بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقدّمـة:
يحار المرء في الوصول إلى حقيقة شخصية صلاح الدين، وسبر أغوار نفسيّته المقلقة، خاصّة وهو بطل معركة حطّين، التي انتهت في الرابع من تموز عام 1187م بتحرير القدس من أيدي الصليبيين، وتحقيق نصر مؤزّر عليهم.
ولكنّ المنصف إذا أبحر بعمق، في سفينة المؤرّخ والمفكّر الكبير السيّد حسن الأمين عبر كتابه (صلاح الدين الأيّوبي بين العبّاسيين والفاطميين والصليبيين)، يمكن أن يصل إلى شاطئ فيه كثير من الصور واللوحات، التي تعبّر إن لم يكن عن كلّ الحقيقة فعن أكثرها جلاء في حياة هذا الرجل.
يقول السيّد الأمين: إنّ صلاح الدين الأيّوبي ((لم يكد يطمئن إلى النصر الرائع في تلك المعركة، حتّى أسرع إلى القيام بعمل لا يكاد الإنسان يصدّقه، لولا أنّه يقرأ بعينيه تفاصيله الواضحة، في ما سجّله مؤرّخو تلك الحقبة، المؤرّخون الذين خدّرت عقولهم روائع استرداد القدس، فذهلوا عمّا بعده، لم تتخدّر أقلامهم فسجّلوا الحقائق كما هـي، وظلّ تخدير العقول متواصلاً من جيل إلى جيل، تتعامى حتّى عمّا هـو كالشمس الطالعة، حصل بعد حطين أنّ صلاح الدين الأيّوبي آثر الراحة بعد العناء، والتسليم بعد التمرّد، فأسرع يطلب إلى الإفرنج إنهاء حالة الحرب وإحلال السلام))(1).
ولكي يتوصّل صلاح الدين إلى إحلال السلام وإنهاء حالة الحرب مع الصليبيين، رضخ بصورة مذهلة وغريبة إلى كلّ الشروط التي اشترطوها عليه أثناء المفاوضات، ومنها: التنازل للصليبيين عن الكثير من المدن التي كان صلاح الدين قد استردها منهم بالحرب.. حيفا - يافا - قيسارية - نصف اللد، ونصف الرملة - عكا - صور - وسوى ذلك، حتّى صارت لهم فلسطين إلاّ القليل(2).
إضافة إلى ما وراء ذلك من اعتراف بوجودهم وإقرار لاحتلالهم، ورفع العنت والمعاناة عن رقابهم الموضوعة تحت سيوف المجاهدين، وإعطائهم الفرصة الذهبية للراحة، والاستعداد التام للانقضاض على القدس من جديد، الأمر الذي حصل فعلاً بعد موت صلاح الدين.
ويقول الدكتور حسين مؤنس: ((ثمّ دخلوا في مفاوضات مع صلاح الدين انتهت بعقد صلح (الرملة)، الذي نصّ على أن يترك صلاح الدين للصليبيين شريطاً من الساحل، يمتد من صور إلى يافا، وبهذا العمل عادت مملكة بيت المقدس - التي انتقلت إلى طرابلس - إلى القوّة بعد أن كانت قد انتهت، وتمكّن ملوكها من استعادة الساحل حتّى بيروت... وبذلك تكون معظم المكاسب التي حقّقها صلاح الدين - فيما عدا استعادته لبيت المقدس - قد ضاعت))(3).
متى يكون الجنوح للسلم؟
إنّه لأمر غريب حقّاً وعجيب جدّاً، بل ومريب، أن يجنح إلى السلم قائد مظفّر لجيش منتصر، ثمّ إنّ هذا الذي جنح إليه صلاح الدين، هل هو سلم أم استسلام؟!
قال الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿ وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلمِ فَاجنَح لَهَا وَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ ﴾ (الانفال:61)
يلاحظ أنّ الله سبحانه وتعالى قد اشترط في هذه الآية الكريمة أن يجنح المعتدون أنفسهم إلى السلم، فيجنح إليه عندئذ المسلمون، وهذا يعني أنّ الهزيمة الأكيدة قد حاقت بالأعداء، ولاحت لهم بوادرها، فجبنوا عن متابعة الحرب، وجنحوا إلى طلب الصلح حفظاً على أرواحهم وأنفسهم، ولم يعودوا مؤهّلين إلى تقديم شروط، وباتوا مستعدّين للاستجابة للشروط التي يفرضها عليهم المسلمون.. وغني عن البيان أنّ المسلمين بما هم مكلّفون بتبليغ الإسلام إلى البشرية جمعاء، وبما هم مأمورون به من العدل والإنصاف، وتأليف قلوب الكفّار ليسلموا لله ويؤمنوا بالحقّ الذي جاء من عنده، لن يشتطّوا في شروطهم، ولن يجعلوها شروطاً تعجيزية مجحفة، بل سيقتصرون من الشروط على سبيل المثال لا الحصر على:
- فتح الطريق أمام حرّية الدعاة في التبليغ ونشر نور الرسالة الربانية.
