالدولة من أجل بسط سيطرتهم الكاملة على المفاصل الرئيسية للدولة مما يدر عليهم الأموال الطائلة .
2- ظهور الاختلافات العرقية علاوة على بروز الطبقية الاجتماعية ، و بشكل كبير على الرغم من محاولات المماليك المستمرة للاندماج في المجتمعات العربية ، و الإسلامية إلا أنهم ظلوا حريصين على الاحتفاظ بثقافتهم ، و تقاليدهم الخاصة إذ كان الأتراك منهم لا يتزوجون إلا من بني جلدتهم، هذا بالإضافة على أنهم لا يعينون أميراً عليهم إلا إذا كان منهم مما كرس للطبقية الاجتماعية ، و للاختلاف ، و بالتالي لفظ المجتمع العربي لهذه الأمور مما ساعد على سقوطهم .
3- إتباع المماليك لعدداً من السياسات الخاطئة في كل من مصر ، و الشام ، و خاصةً تلك السياسات المتعلقة بالضرائب ، و التي أرهقت المصريين بشكلاً كبيراً مما كرس داخلهم كراهية المماليك .
4- اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح مما أدى إلى انخفاض الحركة التجارية الخارجية ، و التي كانت تمر من الأراضي المصرية ، و تدر لخزانة الدولة العائدات المالية الكبيرة مما نتج عنه إفلاس خزينة المماليك، فحاولوا علاج الانخفاض في الإيرادات المالية عن طريق خفض قيمة العملة المصرية وقتها (الدرهم) عن طريق إحلال الفضة كبديلاً عن الذهب إلا أن معدلات التضخم استمرت في الارتفاع ، و بالتالي انخفضت قيمة العملة المصرية الشرائية .
على الرغم من محاولة المماليك إنقاذ الاقتصاد بمحاولتهم السيطرة على الاحتكار ، و فتح الشئون الخاصة بالمواد الغذائية ، و فرض التسعير الجبري للمواد الغذائية إلا أن كل تلك الإصلاحات الاقتصادية كانت متأخرة ، و غير فعالة ، و يرجع السبب في الأساس إلى الضعف الإداري القوي في مؤسسات الدولة المملوكية وقتها .
5- خيانة عدداً من أمراء المماليك لبعضهم البعض فحينما هزم العثمانيين المماليك في معركة مرج دابق الشهيرة أستطاع بعدها العثمانيين شراء ولاء عدداً من أمراء المماليك في مصر ، و كان في مقدمتهم (خاير بك)، و الذي تعاون مع العثمانيين ضد أخر سلاطين الدولة المملوكية (طومان باي ) حيث تمت مكافئته فيما بعد هزيمة طومان باي ، و سقوط الدولة المملوكية بتعيينه والياً على مصر من جانب العثمانيين إذ لعبت هذه الخيانات دوراً قوياً في تمكن العثمانيين من هزيمة المماليك ، و إسقاطهم .