تتناول هذه الدراسة أثر الفقيه والعالم الجغرافي الفلكي أبو يحيى زكريا بن محمد القزويني ودوره العلمي، والقزويني ( 605 - 682هـ = 1208 - 1283م) أحدى الشخصيات البارزة التي ظهرت خلال القرن السابع الهجري = الثالث عشر الميلادي، وهو واحد من أبرز العلماء والمؤرخين العرب في تلك الحقبة حيث ساهم في إغناء التراث العلمي العربي. تميز بمواهب كثيرة وقابلية خاصة في التأليف، مستخدمًا أسلوبًا ومنهجًا متميزًا، حيث جمع بين التاريخ والجغرافيا، والفلك، والطب، والأدب، والنبات، والحيوان، وغيرها من العلوم، كما كان دقيقًا في وصف الأحداث وحريصًا على إيصالها بأجزائها، مراعيًا في ذلك الأمانة العلمية ما استطاع إلى ذلك سبيلا. وقد شملت كتبه الكثير من الحقائق العلمية التي ثبتها في كتابيه الشهيرين (عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات)، وكتاب (آثار البلاد وأخبار العباد) كالعلوم الإنسانية، ومنها علم الجغرافية، والتاريخ، وعلم النفس، وعلم الهيئة (الفلك)، والعلوم الطبيعية، والعلوم الصرفة ومنها: علم الطب، والكيمياء، والنبات، والحيوان، كما كان له دور وأثر بارز في علم الفن (الرسم والتصوير).
نسبه ونشأته
هو الإمام أبو يحيى عماد الدين زكريا بن محمد بن محمود الأنصاري القزويني، القاضي والجغرافي والفلكي المتعدد المواهب. وهو حجازى الأصل، سليل بيت من بيوت الأنصار، حيث يتصل نسبه إلى الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه. ولد بمدينة قزوين (بين رشت وطهران) في حدود سنة 605هـ = 1208م، وقضى فيها شطرًا من طفولته وصباه، وكان ذووه قد ارتحلوا إلى هذه المدينة منذ زمن طويل، ثم غادرها إلى دمشق، وأقام بها فترة من حياته، وتأثر في أثناء إقامته بالصوفي الشهير محي الدين بن عربي. ثمّ ارتحل إلى العراق بعد أن أصبح ضليعًا بالفقه.
وظائفه ومواهبه
وكان الإمام القزويني رحمه الله عالما فاضلا، وكان يكتب خطا جيدا، تولى منصب القضاء بالحلة في سنة 650هـ، ثم نقل إلى القضاء بواسط سنة 652هـ، وأضيف إليه التدريس في المدرسة الشرابية بمدينة واسط في العراق قبل سقوط بغداد على يد التتار سنة 656هـ= 1258م وبعدها. فلم يزل على ذلك إلى أن مات، وكان حسن السيرة، عفيفًا. وذلك في عهد آخر خلفاء بني العباس المستعصم بالله. وكان على علاقة وطيدة مع ضياء الدين بن الأثير الكاتب صاحب "المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر" وهو أخو المؤرخ ابن الأثير صاحب كتاب "الكامل في التاريخ"، وكان مقيمًا في مدينة الموصل. ولكن عمل القزويني فيب يالقضاء والتدريس لم يلهه عن القراءة والتأليف في الحقول العلمية المختلفة، فقد شغف بالفلك، والطبيعة، وعلوم الحياة، وقد تردد كثير من المؤرخين في أي من العلوم اختص القزويني، فمنهم من وضعه في قائمة علماء الطبيعة والفلك، وعدَّه البعض الآخر إمام مؤرخي العرب وجغرافييهم، في حين عدَّه آخرون من كبار علماء الأرض والنبات والحيوان، رغم أنَّه نال شهرة واسعة في علم الفلك. ويبدو أن القزويني عمل على دراسة مختلف العلوم، ولكن أعظم أعماله شأنًا هي نظرياته في علم الرصد الجوي والفضاء وهذا ما لمسناه من خلال دراسة كتابيه (عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات) و(آثار البلاد وأخبار العباد).
كان الإمام العالم زكريا بن محمد القزويني كثير التأمل في خلق الله، موصياٌ بذلك مسترشدا بالقرآن الذى حثنا على النظر في مصنوعات وبدائع خلقه وليس التحديق والنظر فقط بل التفكير في حكمتها وتصاريفها؛ ليزداد الإنسان يقينًا، ويقر بأن التأمل أساسهُ خبرة بالعلوم والرياضيات بعد تهذيب الأخلاق والنفس، لتنفتح البصيرة، ويري الإنسان العجائب التى لا يستطيع تفسيرها.