- استرداد الأسرى من المؤمنين - إن كان هناك أسرى - أو تبادلهم مع الأسرى من الكفّار المقاتلين.
- الجلاء التام الكامل عن كلّ شبر من الأرض الإسلامية، التي دخلها الكفّار أو احتلوها أثناء الحرب.
- وربّما دفع جزية للمسلمين، حتّى لا يفكّر الكفّار مستقبلاً في نقض هذه الشروط.
ولكنّ شيئاً من هذا لم يحصل بين صلاح الدين الأيّوبي والصليبيين المعتدين، فما الذي حصل إذاً؟
1- إنّ صلاح الدين هو الذي طلب الصلح والهدنة، وبادر إليها، رغم أنّه المنتصر في معركة حطّين التي انتهت بتحرير القدس.
2- الصليبيون استغلّوا استغلالاً كبيراً هذه المبادرة السلمية من صلاح الدين، وفرضوا عليه شروطهم كاملة.
3- لم يحقّق صلاح الدين أيّاً من مقتضيات الجنوح الإسلامي إلى السلم، فالصليبيون لا يزالون محتلّين لمنطقة كبيرة جدّاً من البلاد الإسلامية.
4- وزاد من سوء هذا الجنوح إلى السلم تنازل صلاح الدين للصليبيين عن مناطق أُخرى ومدن مهمة كانت في يد صلاح الدين.
كلّ هذا في الوقت الذي لم يكن فيه صلاح الدين في حالة ضعف أو تقهقر، بل كان في حالة عظيمة من الانتصار والتقدّم والقوّة، بل وكان الخليفة الناصر العبّاسي يلحّ عليه في أن يمدّه بجيش الخلافة، وكان ذلك إيذاناً بنصر كاسح على الصليبيين المعتدين، سيؤدّي إلى طردهم خارج البلاد الإسلامية، والتنكيل بهم تنكيلاً يجعل الرعب يدب في قلوب من خلفهم من الكفّار، بحيث لا يراودهم أي أمل ولو في مجرد التفكير مستقبلاً بالاعتداء على ديار المسلمين، طبقاً لقوله عزّ من قائل: ﴿ فَإِمَّا تَثقَفَنَّهُم فِي الحَربِ فَشَرِّد بِهِم مَن خَلفَهُم لَعَلَّهُم يَذَّكَّرُونَ ﴾ (الانفال:57).
لماذا جنح صلاح الدين إلى السلام مع الصليبيين؟
هنا لا بدّ أن يثور في الفكر سؤال كبير، وبحث عن السبب الذي دفع صلاح الدين إلى إيقاف الحرب مع الصليبيين، والجنوح الشديد نحو مسالمتهم وعقد معاهدة الصلح معهم بهذا الشكل المريب، وهو السؤال الذي لم يبخل التاريخ بالإجابة عنه بصراحة ووضوح، ومن قبل أقرب المقربين من المؤرّخين إلى صلاح الدين.
لو كان صلاح الدين مجاهداً في سبيل الله والإسلام، لالتزم بالتعاليم الإسلامية بشكل عامّ، وبالأحكام المتعلّقة بالسلم والحرب بشكل خاص، وواقع الحال يؤكّد غير ذلك(4).
ولو كان صلاح الدين بطلاً قومياً، كما يدّعون له، لاختار أن يستمر في الحرب حتّى يطّهر الأرض العربية من رجس الغزاة المعتدين، ويكنس منها كلّ أثر للصليبيين، قبل أن يفكّر بالخلود إلى الراحة والدعة، وموادعة أعداء الأُمّة، الرابضين في أهم مدنها وبقاعها، الجاثمين فوق صدور أبنائها.
فماذا كان صلاح الدين الأيّوبي إذاً؟
إنّه لا مفرّ أمامنا من الاعتراف: أنّ صلاح الدين الأيّوبي ما هو إلاّ طالب لسلطة وملك حازهما بكلّ خسّة ونذالة، وطامح لمجد شخصي ناله بالغدر والخيانة، ولم تكن الدواعي الإسلامية والدوافع القومية لتخطر على باله، أو لتحتل حيّزاً ولو صغيراً في قلبه.
ومن هنا فقط، نستطيع أن نفهم مبادرته لإيقاف الحرب، وسعيه الحثيث لعقد الصلح مع الصليبيين، ومحاولاته المتكرّرة لثني الخليفة العبّاسي الناصر عن إرسال أي جيش إلى فلسطين لمعاضدة صلاح الدين في قتال الصليبيين وطردهم من الديار الإسلامية(5).
