0
اضطراب تعدد الشخصيات هي حالة تصيب الشخص نتيجة حادث ما أو نتيجة خلل نفسي، تجعل المصاب بها يصدّق بأن له شخصيتين مختلفتين ومتناقضتين تماماً عن بعضهما، تؤثران على سلوكه وأفعاله وانفعالاته حسب الشخصية التي تسيطر عليه، وقد أبدعت هوليوود باستثمار هذا المرض لصالحها عبر العديد من الأفلام الرائعة التي جسّدته بشكل فلسفي نفسي عميق ومبدع، مع القليل من الكوميديا، لعلّ آخرها كان فيلم Split الذي صدر في العام الماضي، لن أخوض في فيلم سبليت الآن وغنمًا يمكنك قراءة المراجعة الشاملة عنه من هنا.
وإليكم هذه القائمة من أفلام اضطراب تعدد الشخصيات الشهيرة والتي تستحق المشاهدة.
Me, Myself And Irene
عندما يجتمع الأخوة فاريلي غريبي الأطوار على أمر ما، عندها ستعرف أنك على موعد مع نص متماسك مليء بالفكاهة الوقحة، السوداء والمواقف غير اللائقة و المحرجة، و بالتالي كانت هذه فرصة مثالية لـ جيم كيري، سمحت له بتقديم ما هو بارع في أداءه فعلاً، حيث خلق أكثر شخصياته طرافة الى جانب فليتشر ريد و لويد كريسماس.
يلعب كيري دور ضابط شرطة لطيف للغاية، لدرجة لا تصدق، تم استغلال لطفه لعدد لا يحصى من المرات طوال حياته، سنوات من الغضب المكبوت أخيراً تم إطلاقها، إضافة إلى إنه يعاني من انهيار عصبي تسببت به زوجته بعد خيانتها له، وبذلك ظهر هانك، شخصية بديلة وقحة و عنيفة، هانك لن يوقفه شيء للوصول إلى ما يريد ويستمتع بالانتقام من الأشخاص الذين قاموا بإيذاء تشارلي.
عندما يتم إعطاءه مهمة سهلة على ما يبدو لمرافقة امرأة يزعم أنها ارتكبت جرماً ما، تتوضح الامور وهي ليست كما كانت تبدو، سرعان ما يجدون أنفسهم هاربين من ضباط الشرطة الفاسدين الذين يقودهم حبيب المرأة السابق. وظهور هانك الدائم في الأوقات غير المناسبة لا يساعد في حل هذه المشكلة أبداً. هذه الكوميديا سريعة الخطى سمحت لـ كيري باستغلال موهبته على أكمل وجه، و قد تم ذلك من خلال تجسيد التحولات الرائعة بين الشخصيتين، من تشارلي حسن النية إلى هانك الشرير، ويبدو أنه يعيش بتمرد، كيري تصرّف على طبيعته واستطاع ببراعته حقاً امتلاك الفيلم.
Identity
قبيل تنفيذ حكم الإعدام على المتهم، اتضح أن هنالك بعض الأدلة الجديدة التي ينبغي أخذها بالحسبان، وبالتالي يجب تأجيل حكم الاعدام وذلك لأن المتهم يدّعي أنه مصاب بالجنون. ويستعرض الفيلم أيضًا قصة موازية عن عشرة أشخاص انقطعت بهم السبل في موتيل في صحراء نيفادا أثناء عاصفة ممطرة غزيرة. ومن المتوقع أن يبدأ مجهول ما بقتل ضيوف الموتيل.
هل القصتان مرتبطتان؟ وكيف؟ هل القتل له علاقة بالرجل الذي ينتظر إعدامه؟ ستتم الإجابة على جميع هذه الأسئلة خلال تسعين دقيقة مليئة بالتوتر والأكشن، ومع أن النهاية قد تكون مخيبة للآمال، لكن لابد من ذكر أن أداء الممثلين كان رائعاً.