القزويني رائد علم الفضاء والأرصاد الجوية
لا نبالغ إن قلنا إن العالم المسلم القزوينى، هو رائد على الفلك وواضع اللبنة الأولى فى علوم الفضاء، فهو أول من صنف النجوم لمعرفة الوقت، وأعظم أعماله شأنا هى نظرياته فى علم الأنواء الذى يعرف حاليا بالأرصاد الجوية. حيث يعد القزوينى من أبرز العلماء المتقدمين فى علم الأرصاد الجوية، فهو أول من تكلم عن تصنيف النجوم حسب ألوانها، والحركة الظاهرية للكواكب، وكيفية معرفة الوقت، وأنواع الرياح والسحب وكيفية تكوينها، وأسباب نزول المطر على هيئة قطرات. وقد كانت لترجمة مؤلفاته إلى اللغات الأوربية الفضل فى تطور الدول الغربية فى صناعة الإسطرلاب، وهو آلة فلكية ترصد النجوم. كما كانت القبائل البدوية وأهل الصحراء، يعتمدون على مؤلفات القزوينى لتحديد سرعة الرياح، وتكوين المطر ومعرفة الفصول الأربعة، حرصا على زراعتهم وأغنامهم.
ويقول القزويني: "لننظر إلى الكواكب وكثرتها، واختلاف ألوانها، فإن بعضها يميل إلى الحمرة، وبعضها يميل إلى البياض، وبعضها إلى لون الرصاص. ثم إلى سير الشمس في فلكها مدة سنة، وطلوعها وغروبها كل يوم لاختلاف الليل والنهار، ومعرفة الأوقات. ثم إلى جرم القمر وكيفية اكتسابه النور من الشمس، ثم إلى امتلائه وانمحاقه، ثم إلى كسوف الشمس وخسوف القمر، ثم إلى ما بين السماء والأرض من الشهب والغيوم والرعد والصواعق والأمطار والثلوج والرياح المختلفة المهاب ..".
وفي علم الأرصاد الجوية يقول: "لنتأمل السحاب الكثيف، كيف اجتمع في جو صاف، وكيف حمل الماء وكيف تتلاعب به الرياح وتسوقه وترسله قطرات، فلو صب صبًا لفسد الزرع بخدشه الأرض. ثم إلى اختلاف الرياح فإن منها ما يسوق السحب، ومنها ما يعصرها ومنها ما يقتلع الأشجار، ومنها ما يروي الزرع والثمار، ومنها ما يجففها…".
كما تحدث في كتابه "عجائب المخلوقات" عـن الجغرافية الطبيعية، ومنهـا المناخ حيث تكـلم عن الطبقات الجوية، وعن تكوين الغيوم والأمطار، كما تكلم عن حدوث الرياح واتجاهاتها وفوائدها، ومنها ما ذكره عن (الزوبعة) معللا أسباب حدوثها بقوله: "هي الريح التي تدور على نفسها شبه منارة وأكثر، تتولد من رياح ترجع من الطبقة الباردة فتصادف رياحًا تذروه الرياح المختلفة، فيحدث من دوران الغيم تدوير في الريح فينزل على تلك الهيئة، وربما يكون مسلك صعودها مدوّرًا فيبقى هبوبها كذلك مدورًا، كما يشاهد في الشعر الجعد ..، وربما يكون سبب الزوبعة التقاء ريحين مختلفي الهبوب فأنهما إذا تلاقى تمنع احدهما الأخرى عن الهبوب فتحدث بسبب ذلك ريح مستديرة تشبه منارة، وربما صادفت السفينة فترفعها وتدوّرها وتغرقها، وربما وقعت قطعة من الغيم وسط الزوبعة فتذروها في الهواء فترى شبه تنين يدور في الجو". ونلاحظ هنا إن المؤلف قد شبّه الزوبعة بالتنين، ونرى كيف وضَّح بأسلوب علمي حديث تكوّن الزوبعة وتشبيهه الواقعي والطريف بالشعر الجعد، ثم إن هذا الوصف الدقيق لا يمكن أن يصدر إلا عن شخص دقيق الملاحظة للظواهر الطبيعية.
وتكلم عن توزيع اليابس والماء على الأرض، وتوزيع الحرارة والأقاليم الحرارية عليها ثم بين علاقة ارتفاع الحرارة في المناطق الاستوائية واشتداد البرد في المناطق القطبية بالإنسان والحيوان والنبات. وقد تحدث بصورة مفصّلة عن الجبال والأنهار والعيون والآبار في العالم، التي كانت معروفة في زمنه ثم عن أسباب تكوينها، وعلّل ذلك بتعليلات طبيعية وجيولوجية. ومما قاله عن تولد العيون والآبار قوله: "إن في جوف الأرض منافذ ومسام وفيها أما هواء أو ماء، فان كان هواء يصير ماء بسب برودة تلحقها، فان أصابه مدد من جهة أخرى لا يسع ذلك الموضع تنشق الأرض إن كانت رخوة ويظهر على وجهها، وان لم تكن لها قوة الخروج فيحتاج أن ينحى عنه التراب حتى يظهر , كماء القنوات والآبار". كما تحدث عن الزلازل وقال: "إن سببها الأدخنة والأبخرة التي إذا اجتمعت تحت وجه الأرض الصلب لا يكون فيه منافذ ومسام، فإذا قصدت الأبخرة الصعود لا تجد المنافذ والمسام تهتز فيها بقاع الأرض وتضطرب كما يضطرب بدن المحموم، وربما ينشق ظاهر الأرض ويخرج من الشق تلك المواد المحتبسة دفعة واحدة".