كان نور الدين زنكي، ولي نعمة صلاح الدين، قد طلب إليه أن يزحف من مصر، في حين يزحف نور الدين من الشام، ويحصرا الصليبيين بين الجيشين ممّا يسهّل القضاء عليهم، فأبى ذلك صلاح الدين؛ لأنّه اعتقد أنّه إذا زال الصليبيون أصبح تابعاً لنور الدين، ولمّا أدرك أنّ نور الدين عازم على القدوم بنفسه إلى مصر ليؤدّبه، احتمى منه بالصليبيين، كما نصّ على ذلك: ابن الأثير وأبو شامة وابن العديم، وغيرهم(6).
يقول أبو شامة نقلاً عن ابن الأثير: ((وكان نور الدين قد شرع بتجهيز السير إلى مصر لأخذها من صلاح الدين؛ لأنّه رأى منه فتوراً في غزو الفرنج من ناحيته، فأرسل إلى الموصل وديار الجزيرة وديار بكر، يطلب العساكر ليتركها بالشام لمنعه من الصليبيين، ليسير هو بعساكره إلى مصر، وكان المانع لصلاح الدين من الغزو: الخوف من نور الدين؛ فإنّه كان يعتقد أنّ نور الدين متى زال عن طريقه الفرنج، أخذ البلاد منه، فكان يحتمي بهم عليه ولا يؤثر استئصالهم))(7).
وياليت الله مدّ في عمر نور الدين ريثما يزيل هذا الجاحد للنعمة، المتخاذل عن النصرة، فيتغير بذلك وجه التاريخ، ولا يبقى للصليبيين أثر في البلاد الإسلامية، ولكنّ نور الدين أتاه أمر الله الذي لا يرد، ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، ولتكون أمام صلاح الدين الفرصة ليعيد هذا الموقف نفسه مرّة ثانية مع الخليفة الناصر العبّاسي، (ولتنكب الأمّة نكبة أُخرى بتمزيق صفوفها، وتوريث بلادها كما تورث القرى والمزارع لورثة صلاح الدين، فتعاد القدس التي سفكت دماء المسلمين في سبيل استردادها، تعاد بسبب ترتيبات صلاح الدين إلى الصليبيين)(8).
(هنا أيضاً وقف صلاح الدين الموقف نفسه من الخليفة الناصر، فرفض قدوم جيش الخلافة لقتال الصليبيين والقضاء عليهم؛ لأنّه اعتقد أنّه سيصبح والياً من ولاة الخليفة تابعاً له)(9).
وأمام الرسالة الأخيرة التي أرسلها الخليفة الناصر، والتي لم يفصح العماد الأصفهاني عن شيء من مضمونها، والتي استشعر صلاح الدين الشدّة فيها، والإصرار على إرسال جيش قوي لطرد الصليبيين، قرّر صلاح الدين في نفسه التمرّد على الخليفة، إلى حدّ قتال جيشه لو جاء إلى فلسطين.
ولذلك فقد راح يهيئ وسائل المقاومة ويرتب المحالفات، وخاصّة بعدما جاءت الأخبار بقدوم حملة صليبية ألمانية كبيرة، اجتازت القسطنطينية وشقّت طريقها في الأناضول، ودخلت مدينة قونيه وتحالفت مع الملك السلجوقي قلج أرسلان.
فمن جهة حاول صلاح الدين أن يلين للخليفة الناصر، ويطمئنه على قدرته على القيام وحده بواجب صدّ هذه الحملة وردّها على أعقابها، فأوفد رسولاً إليه، وزوّده برسالة يقول فيها: (والخادم منفرد في عبء هذا الفادح الباهظ بالنهوض، وهو واثق بأنّ بركات الدار العزيزة تدركه ولا تتركه، وأنّ الذي يستبعد مـن النصر القريب يتّسق ويتّسع بـه سلكه ومسلكه إن شـاء الله)(10).
ومن جهة ثانية، كان يوقّع معاهدة الصلح والسلام مع الصليبيين، وينزل عند شروطهم، ويتنازل لهم عمّا كان في يده وتحت سلطانه من مدن فلسطين وغير فلسطين، ويتحالف معهم لقتال جيش الخليفة إن هو جاء إلى فلسطين.
فما أن تمّ له إنجاز هذا التحالف واستكمال متطلباته، حتّى كتب إلى الخليفة معلناً رفض أمراء جيشه مواصلة القتال، وبالتالي تململهم من قدوم جيش الخليفة؛ لأنّ العسكر قد أنهكتهم الحرب حتّى سئموا وملّوا وضجروا وكلّوا(11).