مع أن المجنون المذكور يظهر في بداية ونهاية الفيلم فقط، سيمنحك الفيلم جولة ضمن جميع أزقة عقله قبل انتهاء الأحداث. بعض الممثلين الآخرين قدموا أداءً رائعاً فعلاً، من بينهم جون كوزاك وراي ليوتا. هذا الفيلم ليس نجاحاً مقتصراً على ممثل واحد، فالموهبة تظهر جلية على نطاق واسع في جميع المشاهد. بينما تبدأ الأجزاء بالترابط مع بعضها البعض، تبدو الشخصيات أكثر غرابة، ومع أن ذلك متوقع، النتيجة تظهر أداءً تمثيلياً رائعاً من جميع الممثلين المشاركين. قد تستطيع توقع كل الأحداث قبل نهاية الفيلم، لكن عيونك ستبقى ملتصقة بالشاشة على أية حال.
Shutter Island
في تعاونه الرابع مع مارتن سكورسيزي، يلعب دي كابريو دور مارشال أمريكي، مكلف بالتحقيق في اختفاء مجرمة من مصحة عقلية. مع تزايد الأشياء الغريبة التي تحصل، لا يحصل دي كابريو على أية مساعدة من الأطباء، مما يجعله يشكك بكل الناس وكل الأشياء وحتى يبدأ بالتشكيك بنفسه.
إن الفيلم نجاح رائع ل دي كابريو. لقد كان أداءه قوي و مقنع ولكن مرة أخرى، تم إفساد النهاية بأحداث متوقعة. الفيلم يصور بنجاح الرجل المدمر عاطفياً الذي يقوم بالتحقيق لأسباب شخصية، وكان قادراً على خلق حالة توازن جميلة بين الابتسامة المتعجرفة ونظرة اليأس الحقيقي عندما يدرك أن عالمه يتدهور.
قام ليو بإنقاذ هذا الفيلم من كونه فيلم تشويق نفسي أقل من عادي يتمتع بتصوير رائع و تصميم مميز. منذ أول لقطة في الحمام إلى أخر لقطة حيث يختار بهدوء قدره، دي كابريو هو قلب هذا الفيلم.
The Machinist
إن تفاني كرستيان بيل الرائع في التمثيل قد أصبح معروفًا فعلاً، لكنه تخطى كل التوقعات في هذا الفيلم، حيث قام بانقاص وزنه إلى 55 كيلوغراماً من أجل لعب دور عامل في مصنع، مصاب باضطراب نفسي، يبدأ بالشعور بوجود عزلة غريبة بينه وبين زملائه في العمل. منخرطاً في علاقات مع فتيات الهوى، ومهووساً بنادلة شابة، يصبح مقتنعاً أن أحدهم يريد قتله ويبدأ بتجميع الأدلة.
على أية حال، يبدو القاتل دائماً متقدماً عليه بخطوة، بينما هو يغرق أعمق وأعمق في حفرة الشك الجنوني. سيكون عليه مواجهة أكبر مخاوفه من أجل الإجابة على الأسئلة التي تتعب عقله. بفضل الإخراج الذكي، استطاع بيل استغلال موهبته الرائعة لإظهار تعقيد شخصيته المتضارب.
فقط من يملك مهارته يستطيع أن يقدم مجموعة واسعة من المشاعر في شخصية مأخوذة مباشرة من أعمال دوستويفسكي. على الرغم من أن الفيلم قصير نسبياً، فهو يأخذنا في جولة عبر واقع تريفور ريزنيك غير الحقيقي. يظهر كرستيان بيل مرة جديدة موهبته الرائعة، التي شكلت قوة دافعة حقيقية في هذا الفيلم، مما جعل الفيلم مشهوراً على الرغم من أنه ليس من أنواع الأفلام المفضلة في هوليوود.
Primal Fear
أصبح إدوارد نورتون مشهوراً جداً في فترة قصيرة من الزمن خلال النصف الثاني من التسعينيات، وقدم الكثير من العروض الرائعة، ولم يكن دوره الأول استثناءً، فقد لعب دور خادم وديع في كنيسة، يتهم بقتل المطران. أثارت قضيته اهتمام المحامي، الذي يقبل بالعمل لصالحه مجاناً، قابلاً هذا التحدي للفوز في قضية تبدو شبه مستحيلة. تبين فيما بعد أن الصبي اللطيف، المنطوي على ذاته كان ضحية للمطران، الذي كان يبدو إنسانياً محترماً، لكن خلف الستار هو متحرش بالأطفال.
