بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
الرجل كل الرجل نعم الرجل هو الذي جعل هواه تبعا لأمر الله، وقواه مبذولة في رضى الله، يرى الذل مع الحق أقرب إلى عز الأبد من العز في الباطل، ويعلم أن قليل ما يحتمله من ضرائها يؤديه إلى دوام النعيم في دار لا تبيد ولا تنفد، وإن كثير ما يلحقه من سرائها إن اتبع هواه يؤديه إلى عذاب لا انقطاع له ولا يزول، فذلكم الرجل نعم الرجل، فبه فتمسكوا، وبسنته فاقتدوا، وإلى ربكم به فتوسلوا، فإنه لا ترد له دعوة، ولا تخيب له طلبة.
.
(1) 11 – ج: بالإسناد إلى أبي محمد العسكري، عن الرضا عليهما السلام أنه قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: إذا رأيتم الرجل. إلى آخر الخبر. بيان: قوله عليه السلام: فإذا لم ينزل عالم إلى عالم من باب الإفعال أو التفعيل أي إذا لم يعلم العالم علمه، إما للتقية أو لعدم قابلية المتعلمين، فمات ذلك العالم صرف طلاب حطام الدنيا الناس عن العلم لقلة أعوان العلم، ويمنعون الحق أهله لذهاب أنصار الحق. قوله عليه السلام: المنتحلين مودتنا فيه تعريض بهم إذ الانتحال إدعاء أمر من غير الاتصاف به حقيقة، ويحتمل أن يكون المراد الذين اتخذوا مودتنا نحلتهم ودينهم. قوله عليه السلام: تفلتت منهم الأحاديث أي فات وذهب منهم حفظ الأحاديث وأعجزهم ضبط السنة فلم يقدروا عليه.
قوله عليه السلام: فاتخذوا عباد الله خولا قال الجزري: في حديث أبي هريرة: إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين كان عباد الله خولا أي خدما وعبيدا، يعني أنهم يستخدمونهم ويستعبدونهم. قوله عليه السلام: وماله دولا أي يتداولونه بينهم. وقوله: أشباه الكلاب نعت للخلق. قوله عليه السلام: وتمثلوا أي تشبهوا بهم وادعوا منزلتهم. قوله عليه السلام: فأنفوا أي تكبروا واستنكفوا. قوله عليه السلام: سمته وهديه قال الفيروزآبادي: السمت: الطريق وهيئة أهل الخير. وقال: الهدى الطريقة والسيرة. قوله عليه السلام: وتماوت قال الفيروز آبادي: المتماوت: الناسك المرائي. وقال الجزري: يقال: تماوت الرجل إذا أظهر من نفسه التخافت والتضاعف من العبادة والزهد والصوم. قوله عليه السلام: وتخاضع أي أظهر الخضوع في جميع حركاته. قوله: فرويدا أي أمهل وتأن ولا تبادر إلى متابعته
(1) وفى نسخة: ولا تحجب له طلبة.
والانخداع عن أطواره. قوله: ومهانته أي مذلته وحقارته. قوله: يختل الناس أي يخدعهم، قوله: اقتحمه أي دخله مبادرا من غير روية. قوله عليه السلام: من ينبوا عن المال الحرام أي يرتفع عنه ولا يتوجه إليه، قال الجزرى: يقال: نبا عنه بصره ينبو أي تجافى ولم ينظر إليه. قوله عليه السلام: على شوهاء أي يحمل نفسه على امرأة قبيحة مشوهة الخلقة فيزني بها ولا يتركها فضلا عن الحسناء. قوله عليه السلام:
ما عقده عقله يحتمل أن يكون كلمة ما موصولة، وعقد فعلا ماضيا أي حتى تنظروا إلى الأمور التي عقدها عقله و نظمها، فإن على العقل إنما يستدل بآثاره، ويحتمل أن تكون ما استفهامية والعقدة إسما بمعنى ما عقد عليه، فيرجع إلى المعنى الأول، ويحتمل على الأخير أن يكون المراد ثبات عقله واستقراره وعدم تزلزله فيما يحكم به عقله. قوله عليه السلام: أمع هواه يكون على عقله ؟ حاصله أنه ينبغي أن ينظر هل عقله مغلوب لهواه أم هواه مقهور لعقله. قوله: أخذته العزة بالإثم أي حملته الأنفة وحمية الجاهلية على الإثم الذي يؤمر باتقائه لجاجا، من قولك: أخذته بكذا إذا حملته عليه وألزمته إياه،فحسبه جهنم، أي كفته جزاءا وعقابا، ولبئس المهاد جواب قسم مقدر، والمخصوص بالذم محذوف للعلم به. والمهاد: الفراش، وقيل: ما يوطا للجنب، قوله عليه السلام: فهو يخبط خبط عشواء قال الجوهري: العشواء: الناقة التي لا تبصر أمامها فهي تخبط بيديها كل شئ وركب فلان العشواء إذا خبط أمره على غير بصيرة، وفلان خابط خبط عشواء. قوله عليه السلام ويمده ربه أي يقويه، من مد الجيش وأمده إذا زاده وقواه أي بعد أن طلب ما لا يقدر عليه من دعوى الإمامة، ورئاسة الخلق، وإفتاء الناس، فعجز عنها لنقصه وجهله استحق منع لطفه تعالى عنه، فصار ذلك سببا لتماديه في طغيانه وضلاله. قوله: لا تبيد أي لا تهلك ولا تفني.