إذا رأينا طريقة سير جون واين، وهو أحد الممثلين المشهورين عالمياً بأفلام الكاوبوي، نسلم بأنه شخص صلب وقوي. وإذا تعرَّفنا على هذا الشخص، فلا يكون هناك داعٍ إلى التوصل إلى معلومات حول شخصيته بشكل مفصل بالنظر إلى طريقة سيره.
فالمعلوماتُ التي يقوم علماء النفس بدراستها لسنوات، تُبين بالفعل أننا نعطي أحكاماً مماثلة على الأشخاص من خلال طريقة سيرهم، بحسب تقرير لـBBC النسخة التركية.
حسناً، إلى أي مدى تعكس هذه الأحكام الواقع الحقيقي؟
فلننظر إلى الأبحاث التي أجريت حول موضوع معرفة الشخصية من طريقة السير، ففي عام 1935 قام عالم النفس الألماني فيرنر وولف بتجربة شارك فيها 5 رجال و3 نساء، في أثناء مباريات رياضة رمي القرص، التُقطت صور لهم دون معرفتهم بذلك، وكانوا يرتدون زيهم الرسمي.
نتائج مماثلة
وبعد ذلك تم عمل مونتاج لمشاهد الفيديو لمنع الناس من التعرف على هوية هؤلاء الأشخاص، وطلب من الناس أن يبدوا تعليقات حول شخصياتهم من خلال مشاهدة الفيديو.
لوحظ أن الأشخاص المشاركين أبدوا تعليقات مماثلة حول الشخصيات، من خلال طريقة سيرهم وبالنظر إلى ما شاهدوه من صور.
على سبيل المثال، قيلت هذه التعليقات عن إحدى التجارب "إنه شخصية رائعة، لكن لا توجد لديه أساسيات"، "إنه شخص يريد أن يجذب الانتباه بأي ثمن"، "إنه شخص متكبر ويريد أن يحوز الإعجاب"، "إنه شخص غير واثق بنفسه ولكنه يريد أن يتظاهر بغير ذلك"، "شخصية مملة وغير بارزة وليس لها أمان".
وكان إعطاء تعليقات وأحكام مماثلة بهذا الشكل حول هذه الشخصيات مثيراً للدهشة، لكن ربما كان يتم الاستناد إلى نقاط أخرى للحكم على الشخصيات غير طريقة السير، لأن المشاركين في هذه التجربة كانوا يعرفون بعضهم البعض؛ لذلك كانت هذه التجربة غير دقيقة.
لكن التجارب الحديثة أكثر دقة وأماناً. إذ تعمل التكنولوجيا الرقمية على تحويل طريقة سير الشخص إلى نقاط ضوئية متحركة على خلفية سوداء، وتستطيع أن تضمن تجاهل التحركات الأخرى غير الهامة.
يقسم علماء النفس الأميركيون طريقة السير إلى فئتين عامتين، استناداً إلى البيانات التي حصلوا عليها من خلال استخدامهم هذه الطريقة في الثمانينات.
1) طريقة السير التي يتم فيها تحريك القدم إلى الأمام بقوة بشكل مستمر، مع تأرجح الذراعين بشكل واضح وتحرك منطقة الفخذ، ويكون الإيقاع أكثر شباباً.
2) السير الذي يكون أقل مرونة وأبطأ، ويميل قليلاً إلى الأمام مباشرة.
لكن في الواقع هذا التصنيف لا يتم على أساس السن، فيمكن لشخص في ريعان شبابه أن يسير مثل شخص مسن وقد يحدث العكس، ويُفترض أن من يسيرون مثل الشباب يكونون أكثر سعادة وقوة.
نوعان من السير
وتُبين الأبحاث أنه من الشائع أن يتعرف الناس على الشخصيات من طريقة السير، وهذا لا يعني أي شيء عن صحة هذه النتائج.
ولذلك قبل بضع سنوات قامت دراسة مشتركة بين الولايات المتحدة الأميركية وسويسرا، بمقارنة التقييمات الذاتية للأشخاص مع التي أدلى بها آخرون، استناداً إلى ما شاهدوه على الشاشات الرقمية.
وهنا أيضاً يتم الحديث عن أنه يوجد نوعان من السير، ولكن من نمط مختلف.
1) أسلوب سير مرتخٍ وغير صارم، وسماته الشخصية تتميز بالمغامرة، والثبات والانبساط، والدفء.
2) أسلوب سير بطيء ومسترخٍ، وهو أسلوب يشير إلى الاستقرار العاطفي.
ولكن رُصد أن تقييمات المراقبين لم تكن صحيحة، وأن هذين الأسلوبين لم يعكسا هذه السمات، عندما تأخذ التقييمات الذاتية للأشخاص كأساس على الأقل.
وتبين جميع الدراسات أننا نعتبر الملابس والوجوه واللهجات وطريقة السير، واحدة من السمات الشخصية للإنسان.
ترك انطباعات مختلفة
على سبيل المثال، إن النتائج التي تم الحصول عليها من الأبحاث القديمة، تظهر أن الأشخاص الذين يلوحون بـأذرعِهم بشكل بطيء ويسيرون بشكل أبطأ هم في حاجة إلى الحماية على نحو أفضل.
في دراسة أجريت في اليابان عام 2009، طُلب من مجموعة رجال أن يحاولوا التحدث مع إحدى الطالبات بشكل غير لائق أو محاولة لمسها، وكانت تنعكس تحركاتها على شكل نقاط ضوئية على شاشات رقمية.
ووفقاً للتقييمات الشخصية فإنها بالفعل بحاجة إلى الحماية من خلال مراقبة طريقة سيرها فقط، وتبين أنهم قاموا بتوجيه هذه التجربة بهذا الشكل، وفقاً لاعتقادهم أن هؤلاء الأشخاص المختارين للتجربة يظهرون الانطواء وعدم الاستقرار العاطفي.
كما تظهر الدراسة أيضاً نجاح الضباط في السجون بالتنبؤ مسبقاً بالتعرض لهجوم من قبل هؤلاء السجناء الذين يحملون صفات شخصية مختلة، وهذا فقط من خلال مراقبة طريقة سيرهم.
على سبيل المثال، قال السفاح تيد بندي، إنه كان يختار ضحاياه وفقاً لطريقة سيرهم في الشارع.
كما تثير هذه الدراسة تساؤلات حول ما إذا كان ممكناً ترك انطباعات مختلفة أم لا، عن طريق تغيير في أسلوب السير.
ويعتقد البعض أنه يمكن تعلم طريقة المشي التي تُحرك فيها الذراعين بشكل واضح وبإيقاع سريع؛ لإعطاء رسالة أن هذه الشخصية لديها ثقة بنفسها.