إسهامات القزويني في العلم الفلك
خصص القزويني القسم الأول من كتابه (عجائب المخلوقات) لعلم الفلك والنجوم، حيث تكلَّم عن السماء وما بها من كواكب وبروج ومدارات ومجرَّات، والشمس، والقمر، وتحدث عن كواكب الزهرة، والمريخ، والمشتري، وعطارد، وزحل. كما علل القزويني خسوف القمر علميا فجاء دقيقا حيث قال: "إن سببه توسط الأرض بينه وبين الشمس، وعندئذ يتشكل من وقوع نور الشمس مخروط قاعدته صفحة الأرض، فإذا وقع القمر كله في جرم المخروط كان الخسوف كليًا". وقد علل كسوف الشمس وقال: "إن القمر يكون حائلًا بين الشمس وأبصارنا لأنّ جرم القمر كمد فيحجب ما وراءه، لأن الخطوط الموهومة الشعاعية التي تخرج من أبصارنا متصلة بالبصر على هيئة مخروط رأسه نقطة البصر وقاعدته المبصر، فإذا وقع جرم القمر في وسط المخروط، تنكسف الشمس كلها، وقد تنكسف بعضها إذا كان للقمر عرض ينحرف المخروط عن الشمس".
وتكلم عن الكواكب الثوابت وعن كوكبات الدب الأصغر، والدب الأكبر، والتنين، وقيقاوس ولعوا، والفكة، وغيرهما وعدد كواكب كل كوكبة وبين ما يتصل بها من آراء واعتقادات. وتحدث عن البروج الاثني عشر وأسمائها وصورها وعدد كواكبها وموقعها من الصورة . فذكر برج الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت. كما تكلم عن الزمان وتحدث عن الأيام، والشهور، والسنوات، وعن التقاويم العربية والرومية والفارسية، وما يرتبط بها من أعياد ومناسبات.
وقد زود القزويني كتابه عجائب المخلوقات بأشكال وجداول فلكية غاية في الروعة والدقة. ولأهمية معلوماته وندرتها في الفلك فقد أفاد منها عدد من الباحثين والعلماء المهتمين بهذا المجال الذين عدّوا وصفه للنجوم وصفًا علميًا إلى حد كبير، ومنهم المستشرق الدنماركي آيدلر Idler في بحثه الممتاز الذي كتبه سنة 1909م.
إسهامات القزويني في الفيزياء والعلوم الطبيعية
وقد أسهم القزويني إسهاما كبيرا في علوم الفيزياء والطبيعيات، ومنها ما يتعلق في الأرض من الزلزلة والخسف وفي الجو من السحاب والبرق، والرعد، والصواعق، والهالة، وقوس قزح، حيث قدم لنا معلومات مهمة عن ذلك.
وقد فسر نظرية قوس قزح، أنها تكون إذا حدثت في خلاف جهة الشمس أجزاء مائية شفافة صافية من نزول مطر أو بخار، وكانت الشمس قريبة من الأفق المقابل، ووراء تلك الأجزاء جسم كثيف مثل جبل أو سحاب مظلم أو إذا استدبر الناظر الشمس، ونظر إلى تلك الأجزاء صارت الشمس، فانعكس شعاع البصر من تلك الأجزاء إلى الشمس لكونها صقلية، فالشمس دون الشكل، فادت ضوءًا، لكونها أجزاء صغيرة فكل واحد يؤدي ضوء الشمس دون شكلها، وسبب استدارة القوس وقوع الأشياء مستديرة، وتختلف ألوان القوس فبعضها أحمر وبعضها أخضر وبعضها أرجواني، واغلب الأوقات لونها مركب من ثمانية، وقد نرى في بعض الأوقات أصفر أيضًا. ويرى (رونان Ronan ) أن القزويني كان أول من علل تكوّن قوس قزح تعليلا علميا صحيحًا.