على أنّ صلاح الدين الذي أبرم هذا الصلح مع الصليبيين أعداء الأمّة الإسلامية، ورسم هذه الصورة الهزيلة لجيشه، زاعماً في رسالته للخليفة أنّ جيشه قد ملّ القتال وسئم الحرب، وغدا عاجزاً ضعيفاً عن مواصلة الكرّ والفرّ، كان يعدّ لحرب جديدة، ولكن لا لإنقاذ الوطن الإسلامي مـن خطر الصليبيين هذه المرّة، وإنّما لتوسيع رقعة مملكته الخاصّة على حساب ممالك إسلامية أُخرى؛ (لأنّ إنقاذ الوطن الإسلامي من الصليبيين يحدّ من نفوذه ويقلّل من هيمنته، أمّا القتال في مناطق أُخرى، فإنّه يزيد من نفوذه ويكثر من هيمنته، فإذا ضمن ذلك فليبق الصليبيون في بلاد الشام، ولو أنّ المناطق التي عزم على القتال فيها، هي مناطق أجنبية يريد إدخالها ضمن المناطق الإسلامية لهان الأمر، ولكنّ صلاح الدين الذي عزم على مسالمة الصليبيين وإنهاء الحرب معهم والتسليم بوجودهم، صلاح الدين هذا كان يخطّط لغزو البلاد الإسلامية، وسفك دماء المسلمين، تحقيقاً لمطامعه الشخصية، عزم على ترك الصليبيين في أمان، واتّجه لترويع المسلمين الآمنين)(12).
ويذكر ابن الأثير في (تاريخه)، وابن كثير في (البداية والنهاية)، أنّ صلاح الدين كان عازماً على أن يغزو بنفسه بلاد الأناضول، التي كانت وقتذاك بلاداً إسلامية، يحكمها أولاد قلج أرسلان السلجوقي، وأن يوجّه أخاه (العادل) لغزو بلاد (خلاّط) والدخول منها إلى أذربيجان، ومن ثمّ بلاد العجم، لكنّ المنيّة عاجلت صلاح الدين، وحالت بينه وبين الإقدام على جريمة أُخرى من جرائمه الكثيرة في حقّ الإسلام والمسلمين، كما حالت من قبل بين نور الدين زنكي وبين السير إلى مصر؛ لإنزال عقوبة الموت بصلاح الدين الذي نكل بوعده ونكص عن التوجه لقتال الصليبيين، حسب الخطة التي رسمها لـه نور الدين زنكي، وليُّ نعمته وصاحب الفضل الذي لا ينكر عليه.
ما الذي فعله صلاح الدين؟
وقبل أن نصل إلى ختام هذا البحث، نسأل أنفسنا والتاريخ هذا السؤال المهم عمّا فعله حقّاً صلاح الدين، ونستنطق التاريخ فنجده يقول بكلّ صراحة:
1- قضى صلاح الدين على الدولة الفاطمية في مصر، وأباد المكتبات العظيمة التي أنشاؤها، وشتّت الكتب التي سهروا طويلاً على جمعها وترتيبها، ووضعوها بين أيدي العلماء، لينهلوا من معينها الفياض، ونكّل بأتباعهم وأشياعهم بكلّ قسوة ووحشية.
هذه الدولة العظيمة، التي كانت طوال فترة حكمها، السدّ المنيع أمام أطماع الروم البيزنطيين، والحارس القوّي اليقظ على ثغور دولة الإسلام، سواء في الشام بالمشرق، أو في إفريقيا بالمغرب، متابعة في ذلك الدور العظيم، الذي كانت تقوم به قبلها الدولة الحمدانية في حلب، بقيادة سيف الدولة الحمداني، والتي قضى عليها هي الأُخرى أسياد صلاح الدين وآباؤه.
لقد كانت الدولة الفاطمية في صراع دائم وثابت مع الروم البيزنطيين، ورغم كلّ الحشود الضخمة، والجهود الحثيثة، والإصرار من قبل البيزنطيين للوصول إلى القدس، فإنّ الفاطميين استطاعوا بصمودهم وشجاعتهم صدّ هؤلاء عن القدس، بل عن كلّ البلاد الإسلامية في المشرق والمغرب على السواء، وظلت الضربات الفاطمية تلاحقهم حتّى ردتهم إلى أنطاكية، ولمّا حاق الفشل الذريع بالإمبراطور البيزنطي، عاد آيباً إلى القسطنطينية، حيث مات فيها مقهوراً في أوائل سنة 971م(13).
2- اكتفى صلاح الدين بالنصر الذي حقّقه في معركة حطين، والتي انتهت بانتزاع القدس من أيدي الصليبيين، وبدلاً من متابعة الحرب، واضعاً يده في يد الخليفة الناصر العبّاسي حتّى طرد الصليبيين من كافة الأرجاء والمدن الإسلامية، آثر مصلحته الشخصية في بسط نفوذه على بلاد الشام، وتمكين ملكه فيها، بعيداً عن نفوذ الخليفة، أو تدخّله في شؤون تصريفه لأُمور مملكته هذه.
