من شعر فريدريش نيتشه (1844 -1900)
ترجمة \\ د.بهجت عباس
أ ُنظر ! أيّ إنسانٍ !
نعم ! إنني أعرف ! من أين انحدرتُ !
نَهـمٌ كاللّهـيب
أتـوهَّـجُ وآكـلُ نفسـي .
وكلّ ما أقـبـض عليه يصـيرُ ضـياءً :
وكلّ ما أذَرُ يكون فَـحـماً :
فأنا لهـيبٌ حقّـاً !
الأغنيـة الثَّـمِلَـة
آه أيها الإنسان! اِنـتـبِـه !
ما الذي يقـول مُنتـصَـفُ الـلـيل العميق ؟
" أنا نِـمْـتُ ، أنا نِـمْـتُ -،
من حُـلم عميـق أفـقـتُ،-
الدّ ُنـيا عمـيقـة ،
وأعمـقُ ممّا ظـنَّ النّـهـار .
عميـقٌ ألَـمُـها -،
السّرورُ - ما يزال أعمقَ من معـاناة القـلـب :
يقـول الألـمُ : تـلاشَ !
ولكنْ كـلُّ سرورٍ يـريد خـلـوداً -،
عميـقاً ، خـلـوداً عمـيقاً !"
وحيد
تَـنعِـق الغِـربانُ
وتَعـطِـفُ بـدوران سـريع صَـوبَ المديـنة :
سيتسـاقط الـثَّـلـجُ حـالاً .-
سعـيدٌ ذلك الـذي ما يـزال- لـه وطـن !
الآنَ تـقـفُ مُـتَخـشَّـباً ،
تـنظـرُ إلى الوراء، آه ! كم من الـوقت مضى عليك !
ماذا هل أنت أحمـقُ
هـربتَ من الشتاء إلى الدُنـيا ؟
الدّنـيا - مَنـفـذٌ
إلى ألـفِ صحـراءَ خـرساءَ وبـاردةٍ !
مَـنْ خسِـرَ
مـا خَسِـرتَه ، لا يَحُـطّ ُالرِّحالَ
في أيِّ مكانٍ .
الآنَ تَـقِـفُ شـاحـباً ،
تطاردك لعنـةُ رِحْـلةِ الشِّتـاء ،
مـثـلَ الدُّخـانِ ،
الذي يبحث دومـاً عن سمـاواتٍ أكثـرَ بُـرُودَةً .
حَـلِّـقْ ، يـا طـيرُ ، ردَّدْ
أُغـنيتَـكَ بلحـنِ طَـيْـرِ الصَّحارى !-
أَخْـفِ ، يـا مجـنونُ ،
قـلـبَـكَ الدّامـيَ في ثلـجٍ وازدراء !
الغِـربانُ تَـنـعِـقُ
وتَعـطِـفُ بدوران سـريـعٍ صّـوْبَ المديـنة :
وسيتَسـاقـط الثّـلـجُ حـالاً ،-
الويـ لمن لا وطـنَ لـه.