إسهامات القزويني في علوم الجيولوجيا
أما في مجال علم الأرض أو الجيولوجيا، فقد كان القزويني من العلماء العرب الذين امتد اهتمامهم بهذا العلم، فقد استدل على كروية الأرض بخسوف القمر وطلوعه وغروبه. كما تكلم أيضا عن تكوين الذهب والفضة والنحاس والرصاص وغيره، وقد أورد أن تكوّن الذهب لا يتم إلا في البراري الرطبة والجبال الرخوة، والفضة والنحاس والرصاص والحديد لا يتكون إلا في الأحجار المختلطة بالتراب الليّن، والكبريت لا يتكون إلا في الأراضي النارية، والزئبق لا يتكون إلا في الأراضي المائية.
وكان للإمام القزويني نظريات علمية جيولوجية هزت العالم الجيولوجي تشارلس لايل فوضعها في مقدمة كتابه (أصول علم الجيولوجيا) سنة1830م، الذي بقي معتمدًا في بلاد الغرب، ومما حمَّله على القول: "إن ما ورد في كتاب القزويني عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات من النظريات الجيولوجية لتدل على صحتها ونبوغ هذا العالم المسلم". والجدير بالذكر أن تشارلس لايل أول من اعترف بدور القزويني في مجال علم الجيولوجيا، حيث أن أفكاره الجيولوجية صارت متداولة بين علماء الغرب بواسطة مؤلفه المذكور أعلاه. وقد أشاد غوستاف لوبون بإنجازات القزويني في مجال علم الأرض بقوله: "وشاعت نظرية تطورات وجه الأرض بتنقل البحار وتحول شكل الأرض بين العرب شيوعا تدخل به في أذهان الشعب كما نعلم ذلك من كتاب العالم الطبيعي القزويني ".
إسهامات القزويني في الجغرافيا
تطورت الجغرافيا العربية الإسلامية في القرن السابع الهجري، وأصبحت لها فروع وتصانيف دقيقة مثلما وضع ياقوت الحموي كتابه (معجم البلدان). وقد برز القزويني في هذه المدة من خلال كتابيه الشهيرين. فقد اشتمل كتابه (آثار البلاد وأخبار العباد) على كثير من المعلومات الجغرافية المفيدة عن أقطار العالم الإسلامي، وبعض الأقطار الأوربية والآسيوية والأفريقية المحيطة بالعالم الإسلامي، فتكلم عن البحيرات والأنهار والعيون، والتضاريس والثروة الزراعية، والحيوانية، والصناعة والمعادن.
كما تضمن كتابه أيضا خرائط لبعض المدن. وقد عُدَّ القزويني أبرز من ساهم في تطوير رسم الخرائط في هذه المرحلة فضلا عن المسعودي، وابن حوقل في مؤلفاتهم الوصفية. حيث رسم خارطة مستديرة للعالم من طراز خارطة الاصطخري، وصـــور وخرائط أخرى للكعبة والمسجد الحرام حولها، وصورة مدينة تنيس في بحيرتها (بحيرة المنزلة)، والقسطنطينية، ومدينة قزوين.
إسهامات القزويني في علم التاريخ
ويعد القزويني من كبار مؤرخي مدنة واسط من خلال مؤلفاته، فهو من أشهر علماء التاريخ الطبيعي بين العرب حيث تقوم طريقته بالوصف على الخصوص، من خلال مؤلفه عجائب المخلوقات وما جاء فيه من الوصف للحيوان والنبات والمعادن والمتحجرات .. الخ.
أما عن مؤلفه (آثار البلاد) فقد أورد فيه معلومات تاريخية مفيدة عن البلدان والأقاليم السبعة، ذاكرًا فيه جوانب من التاريخ السياسي والعسكري والاجتماعي، واصفًا مختلف نواحي الحياة الاجتماعية، والبشرية لتلك البلدان فتحدث عن عاداتهم وتقاليدهم، وأديانهم، ومأكلهم وملبسهم، وحرفهم . كما تطرّق إلى الجانب الثقافي من خلال ترجمته لعدد كبير من مشاهير العلماء والفقهاء، والأدباء، والمؤرخين، وغيرهم، والى الجانب العمراني بمناسبة الحديث عن ألاماكن والبقاع.كما تحدث القزويني في كتابه هذا إلى وصف لعدد كبير من المدن متحدثًا عن نشأتها وتاريخها وتطوّرها.
إسهامات القزويني في علم النفس
وقد نبغ القزويني من خلال كتابه "عجائب المخلوقات" كعالم في مجال علم النفس، من خلال تقديمه معلومات وآراء مهمة عن القوى العقلية، والقوى المدركة. كما تكلَّم عن تفاوت الناس في الذكاء، الذي عزاه إلى التفاوت في الغريزة. وكانت لآراء القزويني أهمية كبيرة عند المختصين الأجانب، فقد ترجم العالم تيشنر سنة 1912م ما يتعلق بآرائه في علم النفس.