ولتحقيق هذه الغاية بادر إلى مسالمة الصليبيين وموادعتهم، بل إلى التحالف معهم لقتال جيش الخلافة لو جاء إلى فلسطين، هذه المسالمة التي تنازل صلاح الدين مـن أجل الوصول إليها، عن معظم مدن فلسطين ولبنان للصليبيين، واعترف لهم بشرعية وجودهم فيها خلافاً لتعاليم الإسلام ورغبة المسلمين، بما فيهم الخليفة الناصر العبّاسي.
3- في عام 1190م أصدر صلاح الدين مرسوماً دعا فيه اليهود إلى الاستيطان في القدس، وكان الصليبيون أثناء فترة احتلالهم للمدينة قد حظروا على اليهود الإقامة فيها، وحين زار الحاخام اليهودي (يهوذا بن سليمان الحريزي) القدس عام 1216م، وجد فيها جماعة يهودية معتبرة، مكوّنة من مهاجرين من فرنسا والمغرب وسكان عسقلان السابقين(14).
وترد الموسوعة اليهودية إصدار ذلك المرسوم إلى نفوذ اليهودي موسى بن ميمون طبيب صلاح الدين، فتقول بشكل صريح وواضح كلّ الوضوح: ((استخدم ابن ميمون نفوذه في بلاط صلاح الدين لحماية يهود مصر، ولمّا فتح صلاح الدين فلسطين أقنعه ابن ميمون بأن يسمح لليهود بالإقامة فيها من جديد وابتناء كُنُسٍ ومدارس))(15).
ويشير الدكتور جورج طرابيشي إلى هذا النفوذ بقوله: ((بعد أن فتح صلاح الدين القدس، استحصل ابن ميمون لأبناء ملّته على إذن في التوطّن فيها وفي فلسطين بصفة عامّة))(16).
وبهذا المرسوم انفتح الطريق منذ ذلك اليوم لقيام دولة إسرائيل، وما وصلت إليه في عصرنا الحاضر من طغيان وفساد في الأرض.
4- قبل أن يموت صلاح الدين، قام بتقسيم البلاد التي كان يحكمها بين ورثته على الشكل الذي يحدّده ابن كثير، كما يلي:
- مصر: لولده (العزيز عماد الدين أبي الفتح).
- (دمشق وما حولها) لولده (الأفضل نور الدين علي).
- (حلب وما إليها) لولده (الظاهر غازي غياث الدين).
- (الكرك والشوبك وبلاد جعبر وبلدان كثيرة على قاطع الفرات) لأخيه (العادل).
- (حماه ومعاملة أُخرى معها) لابن أخيه (الملك المنصور محمّد بن تقي الدين عمر).
- (حمص والرحبة وغيرها) لابن عمّه (أسد الدين بن شيركوه).
- (اليمن) جميعه بمعاقله ومخاليفه لأخيه (ظهير الدين سيف الإسلام طفتكين بن أيوب).
- (بعلبك وأعمالها) لابن أخيه (الأمجد بهرام شاه بن فروخ شاه).
- (بصرى وأعمالها) لـ (الظافر بن الناصر).
ويضيف ابن كثير بعد هذا النص قائلاً: ((ثمّ شرعت الأُمور بعد صلاح الدين تضطرب وتختلف في جميع الممالك))(17).
ويقول الدكتور حسين مؤنس واصفاً تلك القسمة: (قسّم صلاح الدين الإمبراطورية ممالك بين أولاده وإخوته وأبناء أخويه، كأنّها ضيعة يملكها، لا وطناً عربياً إسلامياً ضخماً يملكه مواطنوه!)(18).
ثمّ يقول عمّا آل إليه الحال بين ورثة صلاح الدين: ((عملوا أثناء تنافسهم بعضهم مع بعض، على منح (بقايا الصليبيين) في أنطاكية وطرابلس وعكا امتيازات جديدة، فتنازل لهم السلطان (العادل) عن الناصرة..
وكانت بقيّة من أهل مملكة بيت المقدس الزائلة قد أقامت في عكا، واستمسكت بلقب (ملوك بيت المقدس)، فاعترف لهم به هذا (العادل) في ثلاث معاهدات.. وحاول الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين صاحب حلب، أن يتحالف مع الصليبيين على عمّه (العادل)..
وعندما أقبل الإمبراطور فريدريك الثاني يقود الحملة الصليبية السادسة ونزل عكا سنة 1227م، أسرع الملك (الكامل) سلطان مصر وتنازل له عن بيت المقدس وجزء من أرض فلسطين يمتد من الساحل إلى البلد المقدّس، ووقّع معاهدة بذلك في 18 شباط 1229م..
وفي سنة 1244م تقدّم أيّوبي آخر، هو الصالح إسماعيل صاحب دمشق، فجعل للصليبيين الملكية الكاملة لبيت المقدس، وسلّم لهم قبّة الصخرة))(19).
