منذ أن عرفت البشرية طريقة الكتابة، حتى بدأت في تسجيل كل شيء، على حسب الطريقة والأدوات المتاحة وقتها، وعلى مدار التاريخ، فُقدت كميات هائلة من الكتابات، سواء كان أصحابها من المشاهير أو من الناس العاديين ولم يصلنا منها في أفضل الحالات إلا قدر ضئيل جداً.
وفي هذا التقرير نستعرض عدداً من الأعمال الأدبية لمشاهير الكُتاب التي ضاعت في غياهب التاريخ، ولم نعرف عنها إلا أقل القليل.
هوميروس ومارجيتس
1- قبل أن يشرع الشاعر الإغريقي الشهير هوميروس في كتابة تحفتيه الخالدتين: الأوديسا والإلياذة، كتب قصيدة بعنوان مارجيتس Margites، التي تم وصفها بأنها قصيدة كوميدية ملحمية، ورغم أنه لم تتوفر معلومات كافية عن تلك القصيدة وعما تدور حوله إلا أن بعض الجمل منها ظهرت في أعمال أخرى لأرسطو وأفلاطون، تصف بعض سمات شخصية البطل مار جيتس، فقد قال عنه أفلاطون في كتابه عن القائد والخطيب السياسي الإغريقي الكيبياديسAlcibiades أنه "أحمق يعرف الكثير من الأشياء ولكن بشكل خاطئ."
تاريخ كارينيو
2- عُرف عن الكاتب المسرحي البريطاني الأشهر ويليام شكسبير غزارة الإنتاج، ورغم ذلك فلم تصلنا كل إبداعاته، فمسرحية Cardenio التي تُنسب كتابتها إليه هو وجيمس فليتشر لم تصلنا مكتوبة، رغم أن عرضاً مسرحياً قامت به فرقة رجال الملك King's Men المسرحية تم في مايو من العام 1613، وقد ذُكرت بيانات بهذا العرض في أحد السجلات الرسمية التي كانت تؤرخ لهذه الفترة الزمنية.. وقد قيل أن مسرحية شكسبير المفقودة مُعتمدة على شخصية Cardenio التي ضمتها رواية الاسباني ثربانتس الشهيرة دون كيشوت التي نُشرت ترجمتها الإنكليزية في عام 1612، وهو ما كان يعني أنها كانت متوفرة لشكسبير قبل كتابة مسرحيته.
تركة منسية لميلفيل
3- لعل رواية موبي ديك هي أشهر ما كتبه الكاتب الأميركي الراحل هيرمان ميلفيل، إلا أنها لم تلق النجاح المتوقع لها وقت صدورها عام 1851، ورغم هذا فقد واصل ميلفيل عمله الأدبي، وكان من المفترض أن يكون كتابه الثامن بعنوان Isle of the Cross، المبني على حادثة حقيقية حزينة بطلتها امرأة اسمها أجاثا تعيش على جزيرة، تنقذ بحاراً وصل إليها على سفينة مُحطمة، فترعاه ثم يتزوجها وينجب منها طفلة، ثم يهجرهما.. ولكن بعد أن أنهى ميلفيل المسودة الأولى للعمل، وعرضها على ناشره، تم رفضها خوفاً من المساءلة القانونية من قِبل الشخصيات الحقيقية، ولم يتم العثور على هذه المسودة، إلا أن معلومات عن الكتاب نفسه كانت موجودة في بعض الخطابات العائلية التي تركها ميلفيل وراءه.
حرب هيمنغواي الضائعة
4- في عام 1922، سافرت هادلي هيمنغواي -الزوجة الأولى للكاتب الأميركي الشهير الراحل إرنست هيمنغواي- عبر القطار من باريس، في طريقها إلى سويسرا لمقابلة زوجها، حيث كانت تحمل حقيبة تضم عدداً من المسودات التي لم تُنشر بعد لزوجها، ولكن الحقيبة تمت سرقتهافي الطريق.. وقد تحدث هيمنغواي عن هذا الموضوع لاحقاً قائلاً: إنه يتمنى لو يخضع لعملية جراحية تُنسيه هذه الخسارة العظيمة.. وكانت من ضمن الأعمال التي سُرقت رواية يحكي فيها هيمنغواي تجربته في الحرب العالمية الأولى.
سيرة سيلفيا بلاث المفقودة
5- في حياتها القصيرة، كتبت الأديبة الأميركية الراحلة سيلفيا بلاث العديد من القصائد ورواية واحدة، وكانت قد شرعت في كتابة الثانية، إلا أنها انتحرت قبل الانتهاء منها.. الرواية كان من المفترض أن تحمل أحد عنوانين : Double Exposure أو Double Take، وقد أنهت ما يزيد على 70 صفحة منها بحسب ما ذكره زوجها السابق تيد هيوز، الذي قال أنه لمح مقتطفات منها، واتهم أم بلاث بالاستيلاء عليها في واحدة من زياراتها لمنزلهما.. وبحسب ادعاء الناقدة الأدبية جوديث كرول، فإنها قرأت الرواية، حيث قالت أنها كانت أقرب إلى السيرة الذاتية لحياة بلاث العاطفية السيئة مع طليقها.
ما قبل فردوس ميلتون
6- يبدو أن واحدة من أهم الأعمال الأدبية في التاريخ لم تكن لترى النور، لولا عدم إكمال وضياع العمل الذي سبقه، وهذا ما حدث بالضبط مع الأديب البريطاني الراحل جون ميلتون، فقد بدأ كتابة عمل مسرحي بعنوان Adam Unparadiz’d خلال فترة الأربعينيات من القرن السابع عشر، إلا أنه بسبب انتشار المتشددين وقتها وقيامهم بإغلاق العديد من المسارح، اضطر ميلتون لعدم إكمال المسرحية، والعمل على عمله الذي نال المجد بعدها وهو الفردوس المفقود Paradise Lost.. إلا أن بعض الملحوظات التي وُجدت لاحقاً حول Adam Unparadiz’d، ذكرت أنها قريبة الشبه من Paradise Lost.
أين النسخة الأصلية للدكتور جيكل ومستر هايد؟
7- من بين الأعمال العديدة التي كتبها الأديب الإسكتلندي الراحل روبرت لويس ستيفنسن، تعُد رواية Strange Case of Dr Jekyll and Mr Hyde هي أبرز وأنجح ما كتبه، ولكنْ قليلون من يعرفون أن النسخة المعروفة التي وصلت إلينا ليست هي النسخة الأصلية التي كتبها، فقد قيل أن ستيفنسن كتب المسودة الأولى من الرواية خلال 3 أيام، إلا أن زوجته انتقدتها، وقالت أنه من الأفضل لو حملت قيماً أخلاقية، وقد اختلفت الروايات حول مصير هذه المسودة، فواحدة منها ذكرت أن ستيفنسن شعر بالغضب من كلام زوجته، وأحرق المسودة، بينما تقول رواية أخرى أن الزوجة هي التي دمرتها، ولكن في كلتا الحالتين، فمن المؤكد أننا كنا لنرى نسخة مختلفة تماماً من حكاية دكتور جيكل ومستر هايد الشهيرة.