إسهامات القزويني في الطب والصيدلة
وبالرغم من أن المصادر لم تذكر أن القزويني كان طبيبًا، إلا أنّه كان يتمتع بخبرة جيدة بصناعة الطب من خلال معرفة خواص الأحجار والنبات والحيوان، ووصفه الأدوية والعلاجات وكيفية استخدامها ولأي الأمراض تُخصَّص. ومما ذكره عن خواص الأحجار قوله: "إن حجر الماس ينفع من المغص وفساد المعدة وتكسر الأسنان إذا اخذ بالفم". ومما قاله عن خواص الحيوان: "إن دم الأرنب يطلى به البهق الأسود والكلف يزول"، وشحم الإوز يصفي اللون ومخه يسمن ويصفي الصوت، ولبن الماعز علاج للنسيان والفم والسواس. ويبدو إن غاية القزويني في بعض هذه الوصفات الطبية لم تكن البحث العلمي، بل سرد ما قرأه أو سمعه، فهو لم يدخلها التجربة العملية أو تحليلها، لذلك انعدم الدليل على صحتها. كما نبغ القزويني في علم الصيدلة، وكان يعرف بين علماء عصره بالعشّاب (الصيدلي)؛ وذلك لأنه عرف وبكل جدارة خصائص النباتات الطبية النافعة منها والضارة، فكان النباتي هو الطبيب والطبيب هو النباتي لقرب الصلة بين المهنتين.
إسهامات القزويني في الكمياء
برز القزويني في مجال علم الكيمياء، حيث خصص فصلًا في كتابه عجائب المخلوقات لدراسة المعادن والأحجار، فقد قسم فيه المعادن إلى ثلاثة أنواع، الأول: هو الفلزات، والثاني: الأحجار، وأما الثالث: فقد أطلق عليه الأجسام الدهنية. ولأهمية معلوماته عن الكيمياء فقد قام المستشرق الألماني روسكا Ruska , بترجمة القسم الخاص بالأحجار من كتاب عجائب المخلوقات إلى اللغة الألمانية سنة (1310هـ/ 1896م).
إسهامات القزويني في علم النبات
ويعد القزويني من العلماء العرب المرموقين الذين كان لهم أثر كبير في علم النبات، وهو من طبقة أبي بكر الرازي، وابن سينا. وقد خصص الباب الثاني من كتابه عجائب المخلوقات لعلم النبات، حيث تكلم في القسم الأول منه عن الأشجار وأنواعها وخصائصها، وقدم لنا معلومات مفصَّلة عن البيئة التي تنمو فيها، وإرشاد في كيفية زراعتها. وتكلم في القسم الثاني عن أنواع أخرى من النبات أطلق عليها أسم النجوم. والحق أن تقسيم النبات إلى أشجار ونجوم مرتبة على حروف المعجم لا يختلف أبدًا عن التقسيم المتبع في العصر الحديث. وحاول القزويني إعطاء تعاريف لبعض النباتات في كتابه عجائب المخلوقات. وقد تحدث القزويني عن مكانة النبات بين الموجودات فأعطى تعريفا لمكانة النبات، وصار المتخصصون في علم النبات يتناقلونه عبر العصور، حيث قال في ذلك: "إن النبات متوسط بين المعادن والحيوان بمعنى انه خارج عن نقصان الجمادية الصرفة التي للمعادن وغير واصل إلى كامل الحس والحركة اللتين اختص بهما الحيوان".
إسهامات القزويني في علم الحيوان
برز القزويني كعالم في مجال الحيوان من خلال القسم الذي خصصه للكلام عن الإنسان والحيوان، وقد امتاز عن غيره في التأليف عن الحيوان، بأن وصف الحيوان وجعله في المرتبة الثالثة من الكائنات، لأن المرتبة الأولى للمعادن وهي باقية على الجمادية، والمرتبة الثانية للنبات فإنها متوسطة بين المعادن والحيوان بحصول النشوء والنمو وفوات الحس والحركة. وقسم المؤلف الحيوان إلى سبعة أنواع جعل الإنسان: " أشرف الحيوانات وخلاصة المخلوقات ركّبه الله بأحسن صورة روحًا وبدنًا وخصَّه بالنطق والعقل سرًا وعلنًا وزين ظاهره بالحواس وباطنه بالقوى ما هو أشرف وأقوى ..".