ويعقّب السيّد الأمين على ذلك فيقول: ((لم يكد صلاح الدين يموت، حتّى استقل كلّ واحد من ورثته بما ورثه عن صلاح الدين، وتمزّقت البلاد وفقدت وحدتها، وتشتّت الشعب قطعاً قطعاً لا تربطها رابطة، ولم يقنع كلّ وارث بما ورثه، بل راح كلّ واحد منهم يطمع في ما في يد غيره، ويستعين على غريمه بالصليبيين؛ ففي سنة 638هـ سلم الصالح إسماعيل صاحب دمشق للصليبيين صيدا، وهونين، وتبنين، والشقيف، ليساعدوه على ابن أخيه الصالح أيوب صاحب مصر.. وفي سنة 625هـ شباط 1229م سلّم الكامل والأشرف ولدا العادل - أخي صلاح الدين - القدس وما حولها، للملك الصليبي فريدريك الثاني، وسلّماه معها الناصرة، وبيت لحم، وطريقاً يصل القدس وعكا، ليساعدهما على أقربائهما.. ويصف ابن الأثير وقع هذه الرزية على العالم الإسلامي بقوله: واستعظم المسلمون ذلك وأكبروه، ووجدوا له من الوهن والتألّم ما لا يمكن وصفه))(20).
فماذا بقي لصلاح الدين هذا ممّا يمكن أن يتفاخر به مؤيدوه بتحرير القدس، وقد أدت تصرفاته الرعناء ومطامعه الشخصية، إلى أن يعود الصليبيون إلى القدس؟!
إنّ هذه الحقائق عن مخازي صلاح الدين الأيّوبي، لم ينفرد بها السيّد الأمين ولم يخترعها من عند نفسه، وإنّما انتزعها من بطون كتب التاريخ، وخاصّة من المؤرّخين الذين عاصروا صلاح الدين، والفترة التي تلت عصره، وكانوا من المقرّبين إليه والأثيرين عنده، وقام مشكوراً بجهد كبير ليكشف لنا هذه الحقائق الناصعة، مأخوذة من مؤرّخين لا يرقى الشكّ إلى ولائهم لصلاح الدين، وبالتالي إلى صدق ما كتبوه عنه وعن ورثته، من مثل: العماد الأصفهاني، والقاضي بهاء الدين بن شداد، وابن الأثير، وابن كثير، والنعمان بن محمّد، والمقريزي، وابن القلانسي، ومن إليهم، ونقله عنهم بعد ذلك جمع كثير من المؤرّخين المعاصرين، منهم: الدكتور حسن إبراهيم حسن، والدكتور طه أحمد شرف، والدكتور حسين مؤنس، وسواهم.
ختام البحث:
هذا هو صلاح الدين الأيّوبي، وهذه هي شخصيته الحقيقية كما أفصح عنها التاريخ، لم يكن مجاهداً إسلامياً، ولا بطلاً قومياً عربياً، وإنّما كان مجرّد طالبٍ لسلطة، وطامع بملك، وقد نالهما عبر مراحل طويلة من خداعه للمسلمين والعرب، فباسم الجهاد سالم الصليبيين، بل وتحالف معهم، وباسم الجهاد قاتل شعوباً إسلامية، وقضى على دول إسلامية في مصر واليمن وسواهما، وكان قاسياً جدّاً لدرجة الوحشية مع المسلمين الذين يحكمهم، ومتسامحاً لدرجة مريبة جدّاً مع اليهود والصليبيين.
ولا بأس أن ننقل في هذا الختام حديث الدكتور حسين مؤنس عن سيرة صلاح الدين مع الشعب، والمعاملة السيئة والقاسية التي كان هو وعمّاله يعاملون بها الناس: ((كانت مشاريعه ومطالبه متعدّدة لا تنتهي، فكانت حاجته للمال لا تنتهي، وكان عمّاله من أقسى خلق الله على الناس؛ ما مرّ ببلده تاجرٌ إلاّ قصم الجُباةُ ظهره، وما بدت لأي إنسان علامة من علامات اليسار إلاّ أُنذر بعذاب من رجال السلطان. وكان الفلاّحون والضعفاء معه في جهد؛ ما أينعت في حقولهم ثمرة إلاّ تلقّفها الجُباةُ، ولا بدت سنبلة قمح إلاّ استقرّت في خزائن السلطان، حتّى أملق الناس في أيامـه، وخلّفهم على أبواب محن ومجاعات حصدت الناس حصداً))(21).
هذا هو صلاح الدين الأيّوبي على حقيقته الكاملة، ولكنّ الناس خدّرتهم أنباء الفتوحات المزيفة والبطولات الموهومة، فلم يعودوا يميّزون بين الغث والثمين، ولا بين الصدف والجوهر، وكلّ هذا بفضل التعتيم المستمر على حوادث التاريخ، والتزوير المخطّط من قبل حواشي السلاطين.
أضف إلى ذلك: أنّ الناس عندما يهبطون إلى درك من الضعف والعجز، يحاولون أن يفتّشوا عن بطولات لهم في التاريخ، وعندما لا يجد هؤلاء لهم أبطالاً حقيقيين، لا يضيرهم أن يستظلّوا تحت سقف أبطال مزيّفين، ولا يكتفون بذلك بل يجعلون منهم أبطالاً أُسطوريّين، يقاتلون طواحين الهواء باسمهم وتحت راياتهم.
إنّ تقييمنا للأشخاص يكون وفقاً للعقيدة التي يحملها والعمل الذي يترتّب على تلك العقيدة؛ فلمّا كان صلاح الدين الأيّوبي ذو عقيدة فاسدة ونجم عنها أفعالاً مخالفة للشريعة، من قتل وظلم للطائفة المحقّة، فما يستحقّه من الوصف هو: كونه ظالماً من الظالمين، حتّى لو فتحت على يديه جميع بقاع الأرض, فالتقييم للأشخاص لا يأتي من خلال الفعل الخارجي لهم، خاصّة لو كان ذلك بنيّة سيئة، مع ظلم واضطهاد وطغيان، بل يكون من خلال مقدار ما يكون ذلك الشخص مرضياً عند الله سبحانه، وبمقدار رضى الله عن أفعاله، ولم يكن صلاح الدين أحسن حالاً في فتوحاته من بعض الخلفاء السابقين عليه، ومع ذلك فإنّ تلك الفتوحات لم تغيّر حال أولئك من كونهم ظالمين غاصبين غير مرضيين عنده سبحانه وتعالى.
ونحن لا نريد الدخول في التفاصيل؛ فإنّ أيّاً منها لو كان صحيحاً فإنّه لا يغيّر حال الرجل من كونه ذا عقيدة فاسدة، وذا أفعال غير مرضية عنده سبحانه وتعالى.
وهناك بعض الملاحظات على ما قاله هذا الشخص:
1- إنّ قتال الصليبيين يدخل في مبدأ الدفاع عن بيضة الإسلام، لا في الجهاد الابتدائي الذي يحتاج إلى إذن المعصوم.
2- وأمّا أنّ عمر بن الخطّاب فاتح القدس، فإنّه لم يفتحها، بل صالح أهلها وأقرّهم على ما هم عليه، وما يعبدون، وما يملكون، مع أنّه كان بالإمكان فتحها بدون هذا التنازل(٢٢).
3- أمّا أنّ صلاح الدين عاد إلى مصر، لأنّ بقايا الفاطميين ثاروا عليه، فهذه ذريعة ساقها صلاح الدين للتخلّص من مساعدة نور الدين، وهو معروف بنقض العهد، والغدر مع المسلمين، خاصّة الفاطميّين بعد أن دخل مصر، فبحجّة المساعدة غدر بهم وقضى عليهم، مع أنّ المنقول عنه أنّه كان بغاية المسامحة مع ملوك الصليبيين، خاصّة ريشارد قلب الأسد.
4- وأمّا اضطراب بلاد الشام، فهي ذريعة أيضاً؛ لأنّ بلاد الشام من البداية كانت على شكل إمارات، ولكن شعور صلاح الدين بقوّته وطمعه بالملك أدّى به إلى الاستيلاء على الشام وترك الصليبيين، بل والصلح معهم.
5- وأمّا أنّه انتصر في حطّين فهو صحيح، ولكنّه ماذا فعل بعد ذلك؟ فإنّه قد صالح الصليبيين وأعطاهم من المكاسب التي فقدوها واستردّها المسلمون بدمائهم بقدر ما كان سابقاً، بل أعطاهم الشرعية لهم في البقاء في البقاع التي احتلّوها.
6- وأمّا أنّ صلاح الدين كان يرفض مجيء جيوش الناصر فهو شيء معروف عنه، فإنّه كان من جهة يدّعي اتّباعه للعبّاسيين، ومن جهة ثانية يمنع أي أمر يمكن أن يؤثّر على استقلاله بالحكم وملك مصر.
المصادر :
(1) صلاح الدين الأيّوبي بين العبّاسيين والفاطميين والصليبيين للسيّد حسـن الأمين: 144. ومن الطريف أنّ (العادل) وهو أخو صلاح الدين ومندوبه الذي فاوض الصليبيين، حاول إغراء ريتشارد قلب الأسد ملك الإنكليز أن يزوّجه أخته، فتتوحّد المصالح وتمتزج الأهداف.(صلاح الدين الأيّوبي بين العبّاسيين والفاطميين والصليبيين: 124- 125 ينقله عن: (الفتح القسي في الفتح القدسي: 290) للعماد الأصفهاني.
(2) انظر في المدن التي نزل عنها صلاح الدين للصليبيين كتاب: (الأعلاق الخطيرة في أمراء الشام والجزيرة): 173- 184، و259 للقاضي صلاح الدين بهاء الدين بن شداد.
(3) أطلس تاريخ الإسلامي: 269 الفصل الثاني عشر.
(4) يقول المقدسي، المعروف بـ(أبي شامة)، في (كتاب الروضتين في أخبار الدولتين - أي: النورية والصلاحية ــ: 160 في أخبار سنة 564هـ) ــ: ((فأرسل الخليفة العاضد إلى صلاح الدين، يأمره بالحضور في قصره ليخلع عليه الوزارة، ويولّيه بعد عمّه)). ويقول ابن شدّاد في (النوادر السلطانية في ذكر وفاة أسد الدين ومصير السلطان إليه): ((وشكر- أي: صلاح الدين - نعمة ربّه، فتاب عن الخمر، وأعرض عن أسباب اللهو)). ويذكر ذلك أيضاً: ابن العديم في (زبدة الحلب في تاريخ حلب 2: 328 موت أسد الدين)، وأبو الفداء في تاريخه، والذهبي في (سير أعلام النبلاء 21: 282[282] صلاح الدين وبنوه)، وسواهم، ويعلّق السيّد حسن الأمين على ذلك بقوله: ((وإذا كان هؤلاء قد اعترفوا، بأنّ صلاح الدين كان سِكّيراً مدمناً على الخمر قبل تولّيه الوزارة، فالله وحده يعلم هل تاب أو لا؟!)). انظر: صلاح الدين الأيّوبي بين الفاطميين والعبّاسيين والصليبيين للسيّد الأمين: 185 - 186.
(5) للوقوف على تفاصيل المراسلات بين الخليفة الناصر العبّاسي وبين صلاح الدين، يراجع كتاب (الفتح القسّي في الفتح القدسي) لعماد الدين الأصفهاني، الذي كان من حاشية صلاح الدين ومن أقرب المقرّبين إليه، وكان يرافقه في حلّه وترحاله، ويسجل ما يحلو له تسجيله من وقائع وأحوال صلاح الدين.
(6) صلاح الدين الأيّوبي بين العبّاسيين والفاطميين والصليبيين للسيّد الأمين: 117- 118.
(7) الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية 1: 228 لعبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي، المعروف بـ(أبي شامة). وذكر مثله ابن الأثير وابن النديم وسواهما من المؤرّخين.
(8) صلاح الدين الأيّوبي بين العبّاسيين والفاطميين والصليبيين للسيّد حسـن الأمين: 158 ــ159.
(9) صلاح الدين الأيّوبي بين العبّاسيين والفاطميين والصليبيين للسيّد حسـن الأمين: 118.
(10) انظر: نص الرسالة في كتاب العماد الأصفهاني المتقدّم ذكره.
(11) للوقوف على تفاصيل مفاوضات صلاح الدين مع الصليبيين وصولاً إلى عقد الهدنة وإحلال السلام بينهما، ورسائل صلاح الدين إلى الخليفة الناصر يمكن الـرجوع إلى كتاب: (الفتح القسّي في الفتح القدسي: 316) لعماد الدين الأصفهاني.
(12) صلاح الدين الأيّوبي بين العبّاسيين والفاطميين والصليبيين للسيّد حسـن الأمين: 122- 123.
(13) للوقوف على تفاصيل هذه الحروب التي انتهت بهزيمة البيزنطيين، يمكن العودة إلى كتاب (المعزّ لدين الله) للأُستاذين: الدكتور حسن إبراهيم حسن والدكتور طه أحمد شرف، وكتاب (المجالس والمسايرات) للنعمان بن محمّد، وكتاب (خطط الشام) للمقريزي، وكتاب ابن القلانسي في ذيل تاريخ دمشق.
(14) انظر الموسوعة اليهودية 14: 669 التي افتتحت هذا الكلام بقولها: (كان موقف صلاح الدين من اليهود والمسيحيين شديد التسامح).
(15):Zeitlin, Mimonades 178.
(16) الدكتور الطرابيشي: (معجم الفلاسفة): 32.
(17) صلاح الدين الأيّوبي بين العبّاسيين والفاطميين والصليبيين للسيّد حسـن الأمين: 130.
(18) صلاح الدين الأيّوبي بين العبّاسيين والفاطميين والصليبيين للسيّد حسـن الأمين: 130- 131.
(19) صلاح الدين الأيّوبي بين العبّاسيين والفاطميين والصليبيين للسيّد حسـن الأمين: 130- 131.
(20) صلاح الدين الأيّوبي بين العبّاسيين والفاطميين والصليبيين للسيّد حسـن الأمين: 131- 132.
(21) مجلة (الثقافة) العدد 462، انظر: صلاح الدين الأيّوبي بين العبّاسيين والفاطميين والصليبيين للسيّد حسـن الأمين: 164.
(٢٢) انظر: تاريخ الطبري 3: 103 أحداث سنة 15 للهجرة.