(عنترة ابن شداد)
قفْ بالديار وصحْ إلى بيداها ***** فعسى الديار تجيبُ منْ ناداها
دارٌ يفوحُ المِسْك من عَرَصاتِها ***** والعودُ والندُّ الذكيُّ جناها
دارٌ لعبلة َ شَطَّ عنْكَ مَزارُها***** ونأْتْ لعمْري ما أراكَ تراها
ما بالُ عيْنِكَ لا تملُّ من البُكا***** رمدٌ بعينكَ أمْ جفاكَ كراها
يا صاحبي قفْ بالمطايا ساعة ً***** في دَار عبْلة سائلاً مغْناها
أم كيفَ تسأل دمنة ً عادية َ***** سفت الجنوبُ دمائها وثراها
يا عبلَ قد هامَ الفُؤَادُ بذِكْركم***** وأرى ديوني ما يحلُّ قضاها
يا عَبلَ إنْ تبكي عليَّ بحُرْقَة ٍ***** فلطالما بكتِ الرجالُ نساها
يا عَبْلَ إني في الكريهة ِ ضَيْغَمٌ ***** شَرسٌ إذا ما الطَّعْنُ شقَّ جباها
وَدَنَتْ كِباشٌ من كِباشٍ تصْطلي ***** نارَ الكريهة ِ أوْ تخُوضُ لَظاها
ودنا الشُّجاعُ من الشُّجاع وأُشْرعَتْ***** سمر الرماح على اختلافِ قناها
فهناك أطعنُ في الوغى فرْسانها**** طَعْناً يَشقُّ قُلوبَها وكُلاها
وسلي الفوارس يخبروكِ بهمتي**** ومواقفي في الحربِ حين أطاها
وأزيدها من نار حربي شعلة ً**** وأثيرها حتى تدورَ رحاها
وأكرُّ فيهم في لهيب شعاعها **** وأكون أوَّل وافدٍ يصلاها
وأكون أول ضاربٍ بمهندٍ***** يفري الجماجمَ لا يريدُ سواها
وأكون أولَّ فارسٍ يغشى الوغى**** فأقود أوَّل فارسِ يغْشاها
والخيلُ تعْلم والفوارسُ أنني **** شيخ الحروب وكهلها وفتاها
يا عبلَ كم منْ فارس خلَّيْتُهُ***** في وسْطِ رابية ٍ يَعُدُّ حصاها
يا عبلُ كم من حرَّة ٍ خلَّيتُها***** تبكي وتنعي بعلها وأخاها
يا عبلُ كم من مُهرة ٍ غادرتُها***** من بعد صاحبها تجرُّ خطاها
يا عبلُ لو أني لقيتُ كتيبة ً***** سبعين ألفاً ما رهبت لقاها
وأنا المنَّية وابن كلِّ منية ٍ***** وسواد جلدي ثوبها ورداها