وقد تضمنت معلوماته عن الحيوان على حقائق علمية ثابتة حتى الآن، ومنها ما قاله عن حيوان الماء: (( أنَّه لا يعيش إلا في الماء ومنه ماله رئة كالضفدع فانه يجمع بين الماء والهواء، فأما الذي لا يعيش إلا في الماء فلا حاجة لها إلى استنشاق الهواء لان الباري تعالى لما خلقها في الماء جعل حياتها منه، وجعلها على طبيعة الماء، وركب أبدانها تركيبا بحيث يصل إليها (برد الماء) وروح الحرارة الغريزية التي في بدنها، وينوب عن استنشاق الهواء لذلك تراها لا صوت لها لفقد الرئة التي لا حاجة لها إليها". إن كلام القزويني هذا صحيح في جملته، وبالطبع فان وجود غاز الأوكسجين وذوبانه في الماء لم يكونا معروفين في أيامه لذلك عبر عنه بقوله: (برد الماء).
وعندما تكلم عن الهوام والحشرات قال: "ومن الناس من يقول أي فائدة في هذه الهوام مع كثرة ضررها ؟ ولم يدر أن الله يراعي المصالح الكلية كإرسال المطر فانه فيه مصالح البلاد والعباد وإن كان فيه خراب بيت العجوز ..، والذي يحقق ذلك إنا نرى الذباب والديدان والخنافس في دكان القصاب والدبّاس أكثر مما نرى في دكان البزاز والحداد، فاقتضت الحكمة الإلهية في صرف العفونات إليها ليصفوا الهواء منها ونسلم من الوباء ..". وكلام القزويني في هذا النص يشير إشارة واضحة إلى إدراكه واستيعابه دور الهوام والحشرات في تنظيف البيئة بالتهامها النباتات والحيوانات الميتة وبالتالي حمايتها من التلوث، ولولا ذلك لتراكمت تلك النباتات والحيوانات الميتة إلى حد يلوث البيئة تلوثًا يجعلها غير صالحة لحياة الأحياء فيها.
إن ما توصل إليه القزويني من حقائق ثابتة عن الحيوان إلى الآن قد حمل الأستاذ العزي إلى وصف كلام القزويني عن الحيوان بأنه: "يدل على إدراكه تمامًا لعلاقة أعضاء الحيوان وحواسه به وبمحيطه وبفوائدها له، وهو إدراك يتفق والمفاهيم الحديثة في علم وظائف الأعضاء أي علم الفسلجة وعلم البيئة". وزود القزويني كتابه برسوم حيوانية مصغرة، بلغ بعضها قمة الجودة والإتقان. وقد حظي كلام القزويني بعناية علماء الحيوان الأوربيين، فقد طبع المستشرق (دي ساسي Desace) القسم المتعلق بالإنسان، وعالج العلامّة الفرنسي (جاكوب Jacop) في أبحاثه ما يتعلق بعلم الطيور، كما تناول علماء آخرون في مقالاتهم تحليلا لعدد من المسائل التي عالجها القزويني في محيط التاريخ الطبيعي.
إسهامات القزويني في فن الرسم والتصوير
والقزويني من الفنانين الذين اشتهروا بفن الرسم والتصوير، فضلًا عما لديه من علوم أخرى . ففي نسخة من كتابه الشهير عجائب المخلوقات محفوظة في (ميونخ: مكتبة الدولة، فصل عرب، رقم 464) رسم لنا صورة غاية في الروعة والجمال، وثق بها الملائكة المدونين لأعمال البشر، استخدم فيها ألوانا غامقة استعملت لبيان طيات الملابس. وتأتي أهمية هذه الصورة من حيث خوضه في فكرة جديدة عن هذا الفن وهي تصوير الملائكة المسؤولين عن تسجيل أعمال الإنسان اليومية، بل عدّت المحاولة الأولى في تصوير فكرة دينية من هذا القبيل، والسبب الذي دعى القزويني إلى رسم هذه الصورة هو اعتقاده إن الملائكة جزء من الكون بالرغم من اعتباره لها مخلوقات علوية.
وفي مخطوطة نادرة أيضًا من الكتاب نفسه محفوظة في مكتبة رضا رامبور بالهند، وكان معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية قد صورها وحفظها لنا، وقد اشتملت المخطوطة على بعض التصاوير الرائعة التي تبين كيف كان الفنان المصور يتخيل ما كان يصوّره، فمثلا نلاحظ إن كثيرًا من حيوانات البحر أو من الكواكب أو من الملائكة قد تخيله الفنان على شكل هو مزيج من الآدمية والحيوانية، فصور إنسان الماء الذي ذكره القزويني انه في بحر الشام على شكل غريب: وجه آدمي بلحية مسنونة وشعر مرجل وجسم كالسمك وذنب طويل كذنب الحمار. وفي منمنمة أخرى من المخطوطة نفسها، صور لنا سكان بعض جزائر بحر الهند -وهي جزائر مجهولة- على شكل آدميين ليس لهم رقاب ألصقت رؤوسهم بصدورهم. وقد أبدع المصور في تصوير بعض الحيوانات كالفيل والغزال الذي ظهرت فيه الحركة والرشاقة والتناسب بصورة جلية، وقد وصف أحد الباحثين الأوربيين فن التصوير عند القزويني من خلال كتابه عجائب المخلوقات بقوله: "وقد بقي هذا الكتاب بأصله المخطوط موضحًا بصور طالما أثارت مؤرخي الفن".