آرون يفقد الوعي بين الحين والآخر حيث تظهر شخصيته الثانية الغريبة العنيفة – روي – التي تتحكم ب آرون الذي يصبح غير قادر على تذكر أي شيء قام بفعله. أثناء مشاهدة تحولات نورتون، لا يمكن للمرء أن يتوقع أن هذا هو دوره الأول، حيث أظهر أنه قوة لا يستهان بها في السنوات التالية، استطاع جعل الجمهور يلاحظ تقلباته المزاجية المفاجئة وتحوله من الشخص الوديع إلى شخص تقشعر له الأبدان في بضع ثواني. إن تمثيله الرائع جعل منه نجماً، فقد تم ترشيح نورتون للأوسكار بعد دوره في هذا الفيلم، لكنه للأسف لم يحصل عليها.
Secret Window
يعود جوني ديب بأداء رائع في قصة مبنية على مصدر أدبي للكاتب ستيفن كينغ. يتمتع هذا الفيلم بشخصية مركزية قوية، مورت ريني، كاتب مشهور سابقاً، يجد نفسه في مشكلة عندما يتهمه رجل غريب بأنه “سرق قصته”، ويصبح عنيفاً على نحو متزايد مع مرور الوقت.
إن الأدوار غير المتوازنة وغير المستقرة عقلياً ليست بشيء غريب على جوني ديب، حيث يلعب دور رجل يبدأ بالشك بنفسه عندما يبدأ بربط الأمور بين نفسه وزائره الغامض. الأجوبة التي يجدها في نهاية المطاف ليست سارة للغاية، ولكن إنه لأمر لطيف مشاهدة جوني ديب يتقبل مرضه وواقعه المخيف، وبذلك يجبر المشاهدين على إلقاء نظرة على روح الكاتب، الذي زاد اهتمامهم به مع تصاعد أحداث الفيلم.
للأسف، في حين أن ديب كان رائعاً، فشل الفيلم بحد ذاته بإيصال حبكته المُفاجئة للمشاهدين، وترك لنا كالمعتاد نهاية متوقعة. على أية حال مع أن النهاية سيئة، كان معجبو جوني ديب راضين لرؤيته يقدم أداءً رائعاً في دور كهذا، فهو كان مناسب جداً لهذا الفيلم.
Fight Club
بعد أكثر من 18 عاماً على عرضه، مازال فيلم Fight Club يعتبر أحد روائع كلاسيكيات هوليود لدرجة أن مؤلف الكتاب الذي تم بناء أحداث الفيلم على أساسه، تشاك بولانيك، صرّح أن هذا العمل أفضل من الكتاب.
أسباب نجاح الفيلم كثيرة، لكن السبب الرئيسي يرجع بالتأكيد لطاقم العمل والممثلين الذين أجادو أدوارهم ببراعة، وبالأخص إدوارد نورتون، أحد أفضل الممثلين وأكثرهم طلباً في تلك الفترة. يمكننا تجسيد براعة نورتون بأنه كالمسمار الرئيسي في آلة صنع الأفلام الأميركية.
الكثير من التطورات تحدث لحياة إدوارد طوال فترة عرض الفيلم، منذ أن التقى بذلك الرجل في الطائرة، والذي يؤدي دوره براد بيت ببراعة مذهلة، ليقرر نورتن حينها أنه سيعيش حياته من جديد وليأخذنا في رحلة إبداعية من التقلبات النفسية على طول هذه الأحداث، الذي يمكننا أن نعتبر أن كل سطر وكل جملة منها هي اقتباس صافي من الاقتباسات العميقة والهادفة.
نورتون بشكل عام يبدو كشخصية السايكوباث، وقد جاء مناسباً جداً لشخصية “تايلر” الذي عززت من قوة تلك الشخصية لديه ورفعت من رصيده التمثيلي كثيراً، لينتج لنا أحد أجمل كلاسيكيات القرن العشرين.