وقد نُظِّم في سنة 2001م معرض الفن الإسلامي في متحف اللوفر في باريس حمل عنوان (العجيب والغريب) الذي عدّ من أبرز المعارض وأكثرها موضوعية ومنهجية حيث كشف ذخائر الرسم والتصوير النادرة التي اجتمعت لأول مرة في متاحف عالمية (المتروبوليتان) في الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا، وقد ضم المعرض بعض رسوم القزويني من المخطوطات النادرة لعجائب المخلوقات، الذي عد فيه القزويني واحدًا من رموز فن التصوير والفكر في المشرق الإسلامي.
مؤلفات القزويني
ألَّف القزويني كتبًا عدة في موضوعات مختلفة، منها: كتاب "آثار البلاد وأخبار العباد" أو "عجائب البلدان"، وكتاب "الأقاليم". وكتاب "البلدان"، وكتاب "صفة الأرض"، وكتاب "عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات"، وقد أهدى هذا الكتاب الأخير إلى حاكم بغداد في عهد المغول. وله أيضا كتابى "خطط مصر"، و"الإرشاد فى أخبار قزوين".
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
وهو من أشهر وأهم كتب ومؤلفات القزويني، وفيه يصف السماء وما تحوي من كواكب وأجرام وبروج، مع التوقف عند حركتها الظاهرية، وما ينجم عن ذلك كله من اختلاف فصول السنة. كما تكلم عن الأرض وجبالها وأوديتها وأنهارها، وتحدث عن كرة الهواء، وعن الرياح ودورتها، وكرة الماء وبحارها وأحيائها، كما شرح حركة الشمس، وشروقها وغروبها كل يوم، من أماكن مختلفة مع اختلاف الليل والنهار، وشرح كيفية معرفة الأوقات، ثم تحدث عن كسوف الشمس وخسوف القمر، بالإضافة إلى إسهاماته فى تعريف "الغلاف الجوى والمائى لسطح الأرض"، وما ينتج عن ذلك من فصول السنة، وتكلم عن الأرض وتضاريسها، والهواء وما فيه من رياح وأنواعها، والماء والبحار والجزر، وإحيائها، وتكلم عن النبات والحيوان التى تسكن اليابس. وقد رتب ذلك ترتيبًا أبجديًا دقيقًا.
يتألف كتاب "عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات" إجمالًا من قسمين يتطرقان بالبحث إلى العالمين العلوي والسفلي. فالقسم العلوي يتضمن أبحاثًا تدور حول علم الفلك والنجوم والأجرام السماوية، وسكان ذلك العالم أي الملائكة، كما يبحث في التقاويم العربية والسريانية وما تحتويه من أعياد ومناسبات، ويتناول بحثه الحيوانات والنباتات، والمعادن، والجغرافية الطبيعية، ثم يتطرق البحث إلى معرفة العرب في الجاهلية بالنجوم والسيارات والأبراج مؤكدًا بأن هذه المعرفة قديمة بدلالة أسمائها العربية التي كانت مستعملة قبل الإسلام، مثل: بنات نعش الكبرى والصغرى والسها، والظباء، والرابض، والراعي وكلب الراعي، والسماك والكف، والعيوق. ثم يتطرق القزويني في كتابه إلى منازل القمر؛ ويشير إلى أن العرب قسموها إلى ثمانية وعشرين قسمًا مخالفين بذلك الهنود الذين كانوا قد جعلوها سبعة وعشرين، كما يعدد المنازل عند العرب بدءًا من الثريا حتى البطين. ويتضمن الكتاب موضوعات تتعلق بالبحر الأحمر والتأثيرات التي يخضع لها من جوّية وبحريّة، وتتعرض لها السفن الجارية في عرض البحر، كما يتطرق إلى الطيور المدرّبة والمستخدمة في عمليات الصيد "البيزرة"، ويعدد بعض أنواعها كالطغرل، والباز، والزرق، والباشق...
إن هذا التنوّع في الموضوعات جعل بعض الباحثين والعلماء يعدّون القزويني أكبر كوزموغرافي (عالم وصف الكون) ومبسّط للعلوم من أجل الجمهور. ويرى أحد العلماء المعاصرين: "أن كوزموغرافيا القزويني هي أهم أثر أنتجه كاتب عربي في العصور الوسطى"، وكثيرًا ما قارنه العلماء بهيرودوت Hérodotus.
أما القسم السفلي فمخصص للأرض وظواهرها، وعناصرها الأربعة: النار، والهواء، والماء، والشهب والرياح، كما يتناول هذا القسم وصفًا لتقسيم المعمورة إلى سبعة أقاليم وبيان أسباب حدوث الزلازل وتكوّن الجبال، ونشأة الأنهار والينابيع والعيون، ثم يعرض سريعًا لممالك الطبيعة الثلاث: المعدنية، والنباتية، والحيوانية، وتبدأ المملكة الأخيرة بالكلام على الإنسان وخصائصه الأخلاقية، وتشريحه، وتركيبه العضوي، ومميزات الشعوب المختلفة.
آثار البلاد وأخبار العباد
أما كتاب "آثار البلاد وأخبار العباد" أو "عجائب البلدان" فله صفة جغرافيّة، والصفة الجغرافية تقوم على وصف الأرض وتقسميها إلى سبعة أقاليم، وما يحتويه كل إقليم من مدن وجبال وجزر وبحيرات وأنهار .. إلخ، إضافة إلى بعض التفاصيل التاريخية وسير مشاهير الرجال في مختلف أماكن الإقليم.
وقد ضمّنه القزويني ثلاث مقدمات، الأولى: عن الحاجة إلى إنشاء المدن والقرى، والثانية: في خواص البلاد، وتأثير البيئة على السكان والمعادن والنبات والحيوان، والثالثة: عرض فيها لأقاليم الأرض المعروفة آنذاك، وخصائص كل منها. كما يضم هذا الكتاب أخبار الأمم وتراجم العلماء والأدباء والسلاطين، وأوصاف الزوابع، والتنين الطائر أو نافورة الماء وغير ذلك. دعا القزويني إلى التأمل في آيات الله في خلقه، وبديع صنعه، تماشيًا مع ما أمر به القرآن الكريم من النظر والتأمل في السماء والأرض. وإنما المراد في النظر الدراسة والتفكير في المعقولات والنظر في المحسوسات، والبحث في حكمتها.
ويتحدث القزويني في كتابه «آثار البلاد وأخبار العباد» عن مشاهداته شخصيًا في العراق العجمي وبلاد الشام والعراق، وما سمعه، أو اقتبسه، أو اطلع عليه من كتب، مثل كتاب "المقتبس من أخبار الأندلس" لابن حيّان القرطبي، وكتاب "الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة" لابن بسام الشنتريني، كما استفاد من أخبار الرحالة الذين نقل عنهم سلام الترجمان. ورحلة أبي دلف الخزرجي إلى الصين والهند .. إلخ. ولقد قام المستشرق وستنفيلد Wustenfeld بنشر الكتاب بقسميه ظنًا منه أنه كتاب واحد وذلك في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي.
والملاحظ أن كتب القزويني زينت بالتصاوير، فهي مزودة لا بأشكال وجداول فلكية فحسب، بل أيضًا بالرسومات الصغيرة و"المنمنمات"، كما أن معظم مخطوطات القزويني تحتوي على خريطة مستديرة للعالم.
وفاة الإمام القزويني
وبعد هذه الرحلة العلمية، توفي الإمام القزويني في السابع من المحرم سنة 682هـ / 1283م. فرحمه الله وأجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرًا.
_______________________
المصادر والمراجع:
- القزويني: آثار البلاد وأخبار العباد، دار صادر، بيروت، 1960م.
- القزويني: عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، دار التحرير للطباعة والنشر، بيروت، د – ت، ط3، دار الآفاق الجديدة بتقديم وتحقيق فاروق سعد، بيروت، 1978م.
- الذهبي: تاريخ الاسلام، تحقيق: عمر عبد السلام التدمري، الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة: الثانية، 1413هـ / 1993م.
- زغلول النجار وعلي عبد الله الدفاع: إسهام علماء المسلمين في تطور علوم الأرض، مكتبة التربية العربي، الرياض، 1988م.
- م.د. ثامر نعمان مصطاف: أثر العالم الواسطي زكريا القزويني ودوره العلمي، معهد إعداد المعلمين / واسط – العراق، 2014م.
- حاجي خليفة: كشف الظنون عن أسامي الكتب، والفنون، مكتبة المثنى، بغداد، د. ت.
- رمضان أحمد رمضان: الرحلة والرحالة المسلمون، دار البيان، جدة، د. ت.
- أغناطيوس بولينانوفتش كراتشكوفسكي: تاريخ الأدب الجغرافي العربي، نقله إلى العربية: صلاح الدين عثمان هاشم، موسكو، 1957م.
- زهير حميدان: أعلام الحضارة العربية الإسلامية، وزارة الثقافة في سورية، دمشق، 1996م.
- عبد الرحمن بدر الدين: القزويني زكريا بن محمد، الموسوعة العربية العالمية.
- موقع الموهوبون - موقع المخترعين العرب